الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويظهر لك من خلال تفسير الشيخ لسورة الطارق:
1 -
بيانه لمكية السورة، وترتيبها في النزول.
2 -
ذكره مقاصد السورة الكريمة.
3 -
عنايته بالمفردات القرآنية، حيث بين معنى الطارق، والنجم الثاقب وغيرها.
4 -
عنايته ببيان القضايا اللغوية، حيث ذكر الغرض من الاستفهام في قوله (وما أدراك ما الطارق) والاستئناف البياني في قوله النجم الثاقب، والإطناب في وصف الماء الدافق، ومن ذلك بيانه لأسرار التعبير في قوله (وما أدراك).
فقد ذكر المفسر أنها وردت في كتاب الله ثلاث عشرة مرة كلها جاء الخبر بعدها، عدا آية واحدة هي {الْحَاقَّةُ (1) مَا الْحَاقَّةُ (2) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ} .
وورد التعبير بقوله (وما يدريك) ثلاث مرات وهذه لم يأت الخبر بعدها.
5 -
بيانه للإعجاز العلمي في الآيات الكريمة.
6 -
عنايته بالقراءات القرآنية وتوجيهها.
7 -
بيانه للمناسبات بين الآيات، فها هو يبين مناسبة قوله {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ} مع ما قبلها من الآيات.
7 - سورة الكوثر
قال: سورة الكوثر وتسمى أيضًا سورة النحر، تعتبر أقصر سورة في القرآن الكريم وهي من السور المكية عند الجمهور وقيل مدنية
…
قال بعض العلماء: والأظهر أن هذه السورة مدنية، وعلى هذا سنسير في تفسير آياتها، وعلى القول بأنها مكية عددها الخامسة عشرة، في عداد نزول السور، نزلت بعد سورة العاديات، وقبل سورة التكاثر وعلى القول بأنها مدنية، فقد قيل إنها نزلت في الحديبية، وعدد آياتها ثلاث آيات بالاتفاق (1).
(1) تفسير التحرير والتنوير (30/ 561).
والسورة الكريمة بشارة للنبي صلى الله عليه وسلم بأن الله تعالى سيعطيه الخير الجزيل والذكر الخالد.
والكوثر: فوعل من الكثرة، مثل النوفل من النفل، ومعناه: الشيء البالغ في الكثرة حد الإفراط، والعرب تسمي كل شيء كثر عدده وعظم شأنه: كوثرًا، وقد قيل لأعرابية بعد رجوع ابنها من سفر، بم آب ابنك؟ قالت آب بكوثر أي بشيء كثير.
قال الإمام القرطبي: ما ملخصه واختلف أهل التأويل في الكوثر الذي أعطيه النبي صلى الله عليه وسلم على ستة عشر قولًا: الأول: أنه نهر في الجنة رواه البخاري عن أنس، ورواه الترمذي أيضًا عن ابن عمر. الثاني أنه حوض النبي صلى الله عليه وسلم في الموقف، الثالث: إنه النبوة والكتاب، الرابع: أنه القرآن، الخامس: الإسلام.
ثم قال رحمه الله: قلت: أصح هذه الأقوال الأول والثاني، لأنه ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم نص في الكوثر، وجميع ما قيل بعد ذلك في تفسيره قد أعطيه صلى الله عليه وسلم زيادة على حوضه (1).
وافتتح سبحانه الكلام بحرف التأكيد للاهتمام بالخبر، وللإشعار بأن المعطى شيء عظيم، أي: إنا أعطيناك بفضلنا وإحساننا أيها الرسول الكريم الكوثر، أي: الخير الكثير، الذي من جملته هذا النهر العظيم والحوض المطهر، فأبشر بذلك أنت وأمتك ولا تلتفت إلى ما يقوله أعداؤك في شأنك.
والفاء في قوله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} لترتيب ما بعدها على ما قبلها، والمراد بالصلاة: المداومة عليها، أي ما دمنا قد أعطيناك هذه النعم الجزيلة فداوم على شكرك لنا بأن تواظب على أداء الصلاة أداء تامًّا، وبأن تجعلها خالصة لربك وخالقك، وبأن تواظب أيضًا على نحرك الإبل تقربًا إلى ربك كما قال سبحانه:
(1) تفسير القرطبي (20/ 218)، ابن كثير (7/ 519).
{قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام: 162 - 163].
ثم بشره سبحانه ببشارة أخرى فقال: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} والشانئ: هو المبغض لغيره يقال: شنأ فلان فلانًا شنئًا إذا أبغضه وكرهه، والأبتر في الأصل: هو الحيوان المقطوع الذنب والمراد به هنا الإنسان الذي لا يبقى له ذكر، ولا يدوم له أثر.
شبه بقاء الذكر الحسن بذنب الحيوان؛ لأنه تابع له، وهو زينته، وشبه الحرمان من ذلك ببتر الذيل وقطعه.
والمعنى: إن مبغضك وكارهك أيها الرسول الكريم هو المقطوع عن كل خير، والمحروم من كل ذكر حسن.
قال الإمام ابن كثير: كان العاص بن وائل إذا ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: دعوه فإنه رجل أبتر لا عقب له، فإذا هلك انقطع ذكره فأنزل الله تعالى هذه السورة.
وقال السدي: كانوا إذا مات ذكور الرجل قالوا: بتر، فلما مات أبناء النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: بتر محمد فأنزل الله هذه الآية.
وهذا يرجع إلى ما قلناه من أن الأبتر إذا مات انقطع ذكره، فتوهموا لجهلهم أنه إذا مات بنوه ينقطع ذكره، وحاشا وكلا، بل أبقى الله ذكره على رؤوس الأشهاد، وأوجب شرعه على رقاب العباد، مستمرًا على دوام الآباد، إلى يوم الحشر والمعاد، صلوات الله وسلامه عليه إلى يوم التناد (1).
نسأل الله تعالى أن يجعلنا من أهل شفاعته يوم القيامة (2).
هذه النماذج السبعة تعطي صورة واضحة عما تحدثت عنه من قبل، ويظهر فيها جليًّا إعمال الفكر وإجالته، في تجلية النص وإظهار أسراره البلاغية، دون الوقوف
(1) راجع تفسير ابن كثير (7/ 525).
(2)
التفسير الوسيط (15/ 734).