المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الأولفي تملك اللقطة إذا قام بتعريفها - المعاملات المالية أصالة ومعاصرة - جـ ٢٠

[دبيان الدبيان]

فهرس الكتاب

- ‌المبحث الثانيفي معرفة اللقطة قبل تعريفها

- ‌القول الأول:

- ‌القول الثاني:

- ‌المبحث الثالثفي وجوب التعريف على الملتقط

- ‌المبحث الرابعفي مدة التعريف

- ‌الفرع الأولفي تعريف ما يسرع إليه الفساد

- ‌الفرع الثانيفي تعريف ما لا يتطرق إليه الفساد

- ‌المبحث الخامسفي وجوب الفورية في التعريف

- ‌المبحث السابعفي سقوط التعريف إذا أخره

- ‌المبحث الثامنفي وجوب الموالاة في التعريف

- ‌المبحث التاسعفي مؤنة التعريف

- ‌المبحث العاشرفي مكان تعريف اللقطة

- ‌المبحث الحادي عشرفي تكرار التعريف

- ‌المبحث الثاني عشرفي ذكر جنس اللقطة في التعريف

- ‌الفصل الثالثفي الإشهاد على اللقطة

- ‌الفصل الرابعفي تملك اللقطة

- ‌المبحث الأولفي تملك اللقطة إذا قام بتعريفها

- ‌المبحث الثانيفي وقوف تملك اللقطة على نية الملتقط أو لفظه

- ‌المبحث الثالثإذا جاء صاحبها بعد التعريف

- ‌الفصل الخامسفي نماء الضالة

- ‌الفصل السادسفي ضمان اللقطة

- ‌المبحث الأولفي ضمان اللقطة قبل تملكها

- ‌الفرع الأولفي ضمانها إذا التقطها للتعريف أو للحفظ

- ‌الفرع الثالثإذا أخذها بنية الأمانة ثم طرأ قصد الخيانة

- ‌المبحث الثالثفي ضمان اللقطة إذا ردها إلى موضعها

- ‌الباب الثالثفي أحكام الملتقط

- ‌الفصل الأولفي اشتراط العدالة في الملتقط

- ‌الفصل الثانيفي التقاط الكافر

- ‌الفصل الثالثفي التقاط غير المكلف

- ‌المبحث الأولفي التقاط المجنون والصبي غير المميز

- ‌المبحث الثانيفي صحة التقاط الصبي المميز

- ‌الفصل الرابعفي تعدد الملتقط

- ‌الفصل الخامسإذا ادعى اللقطة اثنان

- ‌الفصل السادسفي الاتجار في اللقطة

- ‌الفصل السابعفي النفقة على اللقطة

- ‌الفصل الثامنفي الجعل على رد اللقطة

- ‌الفصل التاسعفي زكاة المال الملتقط

- ‌المبحث الأولزكاة المال الملتقط قبل التعريف

- ‌المبحث الثانيزكاة المال الملتقط بعد التعريف

- ‌الباب الرابعفي استرداد اللقطة

- ‌الفصل الأولفي اشتراط البينة لاسترداد اللقطة

- ‌الفصل الثانيفي استرداد اللقطة بمعرفة بعض صفاتها

- ‌عقد اللقيط

- ‌التمهيد

- ‌المبحث الأولفي تعريف اللقيط

- ‌المبحث الثانيفي أركان الالتقاط

- ‌الباب الأولفي حكم نبذ الطفل والتقاطه

- ‌الفصل الأولفي حكم نبذ الطفل

- ‌الفصل الثانيفي حكم التقاط الصبي

- ‌الباب الثانيفي أحكام الملتقط

- ‌الفصل الأولفي شروط الملتقط

- ‌الشرط الأولفي اشتراط إسلام الملتقط

- ‌الشرط الثانيفي اشتراط التكليف في الملتقط

- ‌الشرط الثالثفي اشتراط العدالة في الملتقط

- ‌المبحث الأولفي التقاط الفاسق

- ‌المبحث الثانيفي اشتراط العدالة الباطنة

- ‌الشرط الرابعفي اشتراط الرشد

- ‌الشرط الخامسفي اشتراط الغنى في الملتقط

- ‌الشرط السادسفي اشتراط الذكورة

- ‌الفصل الثانيفي ولاية الملتقط على اللقيط

