الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكل ذي ناب من السباع، وكل ذي مخلب من الطير)، أصل حديث جابر هذا في (الصحيحين) كما تقدم، وهو بها اللفظ: بسند لا بأس به. قاله ابن حجر والشوكاني.
وقال ابن كثير في (تفسيره): وروى الإمام أحمد وأبو داود بإسنادين كل منهما على شرط مسلم عن جابر قال: (ذبحنا يوم خيبر الخيل والبغال والحمير، فنهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البغال والحمر، ولم ينهنا عن الخيل)، وهو دليل واضح على تحريم البغال، ويؤيده أنها متولدة عن الحمير وهي حرام قطعًا لصحة النصوص بتحريمها. وأما الخيل فقد اختلف في جواز أكلها العلماء (1).
5 - آيات الرضاع:
ليست هواية الشيخ وحرصه على توهين من خالفه وقسوته عليه، بأقل من هوايته وحرصه على رد روايات الأحاديث الصحيحة، فعند تفسيره لقول الله تعالى:{وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [النساء: 23] من سورة النساء، يذكر آراء الأئمة، ثم يناقش الرواية التي وردت عن عائشة رضي الله عنها، وهي أن التحريم بخمس رضعات، ويبين أن عمل عائشة بهذه الرواية ليس حجة. وأن من قال بها من الصحابة، إنما قالوا بها تبعا للسيدة عائشة رضي الله عنها -ورضي الله عنها وإن لم يقل صاحب المنار هذا- فليس قولهم بها مقويًا لها، ثم يتساءل كيف وأن رابع الخلفاء وأول الأئمة الأصفياء قال خلاف ذلك (2)، ثم يناقش الرواية من ناحية موضوعها، ويورد عدة تساؤلات يصل في نهايتها إلى أنه لا يظهر معنى لهذه الرواية، فلماذا كان التحريم بعشر، ثم نسخ إلى خمس؟ وكيف يكون شأن من تزوج من رضع معها أكثر في خمس وأقل من عشر؟ وبعد هذا
(1) روائع البيان، الشنقيطي 1/ 523.
(2)
يذكر الشوكاني رحمه الله في نيل الأوطار أن هذه الرواية رويت عن الإمام علي كرم الله وجهه كذلك جـ 8 ص 115.
التطواف والتجوال يصل بنا الشيخ لتقرير ما يلي: أن روايات الحديث مضطربة، وإن وردت في صحيح مسلم وغيره من كتب السنن، وأن هذه الرواية تتعارض مع قدسية القرآن، ومن هنا يحكم الشيخ بوجوب رد الحديث.
والحديث روته عمرة عن السيده عائشة رضي الله عنها، وإنه لمن السهل الإجابة عن تساؤلات الشيخ: أما عن التدرج من عشر إلى خمس، فتلك حكمة الله في أحكامه، وأما عمن تزوج من رضع معها أقل من عشر وأكثر من خمس، فمع أن هذه لم تحك الروايات وقوع مثلها، إلا أنّا نقول: إن هذا تزوج حسب حكم صحيح، وإن الله أكرم وأرحم من أن يضيق عليه بتطليق زوجته، ولكن الطامة الكبرى تكمن في رد الحديث، ومن لين الشيخ في رد الأحاديث، إلا أن سياسته كما يقول، أنه لا يرد الحديث إلا بعد تعذر الجمع بينه وبين القرآن والحق أن من أخطر الأمور رد الأحاديث الصحيحة، فإنها مسألة لها ما وراءَها من مضاعفات فتاكة، ونتائج هدامة لهذا الدين.
- وقد عرف عن الشيخ، بأنه يحل كل معضل، ويرد كل مشكل، حتى ولو اتفق المفسرون على إعضاله وإشكاله - وقد بينه الأئمة. يقول الإمام النووي رضي الله عنه:(إن النسخ بخمس رضعات، تأخر إنزاله جدًّا، حتى إنه صلى الله عليه وسلم توفي وبعض الناس يقرأ خمس رضعات، ويجعلها قرآنًا متلوًا، لكونه لم يبلغه النسخ لقرب عهده، فلما بلغهم النسخ بعد ذلك رجعوا عن ذلك وأجمعوا على أن هذا لا يتلى (1).
ويقول الشوكاني رحمه الله: (ولو سلم انتفاء قرآنيته على جميع التقادير، لكان سنّة لكون الصحابي راويًا له عنه صلى الله عليه وسلم، لوصفه له بالقرآنية وهو يستلزم صدوره عن لسانه، وذلك كاف في الحجية، لما تقرر في الأصول من أن المروى آحادًا، إذا انتقى عنه وصف القرآنية، لم ينتف وجوب العمل به كما سلف)(2).
(1) صحيح مسلم، شرح النووي جـ 10 ص 29.
(2)
نيل الأوطار (6/ 312).