الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني عشر
في ذكر جنس اللقطة في التعريف
[م-2002] اختلف العلماء في ذكر جنس اللقطة في التعريف،
القول الأول:
لا يذكر الجنس في تعريف اللقطة، وهذا مذهب الحنفية، والمختار في مذهب المالكية
(1)
.
جاء في المبسوط: «ولا يضره ألا يسمي جنسها، ولا صفتها في التعريف؛ لأنه إنما امتنع من ذلك لتحقيق الحفظ على المالك كي لا يسمع إنسان ذلك منه فيدعيها لنفسه»
(2)
.
وفي كفاية الطالب: «وإذا عرفها لا يذكر جنسها بل يقول: من ضاع له شيء»
(3)
.
وقال القرافي: «قال اللخمي اختلف عن مالك في ذكر جنسها إذا عرفها، قال: وعدم تسمية الجنس أحسن»
(4)
.
(1)
التاج والإكليل (6/ 73)، شرح الخرشي (7/ 125)، الشرح الكبير للدردير (4/ 120)، المنتقى للباجي (6/ 136)، منح الجليل (8/ 233)، الثمر الداني شرح رسالة أبي زيد القيرواني (ص: 564)، الذخيرة (9/ 110).
(2)
المبسوط (11/ 12).
(3)
كفاية الطالب الرباني مع حاشية العدوي (2/ 280).
(4)
الذخيرة (9/ 110).
° وجه القول بعدم ذكر الجنس:
قوله عليه السلام: اعرف عفاصها ووكاءها ثم عرفها سنة.
ولم يقل ثم عرف بذلك، ولا أبرزها وأظهرها، ولو جاز له أن يذكر صفتها لما احتاج إلى حفظ العفاص والوكاء، ولأغنى عن ذلك إظهارها والله أعلم وأحكم
(1)
.
القول الثاني:
الأفضل أن يذكر المعرف جنس اللقطة، وهو أحد القولين في مذهب المالكية، ومذهب الحنابلة، واختاره بعض الشافعية
(2)
.
قال ابن شاس: «وفي ذكر الجنس في التعريف خلاف»
(3)
.
وجاء في حاشية الدسوقي: «ولا يذكر المعرف وجوبا جنسها: أي مثل حيوان، أو عين
…
على المختار: أي على ما اختاره اللخمي من الخلاف.
والقول الثاني يجوز للمعرف أن يذكر جنس اللقطة وعبارة اللخمي: وألا يذكر جنسها أحسن أي والقول بعدم ذكر جنسها أحسن من مقابله»
(4)
.
قال الماوردي: «فأما صفة التعريف فهو مخير بين أحد أمرين: إما أن يقول من ضاع من شيء، ولا يذكر جنسه، وهذا أولى الأمرين. وإما أن يذكر
(1)
المنتقى شرح الموطأ (6/ 136).
(2)
عقد الجواهر الثمينة (3/ 990)، حاشية الدسوقي (4/ 120)، الحاوي الكبير (8/ 14)، المغني (6/ 5)، الكافي لابن قدامة (2/ 353)، المبدع (5/ 282).
(3)
عقد الجواهر الثمينة (3/ 990).
(4)
حاشية الدسوقي (4/ 120).
الجنس، فيقول: من ضاعت منه دراهم، أو من ضاعت منه دنانير ولا يصفها بجميع أوصافها فينازع فيها»
(1)
.
وقال ابن قدامة: «كيفية التعريف: وهو أن يذكر جنسها لا غير، فيقول: من ضاع منه ذهب، أو فضة، أو دنانير، أو ثياب، ونحو ذلك»
(2)
.
جاء في كشاف القناع: «اتفقوا على أنه لا يصفها؛ لأنه لا يؤمن أن يدعيها بعض من سمع صفتها فتضيع على مالكها»
(3)
.
القول الثالث:
الأفضل أن يذكر جنسها وبعض أوصافها، ويحرم عليه استيعاب صفاتها؛ لأن ذلك أقرب إلى الظفر بالمالك، وهذا مذهب الشافعية
(4)
.
جاء في مغني المحتاج: «ويذكر ندبًا بعض أوصافها، كما يذكر جنسها، فيقول: من ضاع له دنانير .... لأنه أقرب إلى الظفر بالمالك»
(5)
.
فصارت الأقوال ثلاثة:
أحدها: لا يذكر جنس اللقطة.
الثاني: يذكر جنسها.
الثالث: يذكر جنسها وبعض صفاتها.
(1)
الحاوي الكبير (8/ 14).
(2)
المغني (6/ 5).
(3)
كشاف القناع (4/ 216).
(4)
مغني المحتاج (2/ 413)، نهاية المحتاج (5/ 441)، تحفة المحتاج (6/ 334)، حاشيتا قليوبي وعميرة (3/ 122)، حاشية الجمل (3/ 610)، المغني (6/ 5).
(5)
مغني المحتاج (2/ 413).
وهؤلاء متفقون على أنه لا يستوعب صفاتها؛ لأنه إذا استوعب صفاتها فقد يدعيها من لا يملكها، ولم يبق وصفها من قبل المالك دليلًا على ملكه لها.
وأقربها عندي أن يذكر الجنس فقط، فيقول: من ضاعت له الدابة، أو من ضاع له الدراهم، ولا يذكر شيئًا من صفاتها، وحديث زيد بن خالد طلب منه حفظ صفاتها، اعرف عفاصها ووكاءها، ولم يقل: احفظ جنسها، والله أعلم.
المبحث الثالث عشر
في ضمان المتلقط إذا عرفها بجميع صفاتها
[م-2003] إذا استوعب الملتقط صفاتها في التعريف، حتى كان ذلك سببًا لأن يدعيها غير مالكها، فهل يضمن؟
في المسألة قولان، هما وجهان في مذهب الشافعية:
أحدهما: لا يضمن؛ لأن دفع اللقطة لا يتوقف على معرفة الصفة، بل لا بد من تقديم البينة على أنه ربها
(1)
.
والثاني: يضمن؛ وهو المذهب عند الشافعية، صححه في الروضة؛ والمذهب عند الحنابلة
(2)
.
جاء في مغني المحتاج: «ويذكر ندبا بعض أوصافها
…
ولا يستوفيها؛ لئلا يعتمدها كاذب، فإن استوفاها حرم عليه كما جزم به الأذرعي وضمن؛ لأنه قد يرفعه إلى من يلزمه الدفع بالصفات»
(3)
.
وقال ابن مفلح الصغير: «وفي المغني والشرح يذكر جنسها، فيقول: من ضاع منه ذهب، أو فضة، ومقتضاه أنه إذا أطنب في الصفات فهو ضامن»
(4)
.
(1)
تحفة المحتاج (6/ 334)، حاشية البجيرمي على الخطيب (3/ 280)، الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع (2/ 372).
(2)
تحفة المحتاج (6/ 334)، نهاية المحتاج (5/ 441)، مغني المحتاج (2/ 413)، حاشية الجمل (3/ 610)، كشاف القناع (4/ 216)، المبدع (5/ 282).
(3)
مغني المحتاج (2/ 413).
(4)
المبدع (5/ 282).
° وجه القول بالضمان:
الوجه الأول:
أنه لا يؤمن أن يحفظ ذلك رجل، ثم يرافعه إلى حاكم يوجب دفع اللقطة بذكر صفتها.
الوجه الثاني:
القياس على ضمان الوديع إذا دل على الوديعة من يسرقها.
جاء في كشاف القناع: «ومقتضى قولهم: لا يصفها أنه لو وصفها فأخذها غير مالكها بالوصف ضمنها الملتقط لمالكها كما لو دل الوديع على الوديعة من سرقها»
(1)
.
* * *
(1)
كشاف القناع (4/ 216).