- ‌المبحث الأولفي الولاية على اللقيط نفسه

- ‌المبحث الثانيفي ولاية الملتقط على مال اللقيط

- ‌الفصل الثالثفي حق الملتقط بالسفر باللقيط

- ‌المبحث الأولفي سفر الملتقط المستور الحال باللقيط

- ‌المبحث الثانيالسفر باللقيط إذا نبذ في البادية

- ‌الفرع الأولالانتقال باللقيط من البادية إلى مثلها

- ‌الفرع الثانيالانتقال باللقيط من البادية إلى ا لحاضرة أو الحلة

- ‌المبحث الثالثالسفر باللقيط إذا نبذ في الحاضرة

- ‌الفرع الأولالانتقال باللقيط من الحاضرة إلى مثلها

- ‌الفرع الثانيالانتقال باللقيط من الحاضرة إلى البادية

- ‌الفصل الرابعفي الاشتراك في الالتقاط

- ‌المبحث الأولأن يكون الملتقطان متساويين في الصفات

- ‌المبحث الثانيأن يستويا في الأهلية ويتفاضلا في الصفات

- ‌الفرع الأولإذا تفاضل اللقيطان في الديانة

- ‌الفرع الثانيفي تقديم العدل على مستور الحال

- ‌الفرع الثالثفي تقديم الغني على الفقير

- ‌الفرع الرابعفي تقديم المقيم على المسافر

- ‌الفرع الخامسفي تقديم المرأة على الرجل في حضانة اللقيط

- ‌الفصل الخامسفي التنازع على الالتقاط

- ‌المبحث الأولفي التنازع على الالتقاط ولا بينة لأحدهما

- ‌الفرع الأولأن يكون اللقيط في يد أحدهما

- ‌الفرع الثانيأن يكون اللقيط في يديهما معا

- ‌الفرع الثالثألا يكون اللقيط في يد واحد منهما

- ‌المبحث الثانيإذا تنازعا في الالتقاط مع قيام البينة

- ‌الفصل السادسفي إشهاد الملتقط على الالتقاط

- ‌الباب الثالثفي أحكام اللقيط

- ‌الفصل الأولفي التقاط المميز

- ‌الفصل الثانيفي إسلام اللقيط

- ‌الفصل الثالثفي نسب اللقيط

- ‌المبحث الأولفي دعوى الحر المسلم نسب اللقيط

- ‌المبحث الثانيفي دعوى المرأة الحرة نسب اللقيط

- ‌المبحث الثالثفي دعوى الكافر نسب اللقيط

- ‌المبحث الرابعفي التنازع على نسب اللقيط

- ‌الفرع الأولادعاه رجلان ولا بينة لهما وكان لأحدهما مرجح

- ‌المسألة الأولىالترجيح بإسلام أحد المتنازعين

- ‌المسألة الثانيةالترجيح بذكر وصف خفي

- ‌المسألة الثالثةالترجيح بوضع اليد

- ‌المسألة الرابعةترجيح السابق على غيره في دعوى النسب

- ‌الفرع الثانيإذا ادعاه رجلان ولم يكن هناك مرجح

- ‌الفصل الرابعفي تملك اللقيط للمال الموجود معه

- ‌المبحث الأولفي ملكيته للمال الموصول به

- ‌المبحث الثانيفي ملكية اللقيط للمال المنفصل عنه

- ‌المبحث الثالثفي ملكيته للمال المدفون تحته

- ‌الفصل الخامسفي النفقة على اللقيط

- ‌المبحث الأولفي الجهة ا لتي تجب عليها نفقة اللقيط

- ‌المبحث الثانيفي تعذر النفقة على اللقيط من بيت المال

- ‌المبحث الثالثفي الرجوع في نفقة اللقيط

- ‌الفصل السادسفي ميراث اللقيط

- ‌عقد العارية

- ‌التمهيد

- ‌المبحث الثانيالأدلة على مشروعية العارية

- ‌المبحث الثالثفي حكم العارية

- ‌المبحث الرابعفي توصيف عقد العارية

- ‌الباب الأولفي أركان العارية

- ‌الفصل الأولفي الألفاظ التي تنعقد بها العارية

