الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رسول الله صلى الله عليه وسلم مسلمًا في أوائل سنة ثمان) (1) وتيممه كان في غزوة ذات السلاسل وهي سنة ثمان، فلو كان الأمر كما يقول الشيخ محمد عبده والشيخ رشيد، ومن بعدهما الشيخ محمود شلتوت -رحمهم الله تعالى- لكان الأمر طبيعيًا أن يتيمم عمرو دون أن يجد الصحابة فيه شيئًا من الغرابة، فيرفعوا أمره إلى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويدافع عمرو عن نفسه بأنه خشي على نفسه، ولو كان الأمر كما قال الشيخ رشيد لكان الرسول صلى الله عليه وسلم قد بينه لهؤلاء، وأخبرهم بأن السفر يبيح لهم التيمم، لكن شيئًا من هذا لم يحدث.
والحق أن إباحة التيمم للمسافر مع وجود الماء لا نتفق فيها مع ما ذهب إليه صاحب المنار ولا يسعنا كذلك إلا أن نوافق جمهور العلماء فيما ذهبوا إليه والله ورسوله أعلم.
4 - مخالفته فيما حرم من الأطعمة:
يقول عند تفسيره لقول الله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ
…
} [الأنعام: 145](2) (الآية وردت بصيغة الحصر القطعي. فهي نص قطعي في حِل ما عدا الأنواع الأربعة، التي حصر التحريم بها فيها، وقد بينا في تفسير آية المائدة أن المنخنقة والموقوذة والمتردية وأكيلة السبع، التي تموت بذلك، ولا تدرك تذكيتها قبل الموت، من نوع الميتة، فهي تفصيل لها لا أنواع حرمت بعد ذلك حتى تعد ناسخة لآية الأنعام، وتحريم الخبائث لا يدل على محرمات أخرى في الطعام غير هذه، فيجعل ناسخًا للحصر فيها، فإن لفظ الخبائث، يشمل ما ليس من الأطعمة كالأقذار، وأكل أموال الناس بالباطل وكل شيء رديء. قال تعالى:{وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة: 267] فليس في القرآن ناسخ لهذه الآية، وما في
(1) سير أعلام النبلاء (3/ 55).
(2)
المنار (8/ 149).
معناها من الآيات المؤكدة لها، ولا مخصص لعمومها، وما يريدُ الله نسخه أو تخصيصه، لا يجعله بصيغة الحصر المؤكدة، كل هذا التأكيد الذي نشرحه بعد. ولكن ورد في الأحاديث تحريم الحمر الأهلية، وكل ذي ناب من السباع ومخلب من الطير الجوارح، وغير ذلك مما يأتي. ولذلك اختلفت أقوال مفسري السلف والخلف في الآية.
ثم يورد ملخص المأثور فيها من الدر المنثور للسيوطي، وأقوال العلماء ويعقب على ذلك كله، فيرى أن تحريم لحوم الحمر الأهلية، إما كان عرضًا ويتكلف لذلك في الجمع بين أحد الأحاديث الصحيحة -وهو الذي رواه أنس بن مالك رضي الله عنه، قال:(أصبنا من لحوم الحمر، يعني يوم خيبر، فنادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر فإنها رجس أو نجس)(1) وحديثين ضعيفين هما:
1 -
أخرج أبو داود عن غالب بن أبجر قال: أصابتنا سنة، فلم يكن في مالي شيء أطعم أهلي إلا سمان حمر، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم لحوم الحمر الأهلية، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله أصابتنا السنة، ولم يكن في مالي ما أطعم أهلي إلا سمان الحمر، وإنك حرمت لحوم الحمر الأهلية فقال: أطعم أهلك من سمين حمرك، فإنما حرمتها من أجل جوال القرية -يعني الجلالة-) (2).
2 -
أخرج الطبراني عن أم نصر المحاربية أن رجلًا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحمر الأهلية فقال: أليس ترعى الكلأ وتأكل الشجر، فقال: نعم، فقال: فأصب من لحومها. يقول: حديث أنس شاهد يقوي حديث غالب بن أبجر لأنه بمعناه ولا معارض له، فيجعل شاذًا بمخالفته إياه، فلا يضره اضطراب سنده، إذا مع
(1) صحيح البخاري باب لحوم الحمر الإنسية رقم 28، رقم الحديث (5208).
(2)
سنن أبي داود، كتاب الأطعمة، باب في أكل لحوم الحمر الأهلية حديث (3809).
