الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول
في إعارة الفضولي
الفضولي: يتصرف لما يظنه مصلحة للمالك، سواء في عقود المعاوضات، أو في غيرها من التصرفات كالتبرعات، فإن تصرف لمصلحته هو فهو غاصب، وقد كشفت عن ذلك في عقد البيع عند الكلام عن بيع الفضولي فارجع إليه إن شئت.
وجمهور الفقهاء يرون الخلاف في إعارة الفضولي كالخلاف في بيع الفضولي، ولهذا كثير من الفقهاء يبحثون أحكام الفضولي تحت عنوان تصرف الفضولي ليدخل في ذلك بيعه وشراؤه، وهبته، وصدقته، ووقفه، وإعارته خلافًا للمالكية الذين فرقوا بين بيع الفضولي وبين تبرعه كهبته وإعارته، ووقفه ونحو ذلك.
وقد سبق لنا تحرير الخلاف في هبة الفضولي والإعارة من جنس الهبة، إلا أنها هبة منفعة، لذا لن يختلف كلام الفقهاء في إعارة الفضولي عنه في هبته.
قال العدوي في حاشتيه: «إعارة الفضولي ملك الغير باطلة كهبته، ووقفه، وسائر ما أخرجه على غير عوض»
(1)
.
إذا علم ذلك نقول:
[م-2102] اختلف العلماء في إعارة الفضولي على قولين:
(1)
حاشية العدوي (2/ 355).
القول الأول:
أن إعارة الفضولي كبيعه، موقوف على إجازة المالك، فإن أجازها نفذ، وإن ردها بطلت، وهذا مذهب الحنفية، وقول عند المالكية، والقديم من قولي الشافعي، ورواية عن أحمد، وبه قال ابن حزم
(1)
.
جاء في حاشية الدسوقي «ذكر بعضهم أن وقفه وصدقته وعتقه كبيعه في أن كلًا صحيح غير لازم، فإن أمضاه المالك مضى، وإن رده رده، واختاره شيخنا العدوي؛ لأن المالك إذا أجازه كان في الحقيقة صادرًا عنه»
(2)
.
القول الثاني:
الفرق بين بيع الفضولي وبين تبرعه من إعارة وهبة، وصدقة، ووقف، فيصح البيع موقوفًا على إجازة المالك، ولا يصح تبرع الفضولي. وهذا مذهب المالكية
(3)
.
جاء في حاشية الدسوقي: «خرج بقوله (مالك) الفضولي، فإعارته لملك الغير غير صحيحة: أي غير منعقدة كهبته، ووقفه، وسائر ما أخرجه بغير عوض، أما ما أخرجه بعوض كبيعه فإنه صحيح منعقد لكن يتوقف لزومه على رضا مالكه»
(4)
.
(1)
حاشية ابن عابدين (5/ 119)، فتح القدير (7/ 68)، البحر الرائق (6/ 163)، حاشية الدسوقي (4/ 98)، مغني المحتاج (2/ 15)، الإنصاف (4/ 283) و (8/ 67)، المحلى (4/ 434).
(2)
حاشية الدسوقي (4/ 98).
(3)
حاشية الدسوقي (3/ 433).
(4)
المرجع السابق.
° وجه التفريق بين التبرع والمعاوضة:
أن المعاوضة تمليك بعوض فصحت موقوفة على إجازة المالك، أما التبرع، ومنه الإعارة فالتمليك فيها بلا مقابل لهذا بطلت.
القول الثالث:
أن هبة الفضولي كبيعه باطلة، وهو قول الشافعي في الجديد، والمشهور من مذهب الحنابلة
(1)
.
وقد ذكرنا أدلة المسألة في عقد البيع عند الكلام على بيع الفضولي فقد جمعت أدلتهم هناك، وتمت مناقشتها، فأغنى ذلك عن ذكرها هنا، ولله الحمد.
* * *
(1)
مغني المحتاج (2/ 15)، حاشيتا قليوبي وعميرة (2/ 201)، نهاية المحتاج (3/ 402)، الإنصاف (4/ 283)، شرح منتهى الإرادات (2/ 9)، كشاف القناع (3/ 157)، مجموع الفتاوى (30/ 64).