- ‌الفصل الثانيفي اشتراط اللفظ في صيغة الإعارة

- ‌الفصل الثالثفي انقسام ألفاظ العارية إلى صريح وكناية

- ‌الفصل الرابعفي تعليق الإعارة وإضافتها إلى المستقبل

- ‌الباب الثانيفي شروط الإعارة

- ‌الفصل الأولفي شروط المعير

- ‌الشرط الأولأن يكون المعير ممن يصح تبرعه

- ‌مبحثفي إعارة المحجور عليه للغير

- ‌الشرط الثانيأن يكون المعير مالكًا أو مأذونًا له بالإعارة

- ‌المبحث الأولفي إعارة الفضولي

- ‌المبحث الثانيفي إعارة الولي والوصي ونحوهما من مال الصغير

- ‌المبحث الثالثفي إعارة المستأجر

- ‌المبحث الرابعفي إعارة المستعير

- ‌الشرط الثالثأن يكون المعير راضيًا مختارًا

- ‌الفصل الثانيفي شروط المستعير

- ‌الشرط الأولفي اشتراط الأهلية في المستعير

- ‌المبحث الأولفي حكم استعارة الصبي والمجنون

- ‌المبحث الثانيفي إعارة المسلم للذمي

- ‌الشرط الثانيفي اشتراط أن يكون المستعير معينًا

- ‌الفصل الثالثفي أحكام المعار

- ‌المبحث الأولفي شروط العين المستعارة

- ‌الشرط الأولأن تشتمل العين المعارة على منفعة مباحة

- ‌الشرط الثانيفي اشتراط تعيين المعار

- ‌الشرط الثالثفي اشتراط قبض العين المعارة

- ‌الشرط الرابعأن يمكن الانتفاع بها مع بقاء عينها

- ‌المبحث الثالثفي إعارة المشاع

- ‌المبحث الرابعفي إعارة الحائط لوضع الخشب عليه

- ‌المبحث الخامسفي إعارة الأرض

- ‌الفرع الأولإعارة الأرض للزرع

- ‌الفرع الثانيفي إعارة الأرض للبناء والغرس

- ‌المبحث السادسفي إعارة المركوب

- ‌الفرع الأولفي صفة إعارة المركوب

- ‌الفرع الثانيفي كيفية ضمان العارية المركوبة

- ‌المبحث السابعفي إعارة ما يتزين به

- ‌المبحث الثامنفي إعارة الكتب لطلبة العلم

- ‌المبحث التاسعفي نفقة العارية

- ‌المبحث العاشرفي مؤنة رد العارية

- ‌الباب الثالثفي ضمان العارية

- ‌الفصل الأولفي ضمان المستعير بمقتضى العقد

- ‌الفصل الثانيفي اشترط الضمان على المستعير

- ‌الباب الرابعفي انتهاء عقد العارية

- ‌الفصل الأولانتهاء العارية بانتهاء مدتها

- ‌الفصل الثانيتنتهي الإعارة برجوع المعير أو رد المستعير

- ‌الفصل الثالثتنتهي الإعارة بجنون أو موت أحد المتعاقدين

- ‌الفصل الرابعانتهاء العارية بهلاك العين المعارة

- ‌الفصل الخامسانتهاء العارية باستحقاق العين المعارة

الفصل: ‌المبحث الأولفي تملك اللقطة إذا قام بتعريفها

‌الفصل الرابع

في تملك اللقطة

‌المبحث الأول

في تملك اللقطة إذا قام بتعريفها

اللقطة بعد التعريف مال لا مالك له وواجده أحق به ما لم يظهر صاحبه.

[م-2005] اختلف العلماء في اللقطة إذا عرفها الملتقط ومضى عليها حول هل يمتلكها بالتعريف؟

اختلف العلماء في ذلك على أقوال:

القول الأول:

أن اللقطة لا تملك بالتعريف مطلقًا عرضًا كانت أو أثمانًا، لكن له أكلها إن كان فقيرًا، وإن كان غنيًا كان مخيرًا بين حفظها لصاحبها، وبين التصدق بها بشرط الضمان. وهذا مذهب الحنفية

(1)

، ورواه حنبل عن أحمد، وأنكره الخلال، وقال: ليس هذا مذهبًا لأحمد

(2)

.

(1)

المبسوط (11/ 3، 5)، تحفة الفقهاء (3/ 355)، بدائع الصنائع (6/ 202)، الهداية شرح البداية (2/ 418)، الاختيار لتعليل المختار (3/ 32)، شرح الزرقاني على الموطأ (4/ 96)، الشرح الكبير للدردير (4/ 121)، منح الجليل (8/ 234)، التاج والإكليل (6/ 74)، حاشية الدسوقي (4/ 121)، الخرشي (7/ 125)، الحاوي الكبير (8/ 9، 14)،.

(2)

الإنصاف (6/ 414).

ص: 87

جاء في النتف في الفتاوى: «قال أبو حنيفة وأصحابه يعرفها، فإن لم يجد من يعرفها يتصدق بها، وإن كان فقيرًا فأكلها جاز، فإن جاء صاحبها خيره بين الضمان والأجر»

(1)

.

القول الثاني:

كل ما جاز التقاطه فإن له أن يملكه إذا قام بتعريفه عرضًا كان أو أثمانًا، وهو مذهب المالكية والشافعية، وإحدى الروايتين عن الإمام أحمد، وهو ظاهر كلام الخرقي، ورجحه ابن قدامة، ووهو المشهور عند المتأخرين من الحنابلة

(2)

.

جاء في الشرح الكبير للدردير: «وله حبسها بعده: أي بعد تعريفها السنة، أو التصدق بها عن ربها أو نفسه، و التملك: بأن ينوي تملكها، للملتقط هذه الأمور الثلاثة»

(3)

.

وكره مالك استنفاقها كراهة تنزيهية، قال ابن جزي:«ذا عرف بها سنة فلم يأت صاحبها فهو مخير بين ثلاثة أشياء أن يمسكها في يده أمانة أو يتصدق بها ويضمنها أو يتملكها وينتفع بها ويضمنها على كراهة لذلك»

(4)

.

(1)

النتف في الفتاوى (2/ 586).

(2)

شرح الزرقاني على الموطأ (4/ 96)، الشرح الكبير للدردير (4/ 121)، منح الجليل (8/ 234)، التاج والإكليل (6/ 74)، حاشية الدسوقي (4/ 121)، الخرشي (7/ 125) الأم (4/ 67)، مختصر المزني (ص: 135)، روضة الطالبين (5/ 412)، الحاوي الكبير (8/ 9)، المهذب (1/ 430)، أسنى المطالب (2/ 494)، البيان للعمراني (7/ 514)، مغني المحتاج (2/ 412)، الإنصاف (6/ 313)، المغني (6/ 10)، كشاف القناع (4/ 218)، شرح منتهى الإرادات (2/ 382)، الإقناع في فقه الإمام أحمد (2/ 401).

(3)

الشرح الكبير (4/ 121).

(4)

القوانين الفقهية (ص: 225).

ص: 88

فصرح ابن جزي أن تملكها والانتفاع بها أن ذلك يجعله ضامنًا لها، وقوله:(على كراهة لذلك) يعني أن مالكًا يكره تملك اللقطة، ويفضل عليه حفظها لصاحبها أو التصدق بها وذلك خوفًا من أن يعوزه ضمانها إذا ظهر صاحبها.

قال في التاج والإكليل: «إنما كره له أكلها بعد التعريف مخافة أن يأتي صاحبها فيجده عديمًا لا شيء له، ولو علم أنه لا يجد صاحبها أبدا لما كره له أكلها»

(1)

.

وقال النووي: «يجوز تملك اللقطة بعد التعريف، سواء كان الملتقط غنيًا أو فقيرًا»

(2)

.

قال ابن قدامة في المغني: «وكل ما جاز التقاطه ملك بالتعريف عند تمامه، أثمانا كانت أو غيرها، هذا كلام الخرقي، فإن لفظه عام في كل لقطة. وقد نقل ذلك عن أحمد»

(3)

.

(1)

التاج والإكليل (6/ 74)، وهذا خلاف ما ذكره ابن رشد عن مالك، فقد جاء في البيان والتحصيل: في البيان والتحصيل (15/ 351): «واختلف: هل للملتقط أن يستنفق اللقطة بعد التعريف أم لا؟ على أربعة أقوال:

أحدها: أنه ليس له أن يستنفقها غنيًا كان أو فقيرا، وهو مذهب مالك، ومعنى قول النبي عليه السلام عنده:«فشأنك بها» أنه مخير فيها بين أن يزيد في تعريفها أو يتصدق بها عن صاحبها، فإن جاء كان مخيرًا بين أن ينزل على أجرها أو يضمنه إياها.

