الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد استخلص هذا التفسير بشكل واضح من الآراء المجمع عليها لدى أئمة المفسرين، وأقطاب أهل السنة، وكان يشرح اللفظ حيث صادفه، ولا يحيل، يقول في المقدمة:"والتزمنا أن نشرح اللفظ حيث وجدناه، ولو صادفنا في كل صفحة من صفحات المصحف، وهذا ما لم يعمله مفسر من المتقدمين؛ فإنه متى أتى على شرح اللفظ في سورة من السور، ثم صادفه في سورة أخرى أهمله من الشرح اعتمادًا على سبق الكلام فيه".
يقسم تفسير الآيات قسمين، تفسير الألفاظ، وتفسير المعاني، يبين فيه المعنى الإجمالي للآية، وأفرد قسمًا ثالثًا في (صفوة العرفان) لبيان القراءات، ويبدأ مباشرة ببيان معنى السورة دون أن يقدم للسورة بمقدمة، ولا يعطي فكرة عن مكيتها ومدنيتها، أو موضوعها.
يمتاز أسلوبه بالسهولة واليسر، عباراته واضحة، يفسر الآية حسب ما يبدو ظاهرًا منها، ولا يحاول الغوص وراء الألفاظ، واستخراج ما ترشد إليه.
الجانب اللغوي في التفسير:
اهتمام الشيخ بجوانب اللغة في التفسير ملحوظ، حيث شرح المفردات، وجاء بأصولها اللغوية، وقد يأتي بأكثر من معنى للفظ الواحد، وهذا الجانب من أهم الجوانب في هذا التفسير.
- يقول عند قوله تعالى: {مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ} [البقرة: 143].: العقب مؤخر القدم، يقال: جاء فلان بعَقب فلان أو بعُقبه، أي جاء بعده، ومعناه: جاء يطأ عقبه، ثم كثر حتى قيل: جاء عقبه.
- {مُسَوِّمِينَ} [آل عمران: 125]: أي معلَّمين، من التسويم الذي هو إظهار سيما الشيء، أو مرسلين، من التسويم بمعني الإسامة وهو الإرسال.
- {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا} [البقرة: 276]: يمحق: ينقصه ويذهب بركته، ومنه المحاق
لآخر الشهر إذا انمحق الهلال.
- {وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ} [آل عمران: 103]: الشفا حرف كل شيء وحدّه، تثنيته شفوان، وجمعه أشفاء، ويقال: ما بقي منه إلا شفا، أي قليل.
- {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا} [الأنعام: 21]: افترى، أي اختلق، وأصله الفري، وهو قطع الجلد لخرزه وإصلاحه، والإفراء لإفساده، والافتراء يستعمل فيهما وأكثر استعماله في الإفساد، وقد استعمل في القرآن الكريم بمعنى الكذب والشرك والظلم.
- {وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ} [لأنبياء: 11]: أي وكم أهلكنا من قرية، والقصم كسر يبطل تلاؤمها وحركتها، فعله قصمه يقصمه قصمًا.
- {وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا} [لفرقان: 32]: أي وقرأناه عليك شيئًا فشيئًا على تؤدة، وأصل الترتيل تفليج الأسنان، أي جعل بعضها متباعدًا عن بعض، شبه بها نزول القرآن مفرقًا.
* وظهر اهتمامه الشديد والملحوظ باشتقاقات الألفاظ من أول التفسير إلى آخره:
- يقول عند قوله تعالى: {ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} [المائدة: 75]: يصرفون، أفكه يأفكه إفكًا، صرفه وقلب رأيه، فهو أفيك ومأفوك.
- وقوله {فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا} [النساء: 112]: أي ظلمًا وباطلًا، يقال: بهته يبهته بهتًا وبهتانًا، قذفه بالباطل.
- وقوله {ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى} [القيامة: 33]: يتمطى: يتبختر، مشتق من المط وهو المد، فإن المتبختر يمد خطاه، أو من المطا، وهو الظهر، فإن المتبختر يلويه.
* وتخلل بيان المفردات فوائد لغوية تتعلق باللفظ الذي يتناوله:
- يقول عند قوله تعالى: {إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ} [الشعراء: 171]: وهو من الأفعال التي لها معنيان متضادان: بقي وذهب.
- وعند قوله تعالى: {بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [النحل: 28]: (بلى) تستعمل ردًّا لنفي، وتستعمل أيضًا جوابًا لاستفهام مقترن بنفي، نحو:(ألست بربكم؟ قالوا: بلى).
- {وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ} [الأعراف: 22]: طفق مختص بالإثبات، فلا يقال ما طفق.
- {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا} [آل عمران: 120]: الكيد ضرب من الاحتيال، وقد يكون مذموما وممدوحًا، وأكثر استعماله في المذموم.
- {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 110]: خير: الأفصح حذف الألف منها ومن أشر، فيقال: هذه خير أمة وتلك شر أمة.
* في كثير من الأحيان كان الشيخ يعرض للمباحث البلاغية في الآيات الكريمة، ولكن بإيجاز، انسجامًا مع أسلوبه المختصر والسهل الذي نهجه في تفسيره:
- يقول عند قوله تعالى: {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال: 46]: الريح مستعارة للدولة من حيث إنها في سريان أمرها ونفوذ سلطانها تشبه الريح في هبوبها وامتدادها.
- {أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ} [الأعراف: 150]: كأنه ضمّن (عجل) معنى (سبق) فعدّى تعديته.
- {تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ} [الحجر: 1]: نكر (آيات) للتفخيم.
- {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ} [الأنعام: 60]: استعير التوفي من الموت للنوم لما بينهما من المشاركة في زوال الإحساس بتمامه.
- {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} [الزمر: 36]: استفهام إنكار للنفي، مبالغة في الإثبات.
- {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [طه: 131]: (زهرة) منصوب بمحذوف، دلَّ عليه متعنا على تضمينه معنى أعطينا.
- {لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [الحجرات: 1]: أي لا تقدموا أمرًا، فحذف المفعول ليذهب الوهم إلى كل ما يمكن.
- {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح: 1]: هذا وعد من الله لرسوله بفتح مكة، وعبّر بالماضي لتحققه.
- {وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ} [العنكبوت: 64]: وهو أبلغ من الحياة، لما في بناء فعَلان من الحركة والاضطراب اللازم للحياة.
- {وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ} [يونس: 104]: وإنما خصّ التوفي بالذكر للتهديد.
* كان على عناية بذكر معاني الحروف:
- ومن ذلك عند قوله تعالى: {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ} [البقرة: 133]: قيل (أم) هنا منقطعة، ومعنى الهمزة فيها الإنكار، أي ما كنتم حاضرين إذ حضر يعقوب الموت، وقيل: هي متصلة بمحذوف، تقديره: أكنتم غائبين أم كنتم شهداء.
- {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ} [البقرة: 214]: (لمّا) مثل (لم) للنفي، إلا أن منفيها مستمر النفي إلى وقت التكلم.
- {أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [آل عمران: 106]: الهمزة للتوبيخ.
- {أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ} [لأنعام: 19]: الهمزة للإنكار.
*كان حريصًا على بيان وجه الإعراب، وخصوصًا ما له تعلّق بتوضيح المعنى ومما ورد في تفسيره:
- عند قوله تعالى: {أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: 184]: وإنما نصب (أياما) بفعل مضمر تقديره صوموا.