الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مصلى للناس أو لبيع الخمر أو للقمار؛ لأنه استئجار على المعصية، وهذا رأي جمهور العلماء. وكان أبو حنيفة يجيز الاستئجار للمصلى في سواد العراق؛ لأن أكثر أهل السواد في زمانه كانوا أهل ذمة من المجوس، فكان لا يؤدي ذلك إلى الإهانة والاستخفاف بالمسلمين (1).
5 - ألا يكون العمل المستأجر له فرضاً ولا واجباً على الأجير قبل الإجارة:
ويترتب عليه أنه لا تصح الإجارة إذا كانت واردة على القيام بفرض أو واجب على الأجير قبل العقد؛ لأن من أتى بعمل يستحق عليه لا يستحق الأجرة على فعله، كمن قضى ديناً عليه، فلا تصح الإجارة إذن على القرب والطاعات كالصلاة والصوم والحج والإمامة والأذان وتعليم القرآن؛ لأنه في الفرائض استئجار على عمل مفروض، ولأن الاستئجار على الأذان والإقامة والإمامة وتعليم القرآن والعلم سبب لتنفير الناس عن الصلاة بالجماعة، وعن تعليم القرآن والعلم (2) وقد روي أن عثمان بن أبي العاص قال:«إن آخر ما عهد إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن اتخذ مؤذناً لا يأخذ على أذانه أجراً» قال الترمذي: حديث حسن (3)، وهذا محل اتفاق بين الحنفية والحنابلة. ومن قواعد الحنفية في هذا «لا يستحق الأجر من استؤجر على الطاعة» «الاستئجار لما هو مستحق عليه لا يجوز» فمن استأجر امرأته شهراً لخدمة البيت لا تجوز هذه الإجارة لأنها مستحقة عليها.
(1) البدائع: 4 ص 176، المبسوط: 16 ص 38، المغني: 5 ص 503.
(2)
البدائع: 4 ص 191، المغني: 5 ص 506 ومابعدها، المبسوط: 16 ص 37، تبيين الحقائق: 5 ص 124، رد المحتار على الدر المختار: 5 ص 38، غاية المنتهى: 2 ص 205، 217، الفرائد البهية في القواعد الفقهية للشيخ محمود حمزة: ص 75، 284، الإفصاح لابن هبيرة: ص 226.
(3)
أخرجه أصحاب السنن الأربع بطرق مختلفة، هذا اللفظ للترمذي وابن ماجه (راجع نصب الراية: 4ص 139).
ثم أفتى المتأخرون من العلماء بجواز أخد المعلم أجرة المثل في زمانه على تعليم القرآن.
وقال الإمامان مالك والشافعي (1): تجوز الإجارة على تعليم القرآن لأنه استئجار لعمل معلوم ببدل معلوم، ولأن رسول الله صلى الله عليه وسلم «زوج رجلاً بما معه من القرآن» (2) فجاز جعل القرآن عوضاً، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله» (3) وهو حديث صحيح. وثبت أن أبا سعيد الخدري رقى رجلاً بفاتحة الكتاب على جُعْل، فبرئ، وأخذ أصحابه الجعل، فأتوا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه وسألوه فقال:«لعمري من أكْل برقيةِ باطلٍ (أي كلام باطل) فقد أكلتَ برقيةِ حقٍ، كلوا واضربوا لي معكم بسهم» (4).
قال صاحب الكنز الحنفي: والفتوى اليوم على جواز الاستئجار لتعليم القرآن، وهو مذهب المتأخرة من مشايخ بلخ (5).
وأجاز المالكية أخذ الأجرة على الأذان مع الإمامة والقيام بالمسجد لا على الصلاة بانفرادها قياساً على الأفعال غير الواجبة، كما أجازوا هم والشافعية
(1) الشرح الكبير للدردير: 4 ص 16، بداية المجتهد: 1 ص 221، مغني المحتاج: 2 ص 344، المهذب: 1 ص 398، الميزان: 2 ص 95، القوانين الفقهية: ص 275.
(2)
رواه البخاري ومسلم وأحمد ولفظه «قد زوجتكها بما معك من القرآن» (انظر نيل الأوطار: 6 ص 170).
(3)
أخرجه البخاري في كتاب الطب عن ابن عباس وروي في معناه أحاديث كثيرة (انظر نصب الراية: 4 ص 139، مجمع الزوائد: 4 ص 94، سبل السلام: 3 ص 81).
(4)
رواه أحمد وأصحاب الكتب الستة إلا النسائي عن أبي سعيد الخدري، ورويت واقعة أيضاً عن خارجة بن السلط عن عمه، كما رويت أخرى عن جابر (انظر نصب الراية: 4 ص 138، نيل الأوطار: 5 ص 289، 291، مجمع الزوائد: 4 ص 96).
(5)
تبيين الحقائق: 5 ص 124.