الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على إذن الولي، لا على الصبي، فصح البيع؛ لأن الصبي حينئذ كالدلال، والعاقد غيره، ولأن دفع المال إلى الصبي بعد رشده متوقف على اختباره بالبيع والشراء، وأنه يغبن أم لا، فكان لا بد من القول بصحة تصرفاته وعقوده، ولكن بإذن الولي لتحصيل المصلحة وحفظ أمواله (1).
وقال الشافعية (2): لا ينعقد بيع الصبي لعدم أهليته، وشرط العاقد بائعاً أو مشترياً: أن يكون راشداً: وهو أن يتصف بالبلوغ وصلاح الدين والمال، ودليلهم قوله تعالى:{ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياماً} [النساء:5/ 4] والتصرف بالبيع والشراء في معنى إعطاء السفهاء المال لاستلزام البيع والشراء لبذل المال، والجامع بينهما نقص العقل المؤدي بكل منهما لإضاعة المال في غير طريقه الشرعي (3).
بيع المكره
وبيع التلجئة:
بيع المكره:
قال جمهور الحنفية: إن عقود البيع والشراء والإيجار ونحوها من المكره إكراهاً ملجئاً أو غير ملجئ تكون فاسدة؛ لأن الإكراه يزيل الرضا الذي هو شرط في صحة هذه العقود، لقوله تعالى:{يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم} [النساء:92/ 4] وحