الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث
في حق الملتقط بالسفر باللقيط
المبحث الأول
في سفر الملتقط المستور الحال باللقيط
[م-2046] الفقهاء جعلوا حكم السافر باللقيط راجع إلى عدالة الملتقط،
والناس في العدالة ثلاثة أقسام:
العدل: من اشتهرت عدالته ظاهرًا وباطنًا فهذا له حق السفر باللقيط متى كان السفر جائزًا وهذا بالاتفاق، وسيأتي إن شاء الله بيان السفر الجائز من الممنوع.
والمجهول: وهو من جهلت عدالته ظاهرًا وباطنًا، وهذا لا يجوز له الالتقاط عند الجمهور الذين يشترطون العدالة في الملتقط خلافًا للحنفية، وسبق بحث هذه المسألة، ولله الحمد.
ومستور الحال: من علمت عدالته الظاهرة، وجهلت عدالته الباطنة، وسبق لنا أن الجمهور من الحنفية، والشافعية، والحنابلة على صحة التقاط مستور الحال، إلا أنهم اختلفوا في حكم سفره باللقيط على قولين:
القول الأول:
لا يجوز السفر باللقيط من مستور الحال، وينزع منه عند إرادته السفر، وهذا
مذهب الشافعية، وأحد الوجهين في مذهب الحنابلة
(1)
.
قال إمام الحرمين: «إذا أراد ملتقط المنبوذ أن يسافر به، قال الشافعي: إن كان أمينًا، وظهرت الثقة به، وعرفت أمانته، مكن منه، وإلا، فلا يمكن؛ مخافة أن يسترقه»
(2)
.
وقال ابن قدامة: «وإذا التقط اللقيط من هو مستور الحال، لم تعرف منه حقيقة العدالة ولا الخيانة، أقر اللقيط في يديه .... فإن أراد السفر بلقطته، ففيه وجهان:
أحدهما: لا يقر في يديه، وهذا مذهب الشافعي؛ لأنه لم يتحقق أمانته، فلم تؤمن الخيانة منه.
والثاني يقر في يديه؛ لأنه يقر في يديه في الحضر من غير مشرف يضم إليه، فأشبه العدل، ولأن الظاهر الستر والصيانة»
(3)
.
وقال الحنابلة: وحيث قلنا بانتزاع اللقيط من الملتقط فإنما ذلك الانتزاع عند وجود الأولى به من الملتقط فأما إذا لم يوجد أولى منه فإقراره في يده أولى كيف كان لرجحانه بالسبق إليه
(4)
.
(1)
روضة الطالبين (5/ 419)، نهاية المطلب (8/ 535)، المهذب (1/ 435)، حاشية الجمل (3/ 614)، الإنصاف (6/ 438)، المغني (6/ 40)،.
(2)
نهاية المطلب (8/ 535).
(3)
المغني (6/ 40).
(4)
انظر كشاف القناع (4/ 230).
° وجه القول بأنه لا يسافر به:
أن مستور الحال لم تتحق أمانته، فلا تؤمن خيانته، لا في بدنه، فقد يسترقه إذا غاب، ولا في ماله فقد يعتدي عليه.
القول الثاني:
يجوز لمستور الحال أن يسافر باللقيط حيث كان السفر جائزًا، وهو أحد الوجهين في مذهب الحنابلة
(1)
.
وقيدنا القول بالجواز حيث كان السفر جائزًا؛ لأنه سوف يأتينا أقسام السفر الممنوع والجائز في مباحث تالية إن شاء الله تعالى.
واحتج الحنابلة للجواز:
الدليل الأول:
الأصل في مستور الحال أنه على العدالة والسلامة، حيث لم يثبت ما يجرح عدالته، فتؤمن خيانته.
الدليل الثاني:
أن مستور الحال أشبه العدل في إقراره بيده في الحضر من غير مشرف يضم إليه، فكذا إذا أراد أن يسافر به.
(1)
الإنصاف (6/ 438)، المغني (6/ 40)، كشاف القناع (4/ 230)، مطالب أولي النهى (4/ 251)، شرح الزركشي (2/ 225).
° الراجح:
جواز السفر للملتقط إذا كان مستور الحال، ولم يثبت ما يجرح عدالته، والله أعلم.
* * *