الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني
في دعوى المرأة الحرة نسب اللقيط
[م-2072] اختلف العلماء في دعوى المرأة الحرة نسب اللقيط على ثلاثة أقوال:
القول الأول:
إذا ادعته المرأة لم تصدق إلا ببينة، وهذا مذهب الحنفية، والشافعية في الأصح، ورواية في مذهب الحنابلة
(1)
.
قال الحنفية: إلا أن يصدقها زوجها، أو تشهد لها القابلة
(2)
.
قال ابن نجيم: «المدعي لو كان امرأة ادعت أنه ابنها فإن صدقها زوجها، أو شهدت لها القابلة، أو قامت البينة صحت دعوتها وإلا فلا»
(3)
.
وفي تحفة المحتاج: «وإن استلحقته امرأة لم يلحقها في الأصح؛ لإمكان إقامة البينة بمشاهدة الولادة بخلاف الرجل، وإذا أقامتها لحقها»
(4)
.
(1)
المبسوط (10/ 217)، بدائع الصنائع (6/ 253)، حاشية ابن عابدين (4/ 272)، تحفة المحتاج (6/ 361)، مغني المحتاج (2/ 427)، أسنى المطالب (2/ 502)، حاشية الجمل (3/ 450)، نهاية المحتاج (5/ 463)، نهاية المطلب (8/ 555، 5556)، الإنصاف (6/ 453، 454)، المغني (6/ 44 - 45).
(2)
حاشية ابن عابدين (4/ 272)، البحر الرائق (5/ 157)، حاشية الشلبي على تبيين الحقائق (3/ 299).
(3)
البحر الرائق (5/ 157).
(4)
تحفة المحتاج (6/ 361).
° دليل هذا القول:
الدليل الأول:
حكي بعض أهل العلم الإجماع على أن دعوى المرأة لا تقبل إلا ببينة، قال ابن المنذر:«وأجمعوا على أن المرأة لو ادعت أنه ابنها لم يقبل قولها»
(1)
.
وفي دعوى الإجماع نظر كبير.
الدليل الثاني:
أن هناك فرقًا بين دعوى الرجل والمرأة، فالرجل تقبل منه الدعوى بلا بينة ذلك أن النسب في جانب الرجل مما لا يدرك موجبه ومقتضيه؛ فمست الحاجة إلى إثباته بمجرد الدعوى، وأما المرأة فهي قادرة على إثبات الولادة بالبينة وذلك عن طريق مشاهدة الحمل والولادة ولو عن طريق القابلة، فردت إلى قاعدة القياس، ولم يثبت الانتساب إليها بالولادة لمجرد دعواها.
الدليل الثالث:
أن الزوج قد يتضرر بهذه الدعوى، فلا يقبل قولها فيما يلحق الضرر لغيرها إلا ببينة تشهد لها.
القول الثاني:
إذا ادعته المرأة الحرة، فينظر فإن كانت المرأة ذات زوج لم تقبل دعواها إلا ببينة، وإن كانت خالية من الزوج قبلت دعواها، وهو وجه في مذهب الشافعية، ورواية في مذهب الحنابلة.
(1)
الإجماع (ص: 131).
وألحق الحنابلة بذات الزوج في وجوب البينة المرأة إذا كان لها إخوة ونسب معروف، فإنها لا تصدق إلا ببينة
(1)
.
° حجة هذا القول:
أن المرأة إذا لم تكن ذات زوج قبلت دعواها بلا بينة كالرجل؛ حيث لا ضرر يقع على زوجها، ولأنها قد تلد حيث لا يشهدها نسوة معتمدات من أهل قبول الشهادة، وأما إن كانت ذات زوج لم تقبل دعواها بلا بينة أو رضا الزوج؛ لأن في ذلك إضرارًا بالزوج بكون امرأته قد وطئت بزنا أو شبهة.
القول الثالث:
إذا ادعته المرأة الحرة قبلت دعواها، ولحقه نسبها، وهو الصحيح من مذهب الحنابلة، ووجه في مذهب الشافعية، وقول ابن حزم من الظاهرية
(2)
.
قال في الإنصاف: «وإن أقرت به امرأة ألحق بها هذا المذهب، وعليه الأصحاب. قال الحارثي: هذا المذهب عند الأصحاب»
(3)
.
فعلى هذه الرواية يلحق بها دون زوجها؛ لأنه لا يجوز أن يلحقه نسب ولد لم يقر به.
° وجه هذا القول:
أن المرأة أحد الأبوين، فيثبت النسب بدعواها، كالأب، ولأنه يمكن أن
(1)
روضة الطالبين (438)، المهذب (1/ 437)، نهاية المطلب (8/ 556)، المغني (6/ 44).
(2)
الإنصاف (6/ 453)، المغني (6/ 44)، شرح منتهى الإرادات (2/ 393)، كشاف القناع (4/ 235)، مطالب أولي النهى (4/ 258).
(3)
الإنصاف (6/ 453).
يكون منها، كما يمكن أن يكون ولد الرجل، بل أكثر؛ لأنها تأتي به من زوج، ووطء بشبهة، ويلحقها ولدها من الزنا دون الرجل
…
(1)
.
° الراجح:
أميل إلى أن الإقرار من المرأة يلزمها، ولا يلزم زوجها، فإن أهلية المرأة كاملة لقبول إقرارها على نفسها، والله أعلم.
* * *
(1)
المغني (6/ 44).