الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 -
قاعدة في معرفة سبب النزول.
5 -
قاعدة في الناسخ والمنسوخ.
6 -
قاعدة في القراءة الشاذة والمدرج.
7 -
قاعدة في قصص الأنبياء والاستشهاد بالإسرائيليات.
8 -
قاعدة في أن كل معنى مستنبط من القرآن، غير جار على اللسان العربي، فليس من علوم القرآن في شيء.
9 -
قاعدة في أن الشريعة أمية، وأنه لا بد في فهمها من اتباع معهود الأميين، وهم العرب الذين نزل بلسانهم.
10 -
قاعدة الترغيب والترهيب في التنزيل الكريم.
11 -
قاعدة في أنه: هل في القرآن مجاز أم لا؟ ؟ .
والمتأمل لهذه القواعد، يجد أن جلها قد نقله القاسمي بنصه، فقد نقل عن الموافقات مثلًا ما يزيد على مائة وخمسين صفحة، كما نقل عن ابن تيمية ومحمد بن مرتضى اليماني والعز بن عبد السلام والسيوطي وابن خلدون وولى الله الدهلوي وابن الجزري وعن الإمام ابن العباس أحمد بن زروق وغيرهم، والمقدمة على الرغم من أنها نقول إلا أنها غنية بفوائدها.
وبعد فلا بد أن نلم بفكرة عن هذا التفسير، في خطوط عريضة، نستعرض منها بعض النماذج، لتكون على بينة من الأمر، تعيننا على تقويمه وإبداء الرأي فيه.
نماذج من التفسير:
1 -
يقول في تأويل قوله تعالى (1): {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1].
(1) محاسن التأويل جـ 5 ص 1094.
{يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ} أي اخشوه أن تخالفوه فيما أمركم به أو نهاكم عنه، ثم نبههم على اتصافه بكمال القدرة الباهرة، لتأييد الأمر بالتقوى، وتأكيد إيجاب الامتثال به، على طريق الترغيب والترهيب، بقوله تعالى:{الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} أي فرعكم من أصل واحد وهو نفس أبيكم آدم. وخلقه تعالى إياهم على هذا النحو البديع مما يدل على القدرة العظيمة، ومن قدر على نحوه كان قادرًا على كل شيء، ومنه عقابه على معاصيهم، فالنظر فيه يؤدي إلى الإتقاء من موجبات نقمته. وكذا جعله تعالى إياهم صنوانًا مفرعة من أرومة واحدة، من موجبات الاحتراز عن الإخلال بمراعاة ما بينهم من حقوق الأخوة، كما ينبئ عنه ما يأتي من الإرشاد إلى صلة الأرحام ورعاية حال الأيتام، والعدل في النكاح وغير ذلك.
وقد ثبت في صحيح مسلم من حديث جرير بن عبد الله البجلي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم عليه أولئك النفر من مضر وهم مجتابو النمار (أي من عريهم وفقرهم) قام فخطب بالناس بعد صلاة الظهر، فقال:{يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} [النساء: 1] حتى ختم الآية. ثم قال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ} [الحشر: 18]، ثم حضهم على الصدقة فقال:(تصدق رجل من ديناره، من درهمه، من صاع بره من صاع تمره). وذكر تمام الحديث (وهكذا رواه أحمد وأهل السنن عن ابن مسعود في خطبة الحاجة، وفيها: ثم يقرأ ثلاث آيات هذه منها {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ} . الآية {وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا} أي من نفسها، يعني من جنسها، ليكون بينهما ما يوجب التآلف والنظام قإن الجنسية علّية الضم، وقد أوضح هذا بقوله تعالى:{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم: 21]. {وَبَثَّ مِنْهُمَا} أي نشر تلك النفس وزوجها المخلوقة منها، بطريق التوالد والتناسل {رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً} أي كثيرة، وترك التصريح بها للاكتفاء بالوصف المذكور.
{وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ} تكوير للأمر، وتذكير لبعض آخر من موجبات الامتثال به، فإن سؤال بعضهم بعضًا بالله تعالى، بأن يقولوا: أسألك الله، وأنشدك الله على سبيل الاستعطاف يقتضي الاتقاء من مخالفة أوامره ونواهيه. وتعليق الاتقاء بالاسم الجليل لمزيد التأكيد والمبالغة في الحمل على الامتثال، بتربية المهابة وإدخال الروعة، ولوقوع التساؤل به، لا بغيره من أسمائه تعالى وصفاته. و {تَسَاءَلُونَ} أصله تتساءلون، فطرحت إحدى التائين تخفيفًا. وقرئ بإدغام تاء التفاعل في السين لتقاربهما في الهمس، وقرئ تساءلون (من الثلاثي) أي تسألون به غيركم. وقد فسر به القراءة الأولى والثانية، وحمل صيغة التفاعل على اعتبار الجمع، كما في قولك رأيت الهلال وتراءيناه -أفاده أبو السعود- وقوله تعالى:(والأرحام) قرأ حمزة بالجر عطفًا على الضمير المجرور، والباقون بالنصب عطفًا على الاسم الجليل، أي اتقوا الله والأرحام أن تقطعوها
…
فإن قطيعتها مما يجب أن يتقى، أو عطفًا على محل الجار والمجرور، كقولك مررت بزيد وعمرو. ونظيره قراءة {تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ} فإنهم كانوا يقرنونها في السؤال والمناشدة بالله عز وجل. ويقولون أسألك بالله وبالرحم. ولقد نبه سبحانه وتعالى حيث قرنها باسمه الجليل على أن صلتها بمكان منه، كما في قوله تعالى:{لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ} [البقرة: 83]. وقد روى الشيخان عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(الرحم معلقة بالعرض، تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله). وروي أيضًا عن جبير بن مطعم رضي الله، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(لا يدخل الجنة قاطع، قال سفيان في رواية: (يعني قاطع الرحم)، وروى البخاري عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم:(ليس الواصل بالمكافيء، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها). وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه). والأحاديث في الترغيب بصلة الرحم والترهيب من قطيعتها كثيرة .. ).