الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث
في ضمان اللقطة إذا ردها إلى موضعها
[م-2013] إذا أخذ الرجل اللقطة بنية التقاطها، ثم بدا له أن يردها فإن ردها إلى غير الموضع الذي أخذها منه ضمن بالاتفاق، وإن ردها إلى الموضع الذي أخذها منه، فهل يضمنها بذلك، أو يصح ردها؟
في ذلك خلاف بين العلماء على قولين:
القول الأول:
إن أخذ اللقطة ليعرفها ثم ردها إلى موضعها فلا ضمان عليه، وإن أخذها ليأكلها، ثم ردها إلى موضعها ضمنها، وهو ظاهر الرواية في مذهب الحنفية، ونص عليه محمد بن الحسن، واختاره أشهب من المالكية
(1)
.
وحمل بعض الحنفية ظاهر الرواية على أن المقصود إن ردها قبل أن يبرح من مكانه، أما إذا ذهب بها، ثم رجع إليه فردها فإنه يضمن
(2)
.
قال في بدائع الصنائع: «ولو أخذ اللقطة، ثم ردها إلى مكانها الذي أخذها منه لا ضمان عليه في ظاهر الرواية، وكذا نص عليه محمد في الموطأ، وبعض مشايخنا رحمهم الله قالوا: هذا الجواب فيما إذا رفعها ولم يبرح عن ذلك
(1)
بدائع الصنائع (6/ 201)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (5/ 439)، تبيين الحقائق (3/ 302)، درر الحكام شرح غرر الأحكام (2/ 131)، المقدمات الممهدات لابن رشد (2/ 484).
(2)
الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (1/ 355)، بدائع الصنائع (6/ 201).
المكان حتى وضعها في موضعها، فأما إذا ذهب بها عن ذلك المكان، ثم ردها إلى مكانها يضمن، وجواب ظاهر الرواية مطلق عن هذا التفصيل مستغن عن هذا التأويل»
(1)
.
(2)
.
° وجه القول بعدم الضمان:
أنه إذا أخذها ليعرفها أو ليحفظها لصاحبها فإنه محتسب متبرع، فإذا ردها إلى مكانها فقد فسخ التبرع من الأصل، فصار كأنه لم يأخذها أصلًا، وإن أخذها ليأكلها ثم ردها إلى موضعها لم يبرأ عن الضمان ما لم يدفعها إلى صاحبها؛ لأنه صار غاصبًا، والغاصب لا يبرأ إلا بالرد.
القول الثاني:
إنْ رد اللقطة بعد أن أخذها بنية التقاطها أو حفظها فإن ذلك موجب
(1)
بدائع الصنائع (6/ 201).
(2)
مجمع الضمانات (ص: 211).
لضمانها، وهو مذهب المالكية، والشافعية، والحنابلة
(1)
.
واستثنى المالكية ما لو أخذ المال وهو يظنه قد سقط من قوم بين يديه فدفعه إليهم فلم يعرفوه، فإذا رد المال إلى موضعه فورًا لم يضمنه؛ لأنه لم يأخذ المال بنية الالتقاط فيجب عليه حفظه وتعريفه، ولا بنية الخيانة، فيضمنه مطلقًا.
قال الشافعي في الأم: «ومن التقط لقطة فاللقطة مباحة فإن هلكت منه بلا تعد فليس بضامن لها، والقول قوله مع يمينه، وإذا التقطها ثم ردها في موضعها فضاعت فهو ضامن لها، وإن رآها فلم يأخذها فليس بضامن لها»
(2)
.
° وجه القول بالضمان:
أن الملتقط لما أخذها فقد التزم حفظها، فإذا تركها في الموضع الذي وجدها فيه بعد التزام حفظها فقد ضيعها، وتضييع الأمانة موجب لضمانها.
ويناقش:
بأن القول بأنه قد التزم بالحفظ غير صحيح، وإنما تبرع به، وفي ردها إلى مكانها فسخ لهذا التبرع، فكأنه لم يكن.
* * *
(1)
شرح البخاري لابن بطال (6/ 549)، المدونة (6/ 178)، عقد الجواهر الثمينة (3/ 990)، المنتقى شرح الموطأ (6/ 135)، بداية المجتهد (2/ 232)، منح الجليل (8/ 236)، الأم (4/ 69)، مغني المحتاج (2/ 409)، البيان للعمراني (7/ 521)، الحاوي الكبير (8/ 28)، الإنصاف (6/ 406)، الكافي لابن قدامة (2/ 356)، المبدع (5/ 275)، المغني (6/ 15)، شرح منتهى الإرادات (2/ 379)، كشاف القناع (4/ 92).
(2)
الأم (4/ 69).