الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من أغرب أقوال الشيخ، ثم يردد ما قاله الشيخ محمد عبده عن الملائكة والشياطين، ولا حاجة لمناقشة هذا.
و- تفسيره للمعارج:
قد لا يكون غريبًا خروج الشيخ عن سياق الآيات ورأي جمهور المفسرين، بعد أن عرفنا كثيرًا من هذا، ومن هذا القبيل تفسيره (المعارج) بالنعم في قوله تعالى:{مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ (3)} [المعارج: 3](1)، مع أن السياق والمقام لا يساعدان على ذلك، فإن الحديث عن عذاب واقع ليس له دافع، ولعل من الخير أن أنقل شيئًا من عباراته، يقول:(المعارج - وأحدها معرج: وهو المصعد (أسنسير)، كما قال {وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ} [الزخرف: 33] والمراد بها النعم التي تكون درجات متفاضلة، تصل إلى الخلق على مراتب مختلفة
…
وقد نظم سبحانه العوالم، فجعل منها مصاعد ومنها دركات، فليكن هؤلاء في الدركات، وليكن المؤمنون والملائكة في الدرجات، طبقًا عن طبق، على نظم ثابتة اقتضتها الحكمة والمصلحة).
5 - إكثاره من التفسير العلمي ولو كان بعيد الاحتمال:
فمثلًا في سورة الأعراف يفسر خلق السماوات والأرض في ستة أيام بأنها ستة أطوار، فالدخان ثم الماء ثم اليابسة ثم أجناس الأحياء، ويبقى يومان للعالم العلوي (2).
وعند تفسيره لقوله تعالى: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ} [الإنسان: 1]، يبين أن الآية تتفق مع ما أثبته العلم، من أن الإنسان إنما خلق بعد أزمنة طويلة من خلق هذه الأرض (3).
وفي تفسير قوله تعالى: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ
(1) تفسير المراغي جـ 29 ص 65 - 67
(2)
تفسير المراغي 8/ 172.
(3)
تفسير المراغي 29/ 159.
كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا (109)} [الكهف: 109]، ينتهز هذه الفرصة لينقل ما قاله العلماء عن عمر الأرض، بأنه ألفا مليون سنة، وأن الإنسان لم يعش عليها إلا منذ ثلاثمائة ألف سنة، وأن إنسان الغد سيكون أحكم من إنسان اليوم بثلاثة ملايين مرة وهكذا. وكله خرص وتخمين كما ترى يُقحم في تفسير القرآن (1).
ولا ينسى الشيخ كما وعد في مقدمته، أن يسأل ذوي الاختصاص فنراه يسأل الأستاذ عبد الحميد سماحة، وكيل المرصد الفلكي المصري بحلوان، ليدلي إليه بما اتفق لعلماء الفلك من النظريات التي تضمنتها الآيات مثل ذلك ما رأيناه في سورتي الأنبياء ويس، يقول عند قوله تعالى:{لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (40)} [يس: 40](2).
(المقصود هنا أن الله سبحانه بديع السماوات والأرض، جعل لكل من الشمس والقمر مدارًا مستقلًا يسبح فيه، فلا يحجب أحدهما ضوء الآخر إلا نادرًا، حينما يحدث كسوف الشمس أو خسوف القمر فالشمس كما ذكرنا تدور حول الأرض في حركة ظاهرية، تنشأ عن دوران الأرض حولها، وهي تشبه ما يبدو للمسافر في القطار، من حركة الأشجار وأعمدة التلغراف والقرى، دون أن يحس بحركته المكتسبة من وجوده في القطار، وهكذا تتحرك الشمس وسط النجوم في مدار واسع نسبيًا نصف قطره 93 مليون ميل، وتتم دورة كاملة في زمن مقداره سنة، يدل على هذه الحركة تنقلها وسط البروج، بمعدل برج في كل شهر، أو درجة واحدة تقريبًا في كل يوم.
أما القمر فمداره حول الأرض أصغر نسبيًا، ويقدر طول نصف قطر مداره، بحوالي 24 ألف ميل، يقطعه في شهر، أي بمعدل منزل في كل يوم، أو 13 درجة في اليوم، وحركته حول الأرض حركة حقيقية، ويمكن ملاحظتها بسهولة، من مراقبة موقعه بين النجوم ليلة بعد أخرى.
(1) تفسير المراغي 15/ 29.
(2)
تفسير المراغي جـ 23 ص 23.