الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشرط الثالث
في اشتراط قبض العين المعارة
[م-2114] اختلف العلماء في اشتراط القبض لثبوت العارية، وكما اختلفوا في اشتراط القبض للزوم الهبة اختلفوا في العارية، بل إن الخلاف في العارية أشد؛ لأن الذين قالوا: إن الهبة لا تلزم إلا بالقبض قد اختلفوا في العارية لسببين:
أولًا: أن العارية عقد جائز، والهبة عقد لازم إذا قبضت.
والثاني: اختلافهم في العارية هل هي تمليك للمنفعة، أو إباحة، فمن رأى أنها تمليك جعلها بمنزلة الهبة، ومن رأى أنها إباحة لم ير أنها تملك أصلًا.
إذا علم ذلك نأتي على كلام أهل العلم في المسألة، والخلاف فيها كالتالي:
القول الأول:
يشترط القبض، وهو مذهب الجمهور، وقول في مقابل المشهور عند المالكية
(1)
.
قال في بدائع الصنائع: «ومنها القبض من المستعير؛ لأن الإعارة عقد تبرع، فلا يفيد الحكم بنفسه بدون القبض كالهبة»
(2)
.
(1)
العناية شرح الهداية (9/ 6)، بدائع الصنائع ()، مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر (2/ 347)، تكملة رد المحتار (8/ 523)، منح الجليل (7/ 62).
(2)
مجلة الأحكام العدلية، مادة (810).
وفي مجلة الأحكام العدلية: «القبض شرط في العارية فلا حكم لها قبل القبض»
(1)
.
وقال الزركشي في القواعد الفقهية: «وأما العارية فيتجه أن يقال: إنها هبة للمنافع فلا تملك بدون القبض، وإن قلنا: إباحة فلا تملك كطعام الضيف»
(2)
.
وقال ابن رجب في القواعد: «وأما العارية فلا تملك بدون القبض، إن قيل: إنها هبة منفعة.
وخرج القاضي فيها رواية أخرى أنها تملك بمجرد العقد كهبة الأعيان، وتلزم إذا كانت مؤقتة. وإن قيل: هي إباحة فلا يحصل الملك فيها بحال بل يستوفى على ملك المالك كطعام الضيف.
قال الشيخ تقي الدين: التحقيق أن يقال في هذه العقود: إذا لم يحصل القبض فلا عقد، وإن كان بعض الفقهاء يقول بطل العقد فكما يقال إذا لم يقبل المخاطب بطل الإيجاب فهذا بطلان ما لم يتم لا بطلان ما تم انتهى»
(3)
.
القول الثاني:
أن العارية تملك بمجرد القول، وهذا مذهب المالكية، وقول في مذهب الحنابلة
(4)
.
(1)
العناية شرح الهداية (9/ 6).
(2)
المنثور في القواعد الفقهية (2/ 407).
(3)
القواعد لابن رجب (ص:79).
(4)
المدونة (6/ 167)، التهذيب في اختصار المدونة (4/ 312)، الشرح الصغير مع حاشية الصاوي (3/ 577)، الفواكه الدواني (2/ 154)، القواعد لابن رجب (ص:79) ..
وطرد المالكية ذلك في جميع الهبات على اختلاف أنواعها، كالنحلة: وهي العطية، والمنحة: هبة لبن الشاة، والعرية: هبة ثمر النخيل، والإسكان: هبة منافع الدار مدة من الزمن، والإفقار: عارية الظهر المركوب، والعدة من الوعد، والإخدام: إعطاء خادم، غلام أو جارية، والرهن، كل ذلك يلزم بمجرد القول
(1)
.
جاء في المدونة: «سألت مالكا عن الرجل يعير الرجل المسكن، أو يخدمه الخادم عشر سنين فيموت قبل أن يتمها؟ قال: قال مالك: ورثته مكانه.
قلت: وإن لم يقبض؟
قال: وإن لم يقبض»
(2)
.
وجاء في منح الجليل: «قال ابن عرفة: الوفاء بالإعارة لازم، ففيها: من ألزم نفسه معروفًا لزمه .... وظاهره لزومها بمجرد القول، وهو أحد القولين، وهو المشهور»
(3)
.
(1)
انظر الفواكه الدواني (2/ 154).
(2)
المدونة (6/ 167).
(3)
منح الجليل (7/ 62).