الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفرع الثالث
ألا يكون اللقيط في يد واحد منهما
[م-2063] إذا تنازع الرجلان على اللقيط، وكل واحد يدعي أنه التقطه قبل الآخر، ولم يكن لأحدهما بينة، ولم يكن اللقيط في يد واحد منهما فقد اختلف العلماء في هذه المسألة على النحو التالي:
القول الأول:
إن وصف أحدهما علامة مستورة في جسده، قدم بذلك، وحكم له، فإن استويا في الوصف أو في عدمه أقرع بينهما، وهذا مذهب الحنابلة.
ويمكن تخريجه على قول الحنفية فيما لو ادعى نسبه اثنان فذكر أحدهما علامة في جسده فإنه يقضي له بذلك
(1)
.
جاء في الهداية: «وإن ادعاه اثنان، ووصف أحدهما علامة في جسده فهو أولى به؛ لأن الظاهر شاهد له لموافقة العلامة»
(2)
.
وجاء في كشاف القناع: «وإن لم يكن لهما يد فوصفه أحدهما بعلامة مستورة في جسده، بأن يقول: بظهره أو بطنه أو كتفه أو فخذه شامة أو أثر جرح أو نار، ونحوه فكشف، ووجد كما ذكر قدم على من لم يصفه به؛ لأن
(1)
فتح القدير لابن الهمام (6/ 112)، المبسوط (17/ 129)، بدائع الصنائع (6/ 253)، الهداية شرح البداية (2/ 415)، الاختيار لتعليل المختار (3/ 30)، الإنصاف (6/ 445)، المبدع (5/ 300)، مطالب أولي النهى (4/ 253).
(2)
الهداية شرح البداية (2/ 415).
هذا نوع من اللقطة فقدم بوصفها كلقطة المال؛ ولأنه يدل على سبق يده عليه فإن وصفاه جميعا بما تقدم أقرع بينهما؛ لانتفاء المرجح لأحدهما على الآخر»
(1)
.
° وجه القول بتقديم صاحب العلامة:
الوجه الأول:
القياس على لقطة المال، فإن اللقيط نوع من اللقطة، وإذا كان النبي عليه السلام قد قضى في اللقطة لمن عرف وعاءها وعفاصها، فهذا مثله، وقد قدمنا في باب اللقطة الخلاف في دفعها بالعلامة دون البينة، وذكرنا أدلتهم هناك، فأغنى عن إعادتها هنا، والله أعلم.
الوجه الثاني:
أن وصف العلامة المستورة دليل على سبق يده عليه، والله أعلم.
القول الثاني:
اختار بعض الحنابلة إلى عدم الترجيح بالوصف.
° وجه هذا القول:
القياس على ما إذا ادعيا عينًا، ووصف أحدهما فيها علامات خفية
(2)
.
ونوقش هذا:
بأن قياس اللقيط على اللقطة أولى من قياس اللقيط على غيره من الأعيان،
(1)
كشاف القناع (4/ 231).
(2)
الإنصاف (6/ 445).
على أن مدعي العين إذا وصفها وصفًا مطابقًا، وأخفق الآخر في وصفها كان ذلك قرينة على صدق الوصف، والله أعلم.
القول الثالث:
إن تنازعاه، ولم يكن في يد واحد منهما فهو كما لو وجداه معًا، وتشاحا في حفظه، فيجعله الحاكم عند من يراه منهما، أو من غيرهما، وهذا مذهب الشافعية
(1)
.
° وجه هذا القول:
أن الالتقاط لا يثبت إلا بالأخذ باليد، وإذا لم يكن اللقيط في يد واحد منهما لم يثبت الالتقاط لواحد منهما، فيضعه القاضي حيث يراه أنفع وأحظ للقيط، والله أعلم.
° الراجح:
أن القضاء بالعلامات تدل على صدق دعوى أن اللقيط كان في يده قبل أن ينزع منه، والله أعلم.
* * *
(1)
روضة الطالبين (5/ 442).