عدم الطعن برجاله، وحديث أم نصر المحاربية يقوي ما ذكرناه، بتعليل حِل الحمر، بكونها تأكل الكلأ وورق الشجر، أي لا النجاسة، فالحديثان متفقان في المعنى، مع حديث أنس الذي هو عمدة القائلين بتحريم الحمر، وإنما يجمع بين هذه الأحاديث وبين الآية، بل الآيات القطعية اللفظ، والدلالة على الإباحة، بأن التحريم كان عارضًا، مؤقتًا، فيقصر على وجود العلة في كل زمان ومكان، ويباح في سائر الأحوال على الأصل ومقتضى النص القطعي) (1).
ومن العجيب أن الشيخ وهو وافر البضاعة في الحديث، قوي العارضة في التمييز بين الغث والسمين، تناسى هنا الروايات الصحيحة الكثيرة التي وردت عن علي وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو، وجابر والبراء، وعبد الله بن أبي أوفى وزاهر الأسلمي رضي الله عنهم جميعًا، أنس وهو الحديث الصحيح شاهدًا لحديث غالب بن أبجر، مع أنه لا يصلح شاهدًا لاختلاف المعنى فيهما. هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن حدث غالب أجمع الحفاظ على شذوذ متنه، لأنه مخالف للأحاديث الصحيحة، واختلف العلماء كثيرًا في سنده، ففيه ضعف واضطراب. وكذلك حديث أم نصر أجمعوا على ضعفه، هذا وإن تحريم لحوم الحمر متفق عليه.
قال الإمام النووي: (قال بتحريم الحمر الأهلية أكثر العلماء من الصحابة فمن بعدهم، لم نجد عن أحد من الصحابة في ذلك خلافًا إلا عن ابن عباس، وعند المالكية ثلاث روايات ثالثتهما الكراهية)(2).
وذكر ابن حزم أنه نقل تحريم الحمر الأهلية عن النبي صلى الله عليه وسلم عن طريق تسعة من الصحابة بأسانيد كالشمس. فهو نقل متواتر لا يسع أحدًا خلافه. ثم قال:
(1) المنار 8/ 149.
(2)
شرح صحيح مسلم جـ 4 ص 332 (مطبعة الكستلية).
(فإن ذكر ذاكر أن ابن عباس أباحها قلنا: لا حجة في أحد على الرسول صلى الله عليه وسلم، فكيف وابن عباس قد أخبر بأنه متوقف فيها. فقد روى البخاري عنه أنه قال: (لا أدري أنهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، من أجل أنه كان حمولة الناس، فكره أن تذهب حمولتهم، أو حرم في يوم خيبر لحمر الحمر الأهلية) وإن ذكروا أن عائشة رضي الله عنها أحلتها، واحتجت بقوله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا
…
} قلنا لم يبلغها التحريم ولو بلغها لقالت به كما فعلت في الغراب، فقد حرمته، مع أنه ليس مذكورًا في الآية) (1).
وقال ابن قدامة: (أكثر أهل العلم يرون تحريم الحمر الأهلية. قال أحمد: خمسة عشر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كرهوها. قال ابن عبد البر: لا خلاف بين علماء المسلمين اليوم في تحريمها)(2).
ثم يذكر الشيخ رشيد في ثنايا تفسيره لهذه الآية أن ما ورد في أكل كل ذي ناب من السباع ومخلب من الطير، بلفظ النهي. من الأحاديث ليس نصًّا في التحريم لاحتماله الكراهة، وبعد أن يصحح ويضعف ما شاء ويؤول رواية أبي هريرة رضي الله عنه، التي جاء فيها لفظ التحريم، بأنها قد تكون رواية بالمعنى، وأن أبا هريرة قد فهم من النهي التحريم، بأنها قد تكون من مراسيله. ولا أدري أأدرك الشيخ رشيد أن في احتمالية كليهما طعنًا في الصحابة رضوان الله عليهم أم لا؟ وهل نحن أوعى باحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم من الصحابة؟ وحينما يقول الصحابي: حرم رسول الله كذا، فهل يبقى في ذلك ريب لمرتاب، وبخاصة إذا كانت هذه الأحاديث لا تحوم حولها الشكوك؟ ! .
ثم ينقل صاحب المنار ما قاله الحافظ ابن حجر في الأحاديث ويعلق عليه بأنه كلام ساقط على جلالة قائليه (3)، وهذا كلام لا يليق من صاحب المنار. على أن
(1) المحلى لابن حزم جـ 7 ص 406 - 407.
(2)
المغني جـ 9 ص 404.
(3)
تفسير المنار جـ 8 ص 158.
الشوكاني رحمه الله الذي يطلق عليه صاحب المنار لقب الإمام يقول: (وفي الحديث دليل على تحريم ذي الناب من السباع وذي المخلب من الطير وإلى ذلك ذهب الجمهور)(1).