والثاني: أن له أن يستنفقها غنيًا كان أو فقيرًا على ظاهر قول النبي عليه السلام: «فشأنك بها» فإن جاء صاحبها غرمها له

والثالث: أنه ليس له أن يستنفقها إلا أن يحتاج إليها، وهو قول ابن وهب في رسم النسمة من سماع عيسى بعد هذا ....

والرابع: أنه ليس له أن يستنفقها إلا أن يكون له بها وفاء، وبالله التوفيق لا شريك له».

(2)

الروضة (5/ 412).

(3)

المغني (6/ 9).

ص: 89

وجاء في كشاف القناع: «ولو كانت اللقطة عروضًا فهي كالأثمان؛ لعموم الأحاديث التي في اللقطة جميعها»

(1)

.

القول الثالث:

أن اللقطة لا تملك إلا إذا كانت من الأثمان كالدراهم والدنانير، فإن كانت عروضًا أو ضالة لم يملكها، ولا يجوز له الانتفاع بها غنيًا كان أو فقيرًا. وهذا هو مذهب الحنابلة

(2)

.

قال في المقنع شرح مختصر الخرقي: «والمذهب أنها لا تملك إلا إذا كانت أثمانًا»

(3)

.

قال في الإنصاف: «وعن الإمام أحمد: لا يملك إلا الأثمان، وهي ظاهر المذهب»

(4)

.

وقال ابن قدامة: «قال أكثر أصحابنا: لا يملك غير الأثمان؛ لأن الخبر ورد فيها، ومثلها لا يقوم مقامها من كل وجه؛ لعدم تعلق الغرض بعينها، فلا يقاس عليها غيرها»

(5)

.

(1)

كشاف القناع (4/ 218).

(2)

مسائل الإمام أحمد رواية أبي داود (1626)، الإنصاف (6/ 414)، الكافي لابن قدامة (2/ 355)، رؤوس المسائل (3/ 1072)، الروايتان والوجهان (2/ 7، 8)، المقنع شرح الخرقي (2/ 782)، المبدع (5/ 283).

(3)

المقنع شرح مختصر الخرقي (2/ 783).

(4)

الإنصاف (6/ 414).

(5)

الكافي لابن قدامة (2/ 355).

ص: 90

وقال العكبري في رؤوس المسائل: «إذا وجد لقطة فعرفها، ولم يجئ صاحبها، فإن كانت دراهم أو دنانير ملكها، وجاز الانتفاع بها، غنيًا كان أو فقيرًا، وإن كانت عروضًا أو حليًا، أو ضالة لم يملكها، ولم يجز له الانتفاع بها غنيًا كان أو فقيرًا»

(1)

.

وذكر ابن قدامة بأن هذا القول للإمام أحمد قول قديم، وقد رجع عنه

(2)

.

دليل من قال: لا تملك اللقطة بالتعريف مطلقًا:

الدليل الأول:

(ث-309) ما رواه عبد الرزاق عن الثوري عن إبراهيم بن عبد الأعلى عن سويد بن غفلة

عن عمر بن الخطاب قال في اللقطة: يعرفها سنة فإن جاء صاحبها وإلا تصدق بها فإن جاء صاحبها بعدما يتصدق بها خيره فإن اختار الأجر كان له وإن اختار المال كان له ماله

(3)

.

[صحيح موقوفًا].

ويجاب من وجهين:

الوجه الأول:

أن هذا موقوف، والموقف لا يعارض السنة المرفوعة في الصحيحين وفي غيرهما.

(1)

رؤوس المسائل (3/ 1072).

(2)

انظر الكافي لابن قدامة (2/ 355).

(3)

المصنف (18630)، ورواه ابن أبي شيبة في المصنف (22056) عن وكيع، عن سفيان به.

ص: 91

الوجه الثاني:

أن عمر قد جاء عنه مرفوعًا وموقوفًا أنه يملكها بالتعريف، وسوف يأتي ذكر ذلك في أدلة القول الثاني إن شاء الله تعالى.

