الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 -
غير معتقد بها.
3 -
معتقد بها بالوراثة.
وكلٌّ من هذه الأصناف له دستور خاص في الحياة، يلائم مكانه من هذه العقيدة.
وبعد التحليلات الفلسفية قرر أن لكل من المعتقد وغير المعتقد دافعًا يدفعه إلى الرقي والتقدم، وأن رقي الأول يشمل الرقي الروحي والجسدي، أما الثاني فرقته محدود في عالم المادة فقط، والمعتقد بالوراثة لا حظ له من أحد هذين الدافعين، ولا يليق به إلا أن يكون تبعا لأحد هذين الصنفين.
إن الدافع الذي يدفع المعتقد للتقدم للأمام هو (طلب الكمال) بمعناه الحقيقي الذي ينال به كمال الروح وكمال الجسد، أما غير المعتقد الذي يرى نفسه مدفوعًا لتكميل بدنه وإشباع حواسه فمبدأه (تنازع الحياة)، فلا ينال إلا كمال الجسد، وهو لا يرى سعادته إلا في نيل أقصى ما يستطيعه من المال والجاه، فتراه يتنازع الناس فيهما منازعة اليائس المستميت بما يراه أحسن الوسائل.
وهذا دافع عظيم للحياة ودستور كبير للبقاء.
من هنا ترى أنه ليس بعجيب أن ينال غير المعتقدين مدنية زاهرة وحضارة باهرة، ولكن لا ترى فيها نصيبًا للروح، فترى أن الحق فيها مع القوة والحكم للسيف والفتوة.
كيف كان العالم قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم
-:
تحدث عن الاضطرابات والفتن والحروب التي كانت سائدة في العالم كله، وكانت شبه الجزيرة العربية جغرافيا بعيدة عن هذه الفتن، وعن الديانات التي كانت سائدة قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم: اليهودية والنصرانية والوثنية، وأن الوثنيين كانوا هم السواد الأعظم.
هذه هى الأحوال العمومية التي أرسل فيها النبي صلى الله عليه وسلم، وتنحصر أعمال النبي صلى الله عليه وسلم في أربع حوادث مهمة:
1 -
إبداله الوثنية بالتوحيد
2 -
تهيبه لأخلاقهم
3 -
ربط قبائلهم برباط الإخاء، وجعلهم أمة وثيقة العرى
4 -
تكوينه لقانون كامل أداهم للمدينة الفاضلة.
هذه حوادث اجتماعية تحتاج إلى تعليل مقبول تطمئن إليه النفس، وليس أمامنا إلا أحد فرضين، وهما إما التسليم بأن محمدًا صلى الله عليه وسلم رسول الله حقيقة، وإما فرض أنه ليس رسولًا، وأنه وصل إلى ما وصل إليه بالتدبير وحسن السياسة.
ثم ناقش هذا القول الثاني وما ينبني عليه من أمور، وأثبت بطلانها، ثم قال: هذه فروض يقتضيها زعم من يتجاسر فيزعم أن محمدًا صلى الله عليه وسلم ليس برسول، وقد أريناك مكانها من العلم، فلم يبقَ أمامنا إلا الفرض الأول، وهو أنه رسول رب العالمين.
ثم عرض للمقصد السامي الذي أنزل القرآن من أجله، وهو تربية الإنسان تربية صحيحة، حاصلًا على كمال طبيعته الجسدية والروحية، ومن أجل إيصال الإنسان لهذه المكانة اتبع معه مختلف الوسائل، وأتبع ذلك بالحديث عن كل شعبة من شعب الأدب الإلهي أودعه زبدة ما يرمي إليه العلم العمري، ثم بما قرره فيه الكلام الإلهي.
ثم ذكر أن الإنسان فُطِر على أن يبحث في أمرين: أمر دينه وأمر دنياه، وقد سمى الأوروبيون اليوم الأمر الأول بالفلسفة، لأن الأديان بنظرهم لا توصل إلى حقيقة، ولأن الفلسفة يجب أن تكون حسية عملية، وسموا الأمر الثاني بالعلم الطبيعي، وقالوا إن كل نظرية لا تعد من العلم إلا إذا أسعفتها التجربة وقوّاها الاختبار.