الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثالث
في أحكام الملتقط
الفصل الأول
في اشتراط العدالة في الملتقط
ما كان أهلًا للاكتساب كان أهلًا للالتقاط.
[م-2014] اختلف الفقهاء في اشتراط العدالة في الملتقط على قولين:
القول الأول:
لا تشترط العدالة في الملتقط، والفاسق أهل للالتقاط، وهذا مذهب الجمهور، إلا أن الحنابلة في أصح الوجهين، والشافعية في أحد القولين قالوا: يضم إليه أمين
(1)
.
جاء في البحر الرائق: «وأما إسلام الملتقط فليس بشرط
…
»
(2)
.
وقال ابن عابدين: «ولا يشترط كونه مسلما عدلا رشيدا لما سيأتي من أن التقاط الكافر صحيح، والفاسق أولى»
(3)
.
(1)
حاشية ابن عابدين (4/ 277)، البحر الرائق (5/ 162)، منحة الخالق حاشية على البحر الرائق (5/ 156)، المهذب (1/ 434)، روضة الطالبين (5/ 393)، الإنصاف (6/ 424)، رؤوس ا لمسائل (3/ 1083)، الإقناع في فقه الإمام أحمد (2/ 404)، كشاف القناع (4/ 224)، الشرح الكبير على المقنع (6/ 367)، المبدع (5/ 289).
(2)
البحر الرائق (5/ 162)،.
(3)
حاشية ابن عابدين (4/ 269).
وفي الإنصاف: «ولا فرق بين كون الملتقط غنيًا أو فقيرًا، مسلمًا كان أو كافرًا، عدلًا أو فاسقًا يأمن نفسه عليها. وهذا المذهب
…
»
(1)
.
° دليل من قال بالصحة:
الدليل الأول:
عموم أحاديث اللقطة، فإنها مطلقة لم تشترط العدالة، من ذلك:
(ح-1238) ما رواه البخاري من طريق ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن يزيد مولى المنبعث،
عن زيد بن خالد الجهني: أن رجلا سأل رسول الله عليه السلام عن اللقطة، فقال: عرفها سنة، ثم اعرف وكاءها وعفاصها، ثم استنفق بها، فإن جاء ربها فأدها إليه ....
(2)
.
فالرسول عليه السلام أمره بتعريفها، ولم يشترط أن يكون الآخذ عدلًا، فصح التقاط الفاسق، ومن اشترط عدالة الملتقط فعليه الدليل.
الدليل الثاني:
أن التقاط المال طريق لكسب المال؛ لذلك صح من الفاسق كالاصطياد والاحتشاش.
الدليل الثالث:
القياس على الوديعة، فإذا صح إيداع الفاسق، صح التقاطه، وقد سبق بحث الإيداع لدى الفاسق، والله أعلم.
(1)
الإنصاف (6/ 424).
(2)
صحيح البخاري (6112)، وهو في مسلم (1722).
القول الثاني:
ذهب الشافعية في الأصح إلى أن التقاط الفاسق صحيح إلا أنها لا تقر في يده، بل ينتزعها القاضي، ويسلمها إلى أمين
(1)
.
° وجه القول بذلك:
أن اللقطة في الحول الأول أمانة في يد الملتقط، والفاسق ليس من أهل الأمانة.
قال الشيرازي: «وإن وجد الفاسق لقطة لم يأخذها؛ لأنه لا يؤمن ألا يؤدي الأمانة فيها، فإن التقطها ففيه قولان:
أحدهما لا تقر في يده، وهو الصحيح؛ لأن الملتقط قبل الحول كالولي في حق الصغير، والفاسق ليس من أهل الولاية في المال.
والثاني: تقر في يده؛ لأنه كسب بفعل، فأقر في يده كالصيد فعلى هذا يضم إليه من يشرف عليه»
(2)
.
وقال النووي: «الفاسق أهل للالتقاط على المذهب، وبه قطع الجمهور، وهو ظاهر النص. وعن القفال، تخريجه على الأصل المذكور، إن غلبنا الاكتساب، فنعم، أو الأمانة، فلا، وما يأخذه مغصوب، فعلى المذهب، هل يقر المال في يده؟
(1)
المهذب (1/ 434)، روضة الطالبين (5/ 393)، تحفة المحتاج (6/ 320)، مغني المحتاج (2/ 407)، نهاية المحتاج (5/ 428)، الوسيط للغزالي (4/ 288).
(2)
المهذب (1/ 434).
قولان. أظهرهما: لا، بل ينتزع منه ويوضع عند عدل.
والثاني: نعم، ويضم إليه عدل يشرف عليه. وعن ابن القطان وجه: أنه لا يضم إليه أحد»
(1)
.
° الراجح:
بعد استعراض الخلاف أجد أن القول بأن التقاط الفاسق صحيح، هو الأقوى، وإذا خيف أن يقصر في تعريفها فللقاضي أن يضم إليه أمينًا يشرف على ذلك، والله أعلم.
* * *
(1)
الروضة (5/ 393).