الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الرابع
في تعدد الملتقط
[م-2019] نص الشافعية والحنابلة على أن اللقطة إذا وجدها اثنان وأخذاها معًا كانت بينهما، كما لو أخذا صيدًا كان بينهما.
فإن أقاما معرفًا واحدًا عرفها سنة لهما، وإن عرفاها بنفسيهما، فهل يعرفها كل منهما سنة، أو يعرفها نصف سنة، قولان في المسألة.
وإن رآها اثنان فهي لمن رفعها، لا لمن رآها.
وإن قال أحدهما لصاحبه: ناولني فأخذها الآخر، فإن أخذها لنفسه فهو أحق بها، وإن نوى المناولة:
فقيل: تصح بناء على جواز التوكيل في الاصطياد ونحوه، وهذا لا يخالف ما ذكره الشافعية في الوكالة من عدم صحتها في الالتقاط؛ لأن ذلك في عموم الالتقاط، وهذا في خصوص لقطة وجدت، فالأمر بأخذها استعانة مجردة على تناول شيء معين.
ويحتمل ألا تصح باعتبار أن الوكالة إنابة فيما يملكه، وهو لا يملك اللقطة حتى يملك التفويض في رفعها.
وإن أخذها اثنان فترك أحدهما حقه منها للآخر لم يسقط؛ لأنه ليس له نقل حقه إلى الآخر
(1)
.
(1)
أسنى المطالب (2/ 495)، روضة الطالبين (5/ 415)، مغني المحتاج (2/ 417)، تحفة المحتاج (6/ 333)، المبدع (5/ 283)، المغني (6/ 8)، مطالب أولي النهى (4/ 232)، الإنصاف (6/ 416).
(1)
.
وقال العمراني في البيان: «وإذا وجد رجلان لقطة، فأخذاها معًا كانت بينهما بعد التعريف، كما إذا أثبتا صيدًا.
وإن رأياها معا فبادر أحدهما وأخذها كانت لمن أخذها؛ لأن استحقاق اللقطة بالأخذ دون الرؤية، كما قلنا في الاصطياد.
فإن رآها أحدهما، فقال لصاحبه: أعطنيها، فأخذها الآخر؛ فإن أخذها لنفسه كان أحق بها؛ لأن استحقاقها بالأخذ دون الرؤية، وإن أخذها لصاحبه الذي أمره بأخذها، فهل تكون للآمر؟ فيه وجهان، بناء على القولين في التوكيل في الاصطياد والاحتشاش.
وإن أخذ رجل اللقطة فضاعت منه، ووجدها آخر فإن الثاني يعرفها، فإن جاء مالكها، وأقام البينة عليها وجب عليه ردها إليه؛ لأنه هو المالك لها. وإن لم يجد مالكها ولكن جاء الملتقط الأول، وأقام البينة على التقاطه لها وجب على الثاني ردها إليه؛ لأن الأول قد ثبت له عليها حق بالالتقاط، فوجب ردها إليه كما لو تحجر مواتًا»
(2)
.
وقال ابن قدامة: «إن وجد اللقطة اثنان، فهي بينهما؛ لأنهما اشتركا في السبب، فاشتركا في الحكم، وإن ضاعت من واجدها، فوجدها آخر ردها على
(1)
المهذب (1/ 429).
(2)
البيان في مذهب الإمام الشافعي (7/ 522).
الأول؛ لأنه قد ثبت له الحق فيها، فوجب ردها إليه كالملك، وإن رآها اثنان، فرفعها أحدهما فهي له؛ لقول النبي عليه السلام:(من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم، فهو له)
(1)
.
وإن رآها أحدهما فقال للآخر: ارفعها ففعل، فهي لرافعها؛ لأنه مما لا يصح التوكيل فيه»
(2)
.
(3)
.
وفي شرح منتهى الإرادات: «فإن قال أحدهما لصاحبه: ناولني فأخذه الآخر، فإن نوى أخذه لنفسه فهو أحق به، كما لو لم يأمره الآخر، وإن نوى المناولة فهو للآمر لفعله ذلك بنية النيابة عنه إن صحت الوكالة في الالتقاط»
(4)
.
(1)
رواه أبو داود في سننه (3071) من طريق عبد الحميد بن عبد الواحد، حدثتني أم جنوب بنت نميلة، عن أمها سويدة بنت جابر، عن أمها عقيلة بنت أسمر بن مضرس، عن أبيها أسمر بن مضرس مرفوعًا بلفظ:(من سبق إلى ما لم يسبقه إليه مسلم فهو له قال: فخرج الناس يتعادون يتخاطون).
ومن طريق عبد الحميد أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (814)، والبيهقي في السنن الكبرى (6/ 142)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (1070)، والمقدسي في الأحاديث المختارة (1434)، وهذا إسناد ضعيف، كل رجاله مجاهيل لا يعرف منهم غير صحابيه رضي الله عنه.
قال أبو القاسم البغوي: لا أعلم بهذا الإسناد حديثًا غيره. البدر المنير (7/ 61).
(2)
الكافي لابن قدامة (2/ 360).
(3)
الإنصاف (6/ 417).
(4)
شرح منتهى الإرادات (2/ 391).
وفي أسنى المطالب: «لو التقط اثنان لقطة عرف كل منهما سنة قال ابن الرفعة وهو الأشبه؛ لأنه في النصف كملتقط واحد.
وقال السبكي: بل الأشبه أن كلا منهما يعرفها نصف سنة؛ لأنهما لقطة واحدة، والتعريف من كل منهما لكلها لا لنصفها، وإنما تقسم بينهما عند التملك. قال الأذرعي: وهذا ظاهر، وقد قالوا: يبني الوارث على تعريف مورثه، نعم لو أقاما معرفا واحدا، أو أذن أحدهما للآخر فلا تردد فيما رآه»
(1)
.
(1)
أسنى المطالب (2/ 491).