الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الحادي عشر
في تكرار التعريف
إذا أمرنا بشيء ولم يبين لنا صفته كان متروكًا لعادة الناس.
[م-2001] جاء الحديث المتفق على صحته بتعريف اللقطة سنة، وهذا يقتضي تكرار التعريف؛ لأن السنة كلها ظرف للتعريف بحيث يفعله وقتًا بعد وقت، وقد اختلف العلماء في تكرار التعريف على النحو التالي:
القول الأول: مذهب الحنفية:
في مذهب الحنفية ثلاثة أقوال: أحدها: يعرفها كل جمعة، وقال بعضهم: كل شهر. وقال آخرون: كل ستة أشهر
(1)
.
القول الثاني:
ذكر خليل في مختصره وابن شاس وابن الحاجب والقرافي وغيرهم بأنه يعرفها في كل يومين أو ثلاثة مرة
(2)
.
قال بعض شراح خليل تعليقًا: «(قوله: في كل يومين، أو ثلاثة مرة إلخ) هذا
(1)
البحر الرائق (5/ 164)، حاشية ابن عابدين (4/ 278)، مجمع الأنهر (1/ 705).
(2)
مختصر خليل (ص: 256)، عقد الجواهر الثمينة، جامع الأمهات (ص: 458)، الذخيرة (9/ 109)، الشرح الكبير (4/ 120).
في غير أول زمان التعريف، أما في أوله فينبغي أن يكون أكثر من ذلك ففي كل يوم مرتين، ثم في كل يوم مرة، ثم في كل يومين مرة، ثم في كل ثلاثة أيام مرة، ثم في كل أسبوع مرة كما ذكره شارح الموطأ»
(1)
.
وقال ابن شاس: «يعرفها كل يومين أو ثلاثة، وكلما تفرغ، لا يجب عليه أن يدع التصرف في حوائجه» يعني من أجل التعريف
(2)
.
القول الثالث:
ذهب الشافعية إلى أنه ينادي كل يوم مرتين في طرفيه في الابتداء للتعريف، ثم في كل يوم مرة، ثم في كل أسبوع مرتين، أو مرة، ثم في كل شهر كذلك بحيث لا ينسى أنه تكرار لما مضى
(3)
.
وسكت في الروضة وأصلها عن بيان المدة لهذا التقسيم، وفي مذهب الشافعية قولان:
الأول: يعرف كل يوم مرتين طرفي النهار أسبوعًا، ثم كل يوم مرة إلى أن يتم أسبوع آخر، ثم كل أسبوع مرة أو مرتين إلى أن يتم سبعة أسابيع أخذا مما قبله، ثم في كل شهر مرة ..
(1)
حاشية الدسوقي (4/ 120)، شرح الخرشي (7/ 125)، حاشية العدوي على كفاية الطالب (2/ 280)، حاشية الصاوي على الشرح الصغير (4/ 170 - 171)، منح الجليل (8/ 232).
(2)
عقد الجواهر الثمينة (3/ 990)، وانظر الذخيرة للقرافي (9/ 109)، المنتقى للباجي (6/ 136).
(3)
أسنى المطالب (2/ 492)، روضة الطالبين (5/ 407)، تحفة المحتاج (6/ 334)، حاشيتا قليوبي وعميرة (3/ 122)، مغني المحتاج (2/ 413).
الثاني: يعرف كل يوم مرتين ثلاثة أشهر، وفي مثلها كل يوم مرة، وفي مثلها كل أسبوع مرة، وفي مثلها كل شهر مرة
(1)
والأقرب أن هذا التحديد كله للاستحباب لا الوجوب كما يفهمه ما يأتي أنه تكفي سنة مفرقة على أي وجه كان التفريق
(2)
.
القول الرابع:
في مذهب الحنابلة قولان في صفة تكرار التعريف:
الأول: يعرفها في الأسبوع الأول كل يوم مرة، ولا يجب فيما بعد ذلك متواليًا، بل يعرفها على عادة الناس في ذلك، وعلى هذا أكثر الأصحاب.
الثاني: أن التعريف في الأسبوع الأول مرة كل يوم، ثم مرة في كل أسبوع لمدة شهر، ثم مرة في كل شهر
(3)
.
° الراجح:
الأحاديث جاءت بتعريف اللقطة حولًا كاملًا، ولم يبين في هذه الأحاديث صفة التعريف، وتقدير التكرار يحتاج إلى توقيف، فكان هذا متروكًا لعادة الناس في التعريف، والأقوال متفقة على أن تعريفها في الأيام الأولى أكثر من غيرها، وهذا معقول المعنى؛ لأن صاحبها يطلبها في هذه المدة أكثر من غيرها، والله أعلم.
(1)
تحفة المحتاج (6/ 334)، نهاية المحتاج (5/ 440)، حاشيتا قليوبي وعميرة (3/ 122).
(2)
انظر المراجع السابقة.
(3)
المغني (6/ 5) شرح منتهى الإرادات (2/ 381)، كشاف القناع (4/ 216)، الإنصاف (6/ 411)، مطالب أولي النهى (4/ 227)، المبدع (5/ 281)، بلغة الساغب وبغية الراغب (ص: 290).
قال شيخنا ابن عثيمين عليه رحمة الله: «بيَّن الرسول عليه السلام أنها تُعَرَّف سنة، ونعلم علم اليقين أن الرسول عليه السلام لا يريد أن يبقى ليلاً ونهاراً يعرِّف، فيرجع في ذلك إلى العرف، وقد اجتهد بعض العلماء فقال: يُعَرِّفها في الأسبوع الأول كل يوم، ثم كل أسبوع مرة لمدة شهر، ثم في كل شهر مرة، وهذا التقدير اجتهاد ليس عليه دليل، ولكن الأولى أن يرجع في ذلك إلى العرف»
(1)
.
* * *
(1)
الشرح الممتع (10/ 372).