الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 - ونوع لا يملكه إلا إذا فوض إليه العمل في المضاربة برأيه
، فقال له: اعمل فيها برأيك، أو كما ترى: وهو ما يحتمل أن يلحق بأعمال التجارة، كإعطاء المال مضاربة لشخص آخر يضارب فيه، أو جعله رأس مال لشركة عنان، فإذا فوض له ذلك صح.
3 - ونوع لا يملكه المضارب إلا بالنص عليه صراحة
، كالتبرعات، من هبة أو محاباة بالبيع والشراء، والإقراض، والشراء لأجل عند الشافعية والمالكية والحنابلة، والشراء بأكثر من رأس المال والربح عند أكثر الفقهاء.
وأما
المضاربة المقيدة:
فحكمها حكم المضاربة المطلقة في جميع الأحكام التي ذكرت، وإنما تفارقها في قدر القيد الذي قيدت به، فإن خصص رب المال تصرف المضارب في بلد بعينه، أو في سلعة بعينها لم يجز له أن يتجاوزها، لأنه توكيل، وفي التخصيص بما ذكر فائدة، فيتخصص به.
أـ تعيين المكان:
وعلى هذا إذا كان القيد متعلقاً بالمكان، كأن دفع رجل إلى رجل مالاً مضاربة على أن يعمل به في بلدة معينة كدمشق مثلاً، فليس له أن يعمل في غير دمشق؛ لأن قوله «على أن» من ألفاظ الشرط، وهو شرط مفيد؛ لأن الأماكن تختلف بالرخص والغلاء، وفي السفر خطر.
وكذا لا يعطيها بضاعة (1) لمن يخرج بها من دمشق، لأنه إذا لم يملك الإخراج بنفسه فلأن لا يملك الإذن به أولى.
فإن أخرجها من دمشق: فإن اشترى بها وباع ضمن؛ لأنه تصرف لا على الوجه المأذون فيه فصار مخالفاً فيضمن، وكان ما اشتراه لنفسه له ربحه وعليه
(1) أي أن يدفعها إلى شخص ليتجر في المال تبرعاً أي (بغير عوض).
خسارته، لكن لا يطيب له الربح عند أبي حنيفة ومحمد. وعند أبي يوسف: يطيب.
وإن لم يشتر بمال المضاربة شيئاً حتى رده إلى البلدة المعينة المذكورة برئ من الضمان، ورجع المال مضاربة على حاله، كالوديع إذا خالف أمر المودع ثم عدل عن المخالفة (1).
ولو دفع المال إلى رجل ليعمل في سوق دمشق العام، فعمل في دمشق نفسها في غير سوقها، فهو جائز على أساس المضاربة استحساناً عند الحنفية. والقياس ألا يجوز. وجه القياس: أنه شرط عليه العمل في مكان معين، فلا يجوز في غيره، كما لو شرط العمل في بلد معين.
ووجه الاستحسان: أن التقييد بسوق دمشق غير مفيد غالباً؛ لأن البلد الواحد بمنزلة بقعة واحدة، فلا فائدة في هذا الشرط، فيلغو، ومن المقرر أن الشرط معتبر إذا كان مفيداً.
ولو قال له: (لا تعمل به إلا في سوق دمشق) فعمل في غير السوق، فباع واشترى، فهو ضامن؛ لأن قوله السابق حجر له، فلا يجوز تصرفه بعد الحجر. وفي المثال الأول لم يحجر عليه، وإنما شرط عليه أن يكون عمله في السوق، والشرط غير مفيد، فيلغو.
وكذلك إذا قال له: (خذ هذا المال تعمل به في دمشق أو فاعمل به في دمشق) لم يجز له العمل في غيرها؛ لأن (في) كلمة ظرف، فتصبح دمشق ظرفاً للتصرف الذي أذن له فيه، فلو جاز في غير دمشق لم تكن دمشق ظرفاً لتصرفه.
(1) المبسوط: 42/ 22، 46، تبيين الحقائق: 59/ 5، البدائع: 98/ 6، تكملة فتح القدير: 64/ 7 ومابعدها، مختصر الطحاوي: ص 125.