الدليل الثاني:

(ث-310) ما رواه الطحاوي من طريق شعبة عن أبي إسحاق الهمداني،

عن عاصم بن ضمرة قال: جاء رجل إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال: إني وجدت صرة من دراهم، فعرفتها، فلم أجد أحدا يعرفها، فقال: تصدق بها، فإن جاء صاحبها ورضي كان له الأجر، وإلا غرمتها، وكان لك الأجر

(1)

.

[حسن]

(2)

.

الدليل الثالث:

(ث-311) ما رواه الطحاوي من طريق علي بن معبد حدثنا عبيدة بن

(1)

مشكل الآثار (12/ 122).

(2)

واختلف فيه على أبي إسحاق، فرواه الطحاوي كما في الباب، والبيهقي في السنن (6/ 188) من طريق شعبة عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة، عن علي.

ورواه عبد الرزاق في المصنف (18628) عن معمر.

ورواه عبد الرزاق أيضًا (18629) وابن أبي شيبة في المصنف (22054) عن الثوري، كلاهما عن أبي إسحاق، عن أبي السفر.

قال معمر في روايته: أن رجلًا أتى عليًا فقال: إني وجدت لقطة.

وقال الثوري: عن رجل من بني رؤاس، قال: التقطت ثلاث مائة درهم فعرفتها وأنا أحب ألا تعترف.

وفي مصنف ابن أبي شيبة: فعرفتها تعريفًا ضعيفًا وأنا يومئذ محتاج، ولعل ما رواه شعبة هو الراجح، والله أعلم.

ص: 92

حميد عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه

عن أبي هريرة في الرجل يجد اللقطة قال: يعرفها، فإن لم يجد صاحبها تصدق بها، فإن جاء صاحبها خيره، فإن شاء كان له الأجر، وإن شاء أعطاه الثمن، وكان له الأجر

(1)

.

[حسن].

والجواب عن الأثرين كالجواب عن الدليل الأول، ويضاف بأن التصدق لا ينكر أنه أحد الخيارات المتاحة للملتقط، وهو أرفعها، فربما كانت هذه الآثار تدله على ما هو الأفضل له، وهو لا ينافي صحة التملك باعتبار اللقطة مالًا لا مالك له بعد أن عرفت فلم تعرف.

° دليل من قال: تملك اللقطة بالتعريف عرضًا كانت أو أثمانًا:

الدليل الأول:

(ح-1226) ما رواه البخاري ومسلم من طريق مالك، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن يزيد مولى المنبعث،

عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله عليه السلام، فسأله عن اللقطة، فقال: اعرف عفاصها ووكاءها، ثم عرفها سنة، فإن جاء صاحبها وإلا فشأنك بها

(2)

.

وفي رواية للبخاري ومسلم من طريق إسماعيل بن جعفر، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن به: بلفظ: عرفها سنة، ثم اعرف وكاءها وعفاصها، ثم استنفق بها، فإن جاء ربها، فأدها إليه

(3)

.

(1)

مشكل الآثار (12/ 128).

(2)

البخاري (2372)، ومسلم (1 - 1722).

(3)

صحيح البخاري (2436)، صحيح مسلم (2 - 1722).

ص: 93

وكذا رواه البخاري من طريق سفيان، عن ربيعة

(1)

.

ورواه مسلم من طريق بسر بن سعيد،

عن زيد بن خالد الجهني، قال: سئل رسول الله عليه السلام عن اللقطة، فقال: عرفها سنة، فإن لم تعترف، فاعرف عفاصها ووكاءها، ثم كلها، فإن جاء صاحبها، فأدها إليه

(2)

.

ورواه أبو داود في السنن من طريق عبد الله بن يزيد، عن أبيه يزيد مولى المنبعث،

عن زيد بن خالد الجهني، وفيه: فإن جاء صاحبها دفعتها إليه، وإلا عرفت وكاءها وعفاصها، ثم أفضها في مالك، فإن جاء صاحبها فادفعها إليه

(3)

.

وعبد الله بن يزيد يعتبر به، وقد سبقت ترجمته.

قال الخطابي في معالم السنن: «ثم افضها في مالك معناه ألقها في مالك واخلطها به، من قولك: فاض الأمر والحديث إذا انتشر وشاع»

(4)

.