والذي يدور حوله صاحب المنار في هذه المسألة، هو أن الآية ليست منسوخة حتى يحرم غيرها، مع أنه لا أحد من أهل العلم، أو حتى من هو قريب منهم يقول بنسخها، ولكن صاحب المنار اضطرب كثيرًا في هذه المسألة فكتب عليها الصفحات الطوال، فتارة يضعف الروايات، وتارة يجمع بينهما وبين الآية، وأخرى ينال من الصحابة أو يشكك فيهم! ومع هذا كله تسقيط ورد لأقوال الأئمة الحفاظ.
وأحب في نهاية المسألة أن أنقل فقرة مما قاله غير معلقٍ عليها، بل أدع هذا للقارئ:
(والأرجح المختار عندنا، أن كل ما صح من الأحاديث في النهي عن طعام غير الأنواع الأربعة، التي حصرت الآيات محرمات الطعام فيها، فهو إما للكراهة، وإما مؤقت لعلة عارضة كما تقدم في الخبر. ما ورد منه بلفظ التجريم، فهو مروي بالمعنى لا بلفظ الرسول صلى الله عليه وسلم، وليس المراد من رد تلك الأحاديث بآية الأنعام من الصحابة وغيرهم، أنه لا يقبل تحريم ما حرمه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، إذا لم يكن منصوصًا في القرآن بل معناه أنه لا يمكن أن يحرم صلى الله عليه وسلم شيئًا نص القرآن المؤكد عليه. واعتبر هذا بما أخرجه أحمد وأبو داود عن عيسى بن نميلة الفزاري عن أبيه، قال: كنت عند ابن عمر، فسئل عن أكل القنفذ، فتلا الآية {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} فقال شيخ عنده، سمعت أبا هريرة يقول: (ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (خبيثة من الخبائث) فقال ابن عمر: (إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قاله فهو كما قال)(2).
فقوله (إن كان) مشعر بشكه فيه، وأنه إن فرض أنه قاله وجب قبولُه
…
لأن الله أمر باتباعه، ولكن بمعنى أنه خبيث غير محرم كالثوم والبصل، ويكثر في أحاديث
(1) نيل الأوطار جـ 8 ص 116.
(2)
هذا هو فهم ابن عمر رضي الله عنهما، أما الشيخ فله فهم آخر.
أبي هريرة الرواية بالمعنى والإرسال، لأن الكثير منها قد سمعه من الصحابة، وكذا من بعض التابعين، لا من النبي صلى الله عليه وسلم ولهذا تكثر فيه العنعنة.
وأخيرًا أنقل هنا كلمة الشيخ الشنقيطي المالكي في أضواء البيان. قال بعد كلام طويل تستحسن قراءته، ولن ننقله خشية الإطالة:
قال مقيده عفا الله عنه: الذي يظهر رجحانه بالدليل هو ما ذهب إليه الجمهور من أن كل ما ثبت تحريمه بطريق صحيحة من كتاب أو سنة فهو حرام، ويزاد على الأربعة المذكورة في الآيات، ولا يكون في ذلك أي مناقضة للقرآن لأن المحرمات المزيدة عليها حرمت بعدها.
وقد قرّر العلماء: أنه لا تناقض يثبت بين القضيتين إذا اختلف زمنهما لاحتمال صدق كل منهما في وقتها، وقد اشترط عامة النظار في التناقض: اتحاد الزمان لأنه إن اختلف جاز صدق كل منهما في وقتها، كما لو قلت: لم يستقبل بيت المقدس، قد استقبل بيت المقدس، وعنيت بالأولى ما بعد النسخ، وبالثانية ما قبله، فكلتاهما تكون صادقة، وقد أشرت في أرجوزتي في فن المنطق إلى أنه يشترط في تناقض القضيتين اتحادهما فيما سوى الكيف، أعني الإيجاب والسلب، من زمان ومكان، وشرط وإضافة، وقوة وفعل، وتحصيل وعدول، وموضوع ومحمول، وجزء وكل، بقولي:
والاتحاد لازم بينهما
…
فيما سوى الكيف كشرط علما
والجزء والكل مع المكان
…
والفعل والقوة والزمان
إضافة تحصيل أو عدول
…
ووحدة الموضوع والمحمول
فوقت نزول الآيات المذكورة لم يكن حرامًا غير الأربعة المذكورة، فحصرها صادق قبل تحريم غيرها بلا شك، فإذا طرأ تحريم شيء آخر بأمر جديد فذلك لا ينافي الحصر الأول لتجدده بعده، وهذا هو التحقيق إن شاء الله تعالى، وبه يتضح
أن الحق جواز نسخ المتواتر بالسنة الصحيحة الثابت تأخرها عنه، وإن منعه أكثر أهل الأصول.
وإذا عرفت ذلك: فسنفصل لك إن شاء الله تعالى المحرمات التي حرمت بعد هذا، وأقوال العلماء فيها.
فمن ذلك كل ذي ناب من السباع، فالتحقيق تحريمه لما قدّمنا من حديث أبي هريرة، وأبي ثعلبة الخشني من النهي عنها، وتحريمها، أما حديث أبي ثعلبة، فمتفق عليه، وأما حديث أبي هريرة، فقد أخرجه مسلم في (صحيحه) عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، بلفظ:(كل ذي ناب من السباع، فأكله حرام).
والأحاديث في الباب كثيرة، وبه تعلم أن التحقيق هو تحريم أكل كل ذي ناب من السباع.
والتحقيق أن أكل كل ذي مخلب من الطير منهي عنه، ولا عبرة بقول من قال من المالكية وغيرهم: إنه لم يثبت النهي عنه، عنه صلى الله عليه وسلم، لما ثبت في (صحيح مسلم) من حديث ابن عباس، أنه صلى الله عليه وسلم:(نهى عن كل ذي ناب من السباع، وذي مخلب من الطير) أ. هـ.
فقرن في الصحيح بما صرح بأنه حرام مع أن كلًّا منهما ذو عداء وافتراس، فدل كل ذلك على أنه منهي عنه.
والأصل في النهي التحريم، وبتحريم ذي الناب من السباع، وذي المخلب من الطير. قال جمهور العلماء، منهم الأئمة الثلاثة وداود.
وقد قدّمنا أنه الصحيح عن مالك في السباع، وأن مشهور مذهبه الكراهة، وعنه قول بالجواز وهو أضعفها، والحق التحريم لما ذكرنا.
ومن ذلك الحمر الأهلية، فالتحقيق أيضًا أنها حرام، وتحريمها لا ينبغي أن يشكّ فيه منصف لكثرة الأحاديث الصحيحة الواردة بتحريمها، وقد روى البخاري ومسلم تحريمها من حديث علي بن أبي طالب، وجابر بن عبد الله، وسلمة بن
الأكوع، وعبد الله بن عمر، والبراء بن عازب، وعبد الله بن أبي أوفى، وأنس، وأبي ثعلبة الخشني رضي الله عنهم، وأحاديثهم دالة دلالة صريحة على التحريم، فلفظ حديث أبي ثعلبة عند البخاري، ومسلم (1):(حَرَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم لحوم الحمر الأهلية)، وهذا صريح صراحة تامّة في التحريم، ولفظ حديث أنس عندهما أيضًا:(إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية، فإنها رجس)، في رواية لمسلم:(فإنها رجس من عمل الشيطان)، وفي رواية له أيضًا:(فإنها رجس) أو (نجس).
قال مقيده عفا الله عنه: حديث أنس هذا المتفق عليه الذي صَرح فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن لحوم الحمر الأهلية رجس، صريح في تحريم أكلها، ونجاسة لحمها، وأن علة تحريمها ليست لأنها لم يخرج خمسها، ولا أنها حمولة كما زعمه بعض أهل العلم، والله تعالى أعلم.
ولا تعارض هذه الأحاديث الصحيحة المتفق عليها بما رواه أبو داود من حديث غالب بن أبجر المزني رضي الله عنه، قال:(أتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، أصابتنا السنة ولم يكن في مالي ما أطعم أهلي إلا سمان حمر، وإنك حرّمت الحمر الأهلية، فقال: أطعم أهلك من سمين حمرك، فإنما حرمتها من أجل جوال القرية) أ. هـ.
والجوال: جمع جالة، وهي التي تأكل الجلة، وهي في الأصل البعر، والمراد به هنا أكل النجاسات كالعذرة.
قال النووي في (شرح المهذب): اتفق الحفاظ على تضعيف هذا الحديث.
قال الخطابي والبيهقي: "هو حديث يختلف في إسناده". يعنون مضطربًا، وما كان كذلك لا تعارض به الأحاديث المتفق عليها.
وأما البغال فلا يجوز أكلها أيضًا لما رواه أحمد والترمذي من حديث جابر، قال: (حرّم رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعني يوم خيبر، لحوم الحمر الإنسية، ولحوم البغال،
(1) صحيح مسلم كتاب الصيد والذبائح باب تحريم أكل لحم الحمر الإنسية، رقم الحديث (1937).