الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أجلّة العلماء، عن تلك المعاني معرضين، وعن التفرج عليها ساهين لاهين، فقليل منهم من فكر في خلق العوالم، وما أودع فيها من غرائب، فأخذت أؤلف لذلك كتبًا شتى كـ (نظام العالم والأمم)، (وجواهر العلوم). مزجت فيها الآيات القرآنية بالعجائب الكونية، وجعلت آيات الوحي مطابقة لعجائب الصنع وحكمة الخلق، ثم توجهت إلى الله أن يوفقني أن أفسر القرآن، واجعل هذه العلوم في خلاه، وأتفيأ بساتين الوحي وظلاله، فاستجاب الله الدعاء.
وليكونن هذا الكتاب داعيًا حثيثًا إلى درس العوالم العلوية والسفلية، وليقومن من هذه الأمة من يفوقون الفرنجة في الزراعة والطب والمعادن والحساب وغير هذه العلوم، كيف لا، وفي القرآن من آيات العلوم ما يربو على 750 آية، فأما علم الفقه فلا تزيد آياته الصريحة على مائة وخمسين آية.
ولقد وضعت في هذا التفسير، ما يحتاجه المسلم من الأحكام والأخلاق، وعجائب الكون، وأثبت فيه غرائب العلوم وعجائب الخلق، مما يشوق المسلمين والمسلمات إلى الوقوف على حقائق معاني الآيات البينات، في الحيوان والنبات والأرض والسماوات، وإن له شأنًا سيعرفه الخلق، وسيكون من أهم أسباب رقي المستضعفين في الأرض).
جـ - محتويات التفسير:
ويحدثنا الشيخ عما ضمن تفسيره، فيقول في مجلة (الفتح):
(وها هو ذا خمسة وعشرون مجلدًا ضمنته خلاصة آراء حكلمة اليونان وآبائنا أيام جدهم، وحكمة علماء عصرنا بأوروبا، ونموذج التاريخ وأحوال الإسلام العامة في زماننا).
ومن هذا ندرك أن هذا التفسير موسوعة علمية، أشبه ما يكون بدائرة معارف، وندرك كذلك ما يعلقه الشيخ من أهمية على تفسيره، وما يرتسم في نفسه وكلماته
من آمال مشرقة ومن مستقبل زاهر سيحدثه هذا التفسير لهذه الأمة.
ويذكرني صنيع الشيخ في تفسيره بذلك الإمام الجليل فخر الدين الرازي، الذي ما كان يترك مسألة من علم الفك، أو من الفلسفة الطبيعية والإلهية، أو من الملل والنحل المختلفة، إلا وضمنها تفسيره العلمي الكبير، كل ذلك مع سهولة في العبارة، ويسر في الأسلوب، ودفاع بحرارة عن عقيدته، وإلزام لخصومه بالحجة الواضحة، فما أشبه حكيم الإسلام في هذا العمر بحكيم الإسلام (الفخر الرازي) في الزمن الماضي، وما أشبه الجواهر بالمفاتح، مع اختلاف حتمته ظروف البيئتين، وأوجبه كر الغداة ومر العشى، وإذا كان الفخر الرازي، ينكر كل الإنكار، ويعجب كل العجب، ممن يستغرب اشتمال سورة الفاتحة على آلاف المسائل بل عشرات الآلاف، فيطلق لفكره وقلمه العنان، بما يفيضه خاطره ويرصفه فكره، من مسائل مختلفة متنوعة في سورة الفاتحة، فيخرج للمكتبة الإسلامية جزءًا ضخمًا يقع في قرابة ثلاثمائة صفحة من القطع الكبير فإن الشيخ طنطاوي يحاول في تفسيره للفاتحة، أن يبين أن هذه السورة الكريمة، تشتمل على جميع العوالم التي خلقها الله، وأنه ينبغي على المسلم، كما يعرف أحكام الفقه، أن يعرف أسرار هذه العوالم ومميزاتها، ولنستمع إليه:
(وتأمل في سورة الفاتحة، كيف قدم تربيته للعالمين ورحمته للمخلوقين على العبادة وهداية الصراط المستقيم، كأنه يشوقكم إلى دراسة رحماته، ويأمركم بمعرفة كلماته الكونية وعجائبه وبدائعه. ثم إن الحمد يكون على مقدار علم الحامد ولن يعرف المسلمون محامد الله، حتى يقرأوا نظام الطبيعة ويفهموا دقائق التكوين، حينئذ يحمدون الله حق حمده. فسورة الفاتحة إذن عنده كلها آيات علوم، ولنا أن نجعل القسم الثاني منها أخلاقًا.
وإذا كان تفسير الفخر لم يعجب الكثيرين من الناس لما فيه من تشعب واستطراد فإن الشيخ طنطاوي أدرك هذه القضية فها هو يفترض سؤالًا من أحد القراء، ومن