والاختلاف في هذه الألفاظ كلها من الرواية بالمعنى، فالاستمتاع بها، أو استنفاقها، أو إفاضتها في المال، أو الأمر بأكلها، كلها هذه الروايات بمعنى ما رواه مالك من قوله: فشأنك بها.

الدليل الثاني:

(ح-1227) ما رواه البخاري ومسلم عن محمد بن بشار، عن محمد بن

(1)

صحيح البخاري (2438).

(2)

صحيح مسلم (7 - 1722).

(3)

وقد رواه من طريق عبد الله بن يزيد ابن طهمان في مشيخته (4)، والنسائي في السنن الكبرى (5786)، والبيهقي في السنن (6/ 185).

(4)

معالم السنن (2/ 89).

ص: 94

جعفر، عن شعبة، عن سلمة، سمعت سويد بن غفلة، قال:

لقيت أبي بن كعب رضي الله عنه، فقال: أخذت صرة مائة دينار، فأتيت النبي عليه السلام، وفيه: فقال: احفظ وعاءها، وعددها، ووكاءها، فإن جاء صاحبها، وإلا فاستمتع بها

(1)

.

وجه الاستدلال:

قال الخطابي: «وفي قوله: (فإن جاء صاحبها وإلا فاستمتع بها) دليل على أن له أن يتملكها بعد السنة ويأكلها بعد السنة إن شاء غنياً كان الملتقط لها أو فقيرًا»

(2)

.

الدليل الثالث:

(ح-1228) ما رواه الإمام أحمد، قال: حدثنا هشيم، أخبرنا خالد، عن يزيد بن عبد الله بن الشخير، عن أخيه مطرف بن عبد الله بن الشخير،

عن عياض بن حمار، قال: قال رسول الله عليه السلام: من وجد لقطة، فليشهد ذوي عدل، وليحفظ عفاصها، ووكاءها، فإن جاء صاحبها، فلا يكتم، وهو أحق بها، وإن لم يجئ صاحبها، فإنه مال الله يؤتيه من يشاء

(3)

.

[صحيح، وسبق تخريجه]

قوله: (من وجد لقطة) من ألفاظ العموم، فيشمل العروض والأثمان.

الدليل الرابع:

(ح-1229) ما رواه أحمد من طريق محمد بن إسحاق، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه،

عن جده، قال: سمعت رجلا من مزينة يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم،

(1)

صحيح البخاري (2426)، ومسلم (1726).

(2)

معالم السنن (2/ 85).

(3)

المسند (4/ 161).

ص: 95

وفيه: قال: يا رسول الله، اللقطة نجدها في سبيل العامرة؟ قال: عرفها حولا، فإن وجد باغيها، فأدها إليه، وإلا فهي لك

الحديث

(1)

.

[حسن في الجملة]

(2)

.

وجه الاستدلال:

أن السؤال كان عن اللقطة توجد في السبيل العامرة، فشمل بهذا الأثمان وغيرها، والله أعلم.

الدليل الخامس:

(ح-1230) ما أخرجه النسائي في الكبرى من طريق الوليد بن كثير، عن عمرو بن شعيب، عن عمرو وعاصم ابني سفيان بن عبد الله،

عن أبيهما سفيان بن عبد الله الثقفي أنه التقط عيبة، فلقي بها عمر، فقال لي: عرفها حولا، فلما كان عند قرن الحول لقيته بها، فقلت: إني قد عرفتها، فلم تعترف، فقال: هي لك، إن رسول الله ق أمرنا بذلك، قلت: لا حاجة لي بها، فأمر بها فألقيت في بيت المال

(3)

.

[عمرو وعاصم ابنا سفيان لم يوثقهما إلا ا بن حبان لكنه شاهد صالح للأحاديث السابقة]

(4)

.

(1)

المسند (2/ 180).

(2)

سبق تخريجه، انظره موصولًا بحديث رقم (1245).

(3)

السنن الكبرى للنسائي (5818، 5819).

(4)

وقد أخرجه الدارمي (2599) والطحاوي في مشكل الآثار (4695)، وفي شرح معاني الآثار (4/ 137)، والبيهقي في السنن الكبرى (6/ 187) من طريق الوليد بن كثير به، وابنا عبد الله بن سفيان لم يوثقهما إلا ابن حبان، ولم يجرحهما أحد.

