الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل السادس
في ضمان اللقطة
المبحث الأول
في ضمان اللقطة قبل تملكها
الفرع الأول
في ضمانها إذا التقطها للتعريف أو للحفظ
[م-2009] إذا أخذ الملتقط اللقطة سواء أخذها لتعريفها عند القائلين بوجوب التعريف، وهم الجمهور
(1)
.
أو أخذها بنية الحفظ لصاحبها على القول بأن التعريف لا يجب إلا إذا أخذها بنية التملك بعد التعريف وهم الشافعية
(2)
،
فإن اللقطة أمانة في يده غير
(1)
مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (1/ 705)، الشرح الكبير (4/ 120)، الشرح الصغير مع حاشية الصاوي (4/ 170)، منح الجليل (8/ 231)، بداية المجتهد (2/ 231)، القوانين الفقهية (ص: 224)، أسنى المطالب (2/ 491)، نهاية المطلب (8/ 449).
واستثنى المالكية ضالة الغنم إذا وجدها في الصحراء، ولم يتيسر حملها، ولا سوقها للعمران، فله أكلها، ولا يعرفها، وقد سبق بحث هذه المسألة، انظر حاشية الدسوقي (4/ 122)، الشرح الصغير مع حاشية الصاوي (4/شرح الخرشي (7/ 127)، المقدمات الممهدات (2/ 480)، منح الجليل (8/ 240) ..
(2)
المهذب (1/ 430)، نهاية المطلب (8/ 449)، البيان في مذهب الإمام الشافعي (7/ 525)، روضة الطالبين (5/ 406)، أسنى المطالب (2/ 491)، الوسيط (4/ 296).
واستثنى الشافعية ضالة الإبل إذا وجدها في الصحراء فلا يجوز التقاطها للتملك عند الشافعية، ويجوز التقاطها للحفظ في الأصح عندهم، وإذا كان لا سبيل إلى تملكها، لم يجب تعريفها على المشهور؛ لأن التعريف للتملك.
مضمونة عليه أثناء القيام بتعريفها أو أثناء حفظها لصاحبها، وهو قول الأئمة الأربعة على خلاف بينهم فيما إذا ادعى الملتقط أنه أخذها للحفظ، وكذبه المالك.
فذهب أبو حنيفة ومحمد بن الحسن إلى أن المالك إذا كذب الملتقط صار ضامنًا إلا أن يشهد عند أخذ اللقطة فلا ضمان عليه خلافًا لأبي يوسف.
وعند الجمهور تعرف نية الملتقط من جهته، فإذا قال الملتقط: إنه أخذها لا لنفسه، وإنما أخذها بنية تعريفها أو حفظها لصاحبها فالقول قوله؛ لأن نيته لا تعلم إلا من جهته، وسبق بحث هذه المسألة.
(1)
.
وقال ابن جزي: «وإن أخذها ليحفظها لمالكها، أو ليتأملها فهو أمين، ولا ضمان عليه»
(2)
.
وقال القرافي: «إذا أخذ اللقطة صارت في يده أمانة كالوديعة»
(3)
.
(1)
الهداية في شرح البداية (2/ 417).
(2)
القوانين الفقهية (ص: 224).
(3)
الذخيرة (9/ 107).
وقال ابن رشد: «العلماء اتفقوا على أن من التقطها وأشهد على التقاطها فهلكت عنده أنه غير ضامن، واختلفوا إذا لم يشهد:
فقال مالك، والشافعي، وأبو يوسف، ومحمد بن الحسن: لا ضمان عليه إن لم يضيع، وإن لم يشهد.
وقال أبو حنيفة، وزفر: يضمنها إن هلكت ولم يشهد.
واستدل مالك والشافعي بأن اللقطة وديعة فلا ينقلها ترك الإشهاد من الأمانة إلى الضمان»
(1)
.
وجاء في البيان في مذهب الإمام الشافعي: «وإذا التقط الرجل لقطة بنية التملك بعد التعريف، أو بنية الحفظ على صاحبها فإن اللقطة أمانة في يده مدة التعريف؛ لأن الحظ في التعريف لصاحبها، فهي كالوديعة. فإن تلفت في يده، أو نقصت من غير تفريط فلا ضمان عليه»
(2)
.
وقال إمام الحرمين: «الملتقط وإن قصد التملك بعد السنة، فاللقطة أمانة في يده إذا لم يتعد»
(3)
.
