الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فما عليه إلا تبليغ الدعوة، ونصرة الحق بالحق. والهداية والدلالة، إلى دين الله، وصراطه المستقيم.
خاطبه بهذا ليؤكد لخلقه ما أمرهم به، من قول التي هي أحسن للموافق والمخالف.
فلا يحملنّهم بغض الكفر والمعصية على السوء في القول لأهلهما؟ فإنما عليهم تبليغ الحق كما بلغه نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم.
ولن يكن أحد أحرص منه على تبليغه، فحسبهم أن يكونوا على سنته وهديه.
أحيانا الله عليهما، وأماتنا عليهما، وحشرنا في زمرة أهلهما. آمين (1).
3 - الطور الأخير لكل أمة وعاقبته
تمهيد:
أطوار الأمم:
الأمم كالأفراد، تمر عليها ثلاثة أطور: طور الشباب، وطور الكهولة، وطور الهرم.
فيشمل الطور الأول.
نشأتها إلى استجماعها قوتها ونشاطها، مستعدة للكفاح والتقدم في ميدان الحياة.
ويشمل الطور الثاني.
ابتداء أخذها في التقدم والانتشار، وسعة النفوذ، وقوة السلطان إلى استكمالها قوتها، وبلوغها غاية ما كان لها أن تبلغه من ذلك، ، بما كان فيها من مواهب، وما كان لها من استعداد، وما لديها من أسباب.
(1) تفسير ابن باديس (171 - 178).
ويشمل الطور الثالث.
إبداءها في التقهقر والضعف والانحلال، إلى أن يحل بها الفناء والاضمحلال، إما بانقراضها من عالم الوجود، وإما باندراسها في عالم السيادة والاستقلال.
وما من أمة إلا ويجري عليها هذا القانون العام، وإن اختلفت أطوارها في الطول والقصر، كما تختلف الأعمار.
من معجزات القرآن:
هذه السنة الكونية التي أجرى الله عليها حياة الأمم في هذه الدنيا، أشار إليها في كتابه العزيز في غير ما آية:
فذكر أعمار الأمم، مقدرة محددة بآجلها في مثل قوله تعالى:
{وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ} [الأعراف: 34].
وذكر إنشاء الأمم على إثر الهالكين في مثل قوله تعالى:
{وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ} [الأنبياء: 11].
وذكر طور شباب الأمة ودخولها معترك الحياة في مثل قوله تعالى:
{عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ} [الأعراف: 129].
أطوار بني إسرائيل:
فإن بني إسرائيل ما استخلفوا في الأرض حتى قووا، واشتدوا وتكونت فيهم أخلاق الشجاعة، والنجدة والحمية والأنفة بعد خروجهم من التيه.
وذلك هو الطور الأول طور الشباب للأمة الإسرائيلية.
وذكر الطور الثاني وهو طور الكهولة واستكمال القوة، وحسن الحال، ورغد العيش في مثل قوله تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا
رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ} [النحل: 112].
وذكر الطور الثالث طور الضعف والانحلال في مثل قوله تعالى:
{وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا} [الكهف: 59].
سبب الهلاك:
وإهلاكهم يكون بعد إسباغ النعمة وإقامة الحجة عليهم، وتمكن الفساد فيهم وتكاثر الظلم منهم. فإهلاكهم هو نهاية الطور الثالث من أطوار الأمم الثلاث.
وإلى خاتمة الطور الثالث وعاقبته، جاء البيان في قوله تعالى:{وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا} [الإسراء: 58].
الألفاظ:
(القرية) المساكن المجتمعة، ومادة (ق ر ى) تدل على الجمع، فتصدق على القرية الصغيرة والمدينة الكبرى. وتطلق القرية مجازًا على السكان إطلاقًا لاسم المحل على الحال ومنه هذا.
و(الإهلاك) الإبادة والإفناء بالاستئصال كما فعل بعاد وثمود.
و(قبل يوم القيامة) أي في الدنيا.
و(العذاب الشديد) كأمراض الأبدان وفساد القلوب، وانحطاط الأخلاق، وافتراق الكلمة، وتسليط الطلام: كما أرسل على بني إسرائيل عبادًا أولى بأس شديد، فساءوا وجوههم، وجاسوا خلال ديارهم. وكتسليط أهل الحق على أهل الباطل، وكالجدب والقحط وجوائح الأرض، وجوائح السماء.
و(في الكتاب) أي اللوح المحفوظ (1). و (مسطورا) أي مكتوبا أسطارًا مبينا.
(1) اللوح المحفوظ والعرش والكرسي والقلم
…
كل ذلك من العالم الغيبي أخبرنا به القرآن الكريم والسنة النبوية، أما ماهيته وتحديدة
…
فيفوض إلى علم الله تعالى، ونصدق به فقط.