الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
داره على أن يسكنها هو شهراً، ثم يسلمها إلى المستأجر، أو أجر أرضاً على أن يزرعها، ثم يسلمها إلى المستأجر، أو أجر دابة على أن يركبها شهراً ونحوه، فالإجارة فاسدة؛ لأن هذا الشرط لا يقتضيه العقد ولا يلائمه؛ إذ أن فيه منفعة زائدة لأحد المتعاقدين مشروطة في العقد، لا يقابلها عوض، فتكون ربا، أو فيها شبهة الربا، وهو مفسد للعقد (1) وأجاز الحنابلة والمالكية هذه الإجارة.
شروط لزوم الإجارة:
يشترط لبقاء عقد الإجارة لازماً شرطان:
أولهما ـ سلامة العين المؤجرة من حدوث عيب يخل بالانتفاع بها:
ويترتب عليه أنه لو حدث عيب يخل بالانتفاع (2)، فيكون المستأجر بالخيار بين الإبقاء على الإجارة ودفع كامل الأجرة وبين فسخها، كما إذا حدث بالدابة المؤجرة مرض أو عرج أو انهدم بعض بناء الدار (3)؛ لأن المعقود عليه وهو المنافع يحدث شيئاً فشيئاً، فإذا حدث العيب بالشيء المستأجر كان هذا عيباً قبل القبض، فيوجب الخيار كما في عقد البيع (4).
فإذا انهدمت الدار كلها أو انقطع الماء عن الرحى (الطاحون) أو انقطع الشِّرْب عن الأرض انفسخت الإجارة؛ لأن المعقود عليه قد هلك، والهلاك موجب لفسخ
(1) البدائع: 4 ص 194 ومابعدها.
(2)
العيب الذي يخل بالانتفاع: هو الذي يفوت كلياً على المستأجر المنفعة المقصودة من المأجور كانهدام الدار، أو يخل بها على وجه صحيح كهبوط سطح الدار (انظر المادة 514 مجلة).
(3)
هذا ما يراه بعض الحنفية ومشى عليه صاحب الدر المختار، لكن قال ابن الشحنة: ظاهر الرواية أنه لا يسقط من الأجر شيء بانهدام بيت أو حائط من دار.
(4)
البدائع، المصدر السابق: ص 195، تكملة فتح القدير: 7 ص 220، تبيين الحقائق: 5 ص 143.
العقد؛ إلا أن الأصح عند الحنفية هو أن العقد لا ينفسخ ولكن يثبت حق الفسخ، لأن المعقود عليه قد فات على وجه يتصور عوده، فصار كمن اشترى شيئاً فهرب قبل القبض، ويمكنه الانتفاع في المأجور في الجملة بأن يضرب فيه خيمة.
وإن زال العيب قبل أن يفسخ المستأجرعقد الإجارة بأن صح المريض، وزال العرج عن الدابة وبنى المؤجر ماسقط من الدار، بطل خيار المستأجر بالفسخ؛ لأن الموجب للخيار قد زال، والعقد قائم، فيزول الخيار.
وحق الفسخ يثبت للمستأجر إذا كان العيب مما يضر بالانتفاع؛ لأن النقصان حينئذ يرجع للمعقود عليه. فإن كان العيب مما لا يضر بانتفاع المستأجر كسقوط حائط من الدار لا ينتفع فيه في سكناها، فلا يثبت حق الفسخ.
والمستأجر يمارس الفسخ إذا كان المؤجر حاضراً أثناء الفسخ، فإن كان غائباً فحدث بالشيء المستأجر ما يوجب الفسخ، فليس للمستأجر الفسخ؛ لأن فسخ العقد لا يجوز إلا بحضور العاقدين أو من يقوم مقامهما.
أما في حالة سقوط الدار أو انهدامها فللمستأجر أن يخرج منها، سواء أكان المؤجر حاضراً أم غائباً، وهذا دليل الانفساخ.
ويثبت أيضاً للمستأجر حق الفسخ بحدوث تفرق الصفقة في المنافع بعد حصولها مجتمعة؛ لأن الصفقة تفرقت في المعقود عليه وهو المنافع، وتفرق الصفقة يوجب الخيار. مثاله أن يستأجر شخص دارين صفقة واحدة، فتسقط إحداهما، أو يطرأ ما نع يمنع المستأجر من إحداهما، أو أن يستأجر شخص داراً واحدة ثم يمتنع المؤجر عن تسليم بيت منها، فيحق للمستأجرفسخ العقد لتجزئة الصفقة عليه (1).
(1) البدائع: 4 ص 196 ومابعدها.