ص: 96

الدليل السادس:

ولأن الالتقاط اكتساب أباحه الشرع فوجب أن يستوي فيه الأغنياء والفقراء كالاحتشاش والاحتطاب.

الدليل السابع:

إذا جاز للملتقط أن يتصدق باللقطة جاز له أن يأكلها كالفقير.

° دليل من قال: لا يملك من اللقطة إلا الأثمان:

(ح-1231) ما رواه البخاري ومسلم عن محمد بن بشار، عن محمد بن جعفر، عن شعبة، عن سلمة، سمعت سويد بن غفلة، قال:

لقيت أبي بن كعب رضي الله عنه، فقال: أخذت صرة مائة دينار، فأتيت النبي عليه السلام، وفيه: فقال: احفظ وعاءها، وعددها، ووكاءها، فإن جاء صاحبها، وإلا فاستمتع بها

(1)

.

وجه الاستدلال:

بأن الخبر ورد في الأثمان، وغيرها لا يساويها؛ لعدم الغرض المتعلق بعينها، بخلاف غيرها.

ويناقش من وجهين:

الوجه الأول:

بأن حديث زيد بن خالد وحديث عياض بن حمار وغيرهما من الأحاديث عامة في اللقطة فتشمل الأثمان وغيرها.

(1)

صحيح البخاري (2426)، ومسلم (1726).

ص: 97

الوجه الثاني:

أن حديث أبي بن كعب وإن كان وقع في الأثمان فهو فرد من أفراد العام، أو المطلق، فإذا ورد حديث مطلق أو عام، ثم ورد حديث في فرد من أفراد العام أو المطلق لم يقتض ذلك تخصيصًا للعام أو تقييدًا للمطلق؛ لأن حكم الجزء موافق لحكم الكل، فالله تعالى حين قال {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} [البقرة:238] لم يقتض ذكر الوسطى تخصيص المحافظة عليها دون بقية الصلوات المفروضة، والله أعلم.

كما لو قلت: أكرم الطلبة، ثم قلت: أكرم زيدًا وكان من الطلبة لم يقتض ذلك تخصيص الإكرام بزيد، والله أعلم.

الدليل الثاني:

أنها لقطة لا تملك في الحرم فلا تملك في غيره.

ويناقش هذا الاستدلال من وجوه:

الوجه الأول:

على القول بالتفريق بين لقطة الحرم وغيره فإن الأثمان لا تملك في الحرم أيضًا فكيف صح تملكها في غيره؟

الوجه الثاني:

لو اختص الخبر بالأثمان، لوجب أن يقاس عليها ما كان في معناها، كسائر النصوص التي عقل معناها ووجد في غيرها، وهاهنا قد وجد المعنى، فيجب قياسه على المنصوص عليه.

ص: 98

الوجه الثالث:

إذا صح تملك التقاط الشاة بالالتقاط، وهي ليست من الأثمان لقوله عليه السلام: هي لك أو لأخيك أو للذئب صح التقاط غيرها.

الوجه الرابع:

القول بعدم تملكها بالتعريف يؤدي إلى أحد أمرين:

إما أن يلتقطها وينادي عليها دائمًا بانتظار صاحبها، وهذا يؤدي إلى تعطيل ماليتها وبالتالي هلاكها على صاحبها، وعلى ملتقطها، فإذا أبيح له تملكها بعد تعريفها أدى ذلك إلى الانتفاع بها، وحفظ ماليتها على صاحبها وذلك بدفع قيمتها إليه عند العثور عليه.

وإما أن يتركها فيؤدي ذلك إلى ضياعها، وقد نهى الشرع عن إضاعة المال؛ لأن المسلم إذا علم أنه لن يملكها بالتقاطها، وسوف يتحمل بالتقاطها تعريفها الدائم كان في التقاطها مشقة وكلفة من غير نفع يصل إليه فيؤدي إلى أن لا يلتقطها أحد لتعريفها فتضيع، بخلاف ما إذا قيل للملتقط: إذا عرفتها، فلم يأت صاحبها فهي لك، كان في ذلك حث على التقاطها وحفظها وتعريفها، لكونه وسيلة إلى الملك المقصود للآدمي.

° الراجح:

أن الملتقط مخير بين ثلاثة أشياء، تملكها، أو التصدق بها بشرط ضمانها، أو حفظها لصاحبها، والله أعلم.

* * *

ص: 99