الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
5 - جحود الوديعة:
إذا طلب المودع الوديعة فجحدها الوديع، أو حبسها عنه وهو يقدر على تسليمها ضمن؛ لأنه لما طالبه بالرد، فقد عزله عن الحفظ، فيكون بعدئذ بالإمساك غاصباً مانعاً، فيضمنها إذا أقام المودع البينة على الإيداع أو لكل الوديع عن اليمين أو أقر به. فإن جحد ثم عاد إلى الاعتراف لم يبرأ عن الضمان لارتفاع العقد.
ولو جحد الوديعة ثم أقام الوديع البينة على هلاكها فثلاثة أوجه: إن أقام البينة على أنها هلكت بعد الجحود أو مطلقاً لا ينتفع ببينته؛ لأن العقد ارتفع بالجحود، أو عنده، فيضمن. وإن أقام البينة على أنها هلكت قبل الجحود تسمع بينته، ولا ضمان عليه؛ لأن الهلاك قبل الجحود يؤدي إلى انتهاء العقد.
ولو ادعى الهلاك قبل الجحود، ولا بينة له، وطلب اليمين من المودع حلفه القاضي (بالله تعالى ما يعلم أنها هلكت قبل جحوده) فإن حلف، يقضى بالضمان، وإن نكل، يقضى بالبراءة (1).
6 - خلط الوديعة بغيرها:
إذا خلط الوديع الوديعة بمال نفسه فإن كان يمكن التمييز بينهما، لاشيء عليه ويميز. وإن كان لايمكن التمييز، يضمن المثل عند أبي حنيفة؛ لأن الخلط إتلاف للوديعة من حيث المعنى.
(1) المبسوط: 116/ 11 ومابعدها، البدائع: 212/ 6، تكملة فتح القدير: 93/ 7، مجمع الضمانات: ص 84 ومابعدها.
وكذلك إذا كانت وديعتان كدراهم مثلاً، فخلط إحداهما بالأخرى، يضمن مثلها لكل منهما عنده.
وكذا في سائر المكيلات والموزونات إذا خلط الجنس بالجنس خلطاً لا يتميز، كالحنطة بالحنطة، والشعير بالشعير، أو بغير جنسه كخلط الحنطة بالشعير، يضمن عند أبي حنيفة لكل واحد مثل حقه، دليله: أنه لما خلطهما خلطاً لا يتميز، فقد عجز كل منهما عن الانتفاع بالمخلوط، فكان الخلط منه إتلافاً للوديعة لكل واحد منهما فيضمن.
وقال الصاحبان في كل ما سبق: المالك بالخيار إن شاء ضمن الوديع مثل حقه، وإن شاء أخذ نصف المخلوط أو باعه المالكان وقبضا الثمن، دليلهما: أن الوديعة قائمة بعينها، لكن عجز المالك عن الوصول إليها بعارض الخلط (1).
ولو مات الوديع ولم يبين الوديعة، فإن كانت معروفة وهي قائمة، ترد إلى صاحبها؛ لأن هذا عين ماله و «من وجد عين ماله، فهو أحق به» على لسان الرسول صلى الله عليه وسلم (2)، وإن لم تعرف بعينها، يضمن، وتكون ديناً في تركته لأنه لما مات مجهلاً الوديعة فقد أتلفها معنى. وعلى هذا فالأمانات تصبح مضمونة بالموت عن تجهيل إلا في ثلاثة أحوال:
1 -
إذا مات ناظر الوقف مجهلاً غلات الوقف.
(1) المبسوط: 110/ 11، تكملة فتح القدير: 92/ 7، البدائع: 213/ 6، حاشية ابن عابدين: 519/ 4، مجمع الضمانات: ص 83 وما بعدها، 87.
(2)
رواه أحمد وأبو داود والنسائي عن الحسن عن سمرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من وجد عين ماله عند رجل فهو أحق به، ويتبع البيِّع من باعه» وفي لفظ: «إذا سرق من الرجل متاع، أو ضاع منه، فوجده بيد رجل بعينه فهو أحق به، ويرجع المشتري على البائع بالثمن» رواه أحمد وابن ماجه (راجع نيل الأوطار: 240/ 5).