وقال ابن قدامة: «واللقطة مع الملتقط قبل تملكها أمانة، عليه حفظها بما يحفظ به الوديعة»
(4)
.
وبهذه النصوص عن الأئمة الأربعة علمنا أن اللقطة أمانة، إلا أنها أمانة بلا عقد من المالك، وإنما كان أمينًا بإذن الشارع له بأخذ المال، وذلك أن
(1)
بداية المجتهد (2/ 231).
(2)
البيان للعمراني (7/ 532).
(3)
نهاية المطلب في دراية المذهب (8/ 447).
(4)
الكافي لابن قدامة: (2/ 356).
الأمانات على قسمين:
القسم الأول: أمانة بعقد: وهذا على نوعين أيضًا.
الأول: ما كانت الأمانة أصالة في العقد كالوديعة.
الثاني: ما كانت الأمانة فيه تابعة للعقد، وليست أصيلة فيه، كالعين المؤجرة في يد المستأجر، ومال الموكل في يد وكيله، ومال القاصر في يد وصيه، ومال الشريك في يد شريكه، والعين المرهونة في يد المرتهن، ونحو ذلك.
القسم الثاني: أمانة بلا عقد، كاللقطة في يد الملتقط، والأب والجد إذا وليا مال الصغير، فهو أمين، وأمانته بإذن من الشرع، وما كان بإذن الشارع فهو أقوى من إذن المالك؛ لأن تصرف المالك في ملكه متوقف على إذن الشارع.
وإذا خلصنا بأن اللقطة أمانة في يد الملتقط فإن الأمين لا يضمن إلا بالتعدي: بأن يفعل ما ليس له فعله، أو يفرط: بأن يترك ما يجب عليه فعله.
والدليل على هذا:
قال ابن بطال: «ولا خلاف أن الملتقط أمين لا يضمن إلا بما تضمن به الأمانات من التعدي والتضييع»
(1)
.
وقال ابن عبد البر: «لا خلاف أن الملتقط أمين لا ضمان عليه إلا بما تضمن به الأمانات من التعدي والتضييع والاستهلاك»
(2)
.
ولأن الأمين لو ضمن مطلقًا لامتنع الناس من قبول الأمانات، وهذا فيه مضرة بالناس.
* * *
(1)
شرح البخاري لابن بطال (6/ 565).
(2)
الاستذكار (7/ 251).
الفرع الثاني
في ضمان اللقطة إذا أخذها لنفسه
أخذ اللقطة للتملك بلا تعريف بمنزلة الغصب.
[م-2010] إذا أقر الملتقط أنه أخذ اللقطة لنفسه، لا لتعريفها، ولا لحفظها لصاحبها فإنه يضمنها لصاحبها مطلقًا حتى ولو لم يتعد أو يفرط، وهذا بالاتفاق؛ لأنه اجتمع في هذا القصد المحرم والفعل المقارن له
(1)
.
قال في الهداية: «ولو أقر أنه أخذها لنفسه يضمن بالإجماع؛ لأنه أخذ مال غيره بغير إذنه، وبغير إذن الشرع»
(2)
.
(3)
.
وقال الخرشي: «الملتقط لما رأى اللقطة فقبل أن يضع يده عليها نوى أن يأكلها، فلما وضع يده عليها وحازها تلفت من عنده بغصب أو بغيره فإنه يكون
(1)
البحر الرائق (5/ 163)، المبسوط (11/ 11)، بدائع الصنائع (6/ 201)، الشرح الكبير (4/ 121)، الخرشي (7/ 126)، القوانين الفقهية (ص: 224)، الذخيرة (9/ 105)، مغني المحتاج (2/ 412)، البيان في مذهب الإمام الشافعي (7/ 533)، نهاية المطلب (8/ 450)، أسنى المطالب (2/ 491)، الإنصاف (6/ 406)، المغني (6/ 11).
(2)
الهداية شرح البداية (2/ 417).
(3)
القوانين الفقهية (ص: 224).
ضامنًا لها بتلك النية؛ لأنه صار كالغاصب حين وضع يده عليها بتلك النية، ومن باب أولى الضمان لها إذا حدث له نية أكلها قبل السنة بعد أن وضع يده عليها»
(1)
.
(2)
.
* * *
(1)
شرح الخرشي (7/ 126).
(2)
المغني (6/ 11).