الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني
في ولاية الملتقط على اللقيط
المبحث الأول
في الولاية على اللقيط نفسه
[م-2044] اختلف العلماء في تصرفات الملتقط على اللقيط، هل تصرفه بحكم الولاية كولاية اليتيم، أو بحكم الأمانة كالوديعة القائمة على الحفظ؟
والفرق بينهما: أن الولاية أقوى من الأمانة، فالأولى متلقاة من الشرع، والثانية من العبد، وإذا قلنا: تصرف الملتقط بموجب الولاية جاز له عقد نكاحه، والاتجار بماله بيعًا وشراء، وتأجيره، وكل تصرف يكون فيه مصلحة للقيط، ولا تصح هذه الأفعال بحكم الأمانة القائمة على الحفظ فقط.
إذا علم ذلك نقول: اختلف العلماء في ولاية الملتقط على اللقيط على قولين:
القول الأول:
لا ولاية للملتقط على اللقيط لا في نفسه ولا في ماله، والولاية عليه للقاضي؛ لأنه ولي من لا ولي له، وهذا مذهب الحنفية والمالكية، والشافعية
(1)
.
(1)
فتح القدير لابن الهمام (6/ 111، 116)، المبسوط (10/ 213)، تحفة الفقهاء (3/ 352)، بدائع الصنائع (6/ 199)، الاختيار لتعليل المختار (3/ 31)، الهداية شرح البداية (2/ 416)، الحاوي الكبير (8/ 52)، المهذب (2/ 313)، الوسيط (4/ 308)، البيان للعمراني (8/ 14)، روضة الطالبين (5/ 427).
قال السرخسي: «ولا ولاية للملتقط على اللقيط، وإنما له حق الحفظ والتربية؛ لكونه منفعة محضة في حقه، وبهذا السبب لا تثبت الولاية»
(1)
.
(2)
.
وقال الماوردي: «لا ولاء على اللقيط لملتقطه، ولا لغيره من المسلمين ما لم يثبت عليه رق»
(3)
.
القول الثاني:
أن للملتقط ولاية على اللقيط، وهو أحد الوجهين في مذهب الشافعية،
(1)
المبسوط (10/ 213).
(2)
تبيين الحقائق (3/ 301).
(3)
الحاوي الكبير (8/ 52).
والمذهب عند الحنابلة
(1)
.
جاء في مطالب أولي النهى: «وله أي لواجده
…
حفظ ماله أي اللقيط بلا حكم حاكم؛ لأنه وليه؛ لقول عمر: ولك ولاؤه .... ولواجده المتصف بما تقدم الإنفاق عليه أي اللقيط مما وجد معه بلا إذن حاكم، لولايته عليه كما لو وصي»
(2)
.
(ث-314) واستدل هؤلاء بما رواه مالك في الموطأ عن ابن شهاب،
عن سنين أبي جميلة رجل من بني سليم، أنه وجد منبوذا في زمان عمر بن الخطاب، قال: فجئت به إلى عمر بن الخطاب، فقال:«ما حملك على أخذ هذه النسمة» ؟ فقال: وجدتها ضائعة فأخذتها، فقال له عريفه: يا أمير المؤمنين إنه رجل صالح، فقال له عمر: أكذلك؟ قال: نعم، فقال عمر بن الخطاب: «اذهب فهو حر ولك، ولاؤه وعلينا نفقته
(3)
.
[صحيح، وسنين أبو جميلة معدود في الصحابة].
وجه الاستدلال:
قال الباجي: «تأول مالك قول عمر لك ولاؤه أي قد جعلت لك أن تتولى تربيته والقيام بأمره وأنت أحق به من غيرك»
(4)
.
(1)
الذخيرة (9/ 136)، روضة الطالبين (5/ 427)، الإنصاف (6/ 433)، المغني (6/ 38)، شرح الزركشي على الخرقي (4/ 353)، كشاف القناع (4/ 229)، مطالب أولي النهى (4/ 248).
(2)
مطالب أولي النهى (4/ 248).
(3)
الموطأ (2/ 738)، ومن طريق مالك رواه الشافعي في مسنده (456).
ورواه الطحاوي في مشكل الآثار (7/ 311) من طريق سفيان، عن الزهري به.
(4)
المنتقى للباجي (6/ 4).
(1)
.
* * *
(1)
المغني (6/ 39).