الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفرع الثالث
في تقديم الغني على الفقير
[م-2057] لو تزاحم اثنان في أخذه، وكان أحدهما غنيًا، والآخر فقيرًا، فهل يعتبر الغنى مرجحًا لأحدهما على الآخر؟
أما إذا كانا غنيين، وكان أحدهما أكثر غنى لم يكن هناك ما يدعو لترجيح الأكثر غنى، ما دامت صفة الغنى موجودة في كل واحد منهما على الأصح.
فإن كان أحدهما غنيًا، والآخر فقيرًا، فقد اختلف العلماء في ذلك على قولين:
القول الأول:
يقدم الغني على الفقير، نص عليه ابن عابدين من الحنفية، وهو الأصح في مذهب الشافعية، والمذهب عند الحنابلة
(1)
.
قال ابن عابدين في حاشيته: «وينبغي أن يرجح ما هو أنفع للقيط نهر، بأن يقدم العدل على الفاسق والغني على الفقير»
(2)
.
وجاء في تحفة المحتاج: «وإن التقطاه معًا، وهما أهل لحفظه، وحفظ ماله
(1)
حاشية ابن عابدين (4/ 271)، تحفة المحتاج (6/ 344)، الوسيط (4/ 304)، المبدع (5/ 299)، كشاف القناع (4/ 230)، مطالب أولي النهى (4/ 251)، الشرح الكبير (6/ 384)، الإنصاف (6/ 442)، المغني (6/ 42).
(2)
حاشية ابن عابدين (4/ 271).
فالأصح أن يقدم غني
…
على فقير؛ لأنه أرفق به غالبًا، وقد يواسيه بماله»
(1)
.
وقال النووي: «والصفات المقدمة أربع. إحداها: الغنى، فإذا كان أحدهما غنيًا والآخر فقيرًا، فقيل: يستويان. والأصح تقديم الغني وعلى هذا لو تفاوتا في الغنى، فهل يقدم أكثرهما مالا؟ وجهان.
قلت: الأصح لا يقدم. والله أعلم»
(2)
.
وجاء في الإنصاف: «وإن التقطه اثنان، قدم الموسر منهما على المعسر
…
لا أعلم فيه خلافًا»
(3)
.
° وجه القول بتقديم الغني على الفقير:
أنه أرفق باللقيط، وقد يواسيه بماله، ولأن الفقير قد يشغله طلب القوت عن القيام بواجبات الحضانة.
قلت: مقتضى التعليل أن الفقير لو كان أنفع للقيط قدم على الغني كما لو كان الغني محرومًا والفقير كريمًا.
قال ابن قاسم العبادي في حاشيته: «لو علم شح الغني شحًا مفرطًا قدم الفقير الذي ليس كذلك؛ لأن الحظ حينئذ عند الفقير أكثر»
(4)
.
(1)
تحفة المحتاج (6/ 344).
(2)
مغني المحتاج (5/ 420).
(3)
الإنصاف (6/ 442).
(4)
حاشية ابن قاسم العبادي على تحفة المحتاج (6/ 345).
القول الثاني:
يستوي الغني والفقير في الالتقاط، وهو قول في مذهب الشافعية
(1)
.
° وجه القول بالاستواء:
أن النفقة ليست على الملتقط، وإنما نفقته من ماله إن كان له مال، أو من بيت المال إن لم يكن له مال، وإذا كان كذلك لم يكن للغنى والفقر صفة ترجيح، فهما سواء في الالتقاط.
° الراجح:
أرى أن تقديم الغني على الفقير أنفع للقيط إذا استويا في الصفات الأخرى، وكان الغني باذلًا كريمًا.
* * *
(1)
الروضة (5/ 420).