الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهكذا عند تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} [الطور: 21] يذكر قول الرسول الكريم (إذا دخل الرجل الجنة، سأل عن أبويه وزوجته وولده، فيقال له: إنهم لم يبلغوا درجتك وعملك. فيقول: يا رب قد عملت لي ولهم، فيؤثر بإلحاقهم به)(1).
وقد مر معنا غير هذه في النماذج التي أوردناها من قبل، وإن كان لنا من مأخذ هنا، فإنما هو ذكره لبعض الأحاديث، التي أجمع الحفاظ على ضعفها، كحديث (أعربوا القرآن والتمسوا غرائبه) الذي ذكره في مقدمته.
6 - إكثاره النقل عن المفسرين:
وهذه منقبة للشيخ أن يجل من سبقه، ومع أنه ينقل عن أئمة التفسير كالطبري والرازي، إلا أنه يكثر النقل عن الراغب والآلوسي. ولقد أحسن الشيخ الاختيار، فكلا الرجلين ثقة عميق في بحثه.
فهو ينقل مثلًا عن الألوسي في تفسير جعل الأرض فراشًا في سورة البقرة (2)، وعن معنى حياة الشهداء عند قوله تعالى:{وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ} [البقرة: 154] في السورة نفسها (3). وكثيرًا ما يرجّح معنى بقوله: (واختاره الألوسي).
أما الراغب فيكثر عنه في نقل معاني المفردات.
هذه أهم خصائص تفسير الشيخ، وهناك أمور أخرى لا بد أن نحمد للشيخ صنيعه فيها.
من ذلك توضيحه لمعنى المحكم والمتشابه حيث يقول:
(المحكمات
…
من الإحكام بمعنى الإتقان
…
وذلك لإحكام عباراتها عن
(1) جـ 2 ص 361.
(2)
جـ 1 ص 20.
(3)
جـ 1 ص 52.
احتمال التأويل والاشتباه، ولمنع الخلق من التصرف فيها لظهورها. ووضح معانيها وإقامتها حجة من الله على عباده، وعصمة لهم من الزيغ
…
والمتشابه: ما استأثر الله بعلمه، كوقت الساعة والروح والحروف المقطعة في أوائل السور، وإليه ذهب الحنفية. أو ما لا يتضح معناه إلا بالنظر الدقيق، وهو يشمل المجمل ونحوه. وإليه ذهب الشافعية. أو ما يدل الدليل القاطع على أن ظاهره غير مراد، ولم يقم دليل على تعيين المراد منه، كآيات الصفات مثل: الاستواء واليد والقدم والتعجب والضحك والفوقية والنزول والرحمة والغضب ونحو ذلك) (1).
ومنها بيانه لبعض الأمكنة والأزمنة، التي تحدث عنها القرآن.
ومنها وقوفه في المبهمات عند ما أخبر عنه القرآن، كما يظهر من تفسيره لقوله تعالى:{وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ} [الإسراء: 4]، إذ يستشهد بقول الجبائي:(إنه تعالى لم يبين ذلك، فلا يقطع فيه بخبر)(2).
ومنها ذلك الأدب الرفيع والموقف الرائع، الذي يتجلى عند تفسيره لقوله تعالى:{لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} [النور: 63] ، فهو ينعى كثيرًا على أولئك الذين يذكرون الرسول صلى الله عليه وسلم باسمه فحسب، دون الصلاة عليه، أو ما يشير إلى تعظيمه بأي إشارة، أو الذين يكتبون كلمة (صلعم) وهو يرى أنه لا بد من إجلال الرسول الكريم بما يتناسب مع مقامه أولًا، وبما ترشد إليه الآية الكريمة ثانيًا.
على أن لنا عليه مأخذًا، وهو عدم تحرّيه في المسائل التاريخية، كذكره عند تفسير قوله تعالى {إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ} [المائدة: 22]، يقول أنهم من بقايا قوم عاد، استولوا على الأرض المقدسة التي كان يحكمها اليهود زمن يعقوب (3). فأين أهل فلسطين من قوم عاد الذين كانوا في الأحقاف أي بين حضرموت وعُمان.
(1) جـ 1 ص 9.
(2)
جـ 1 ص 450.
(3)
جـ 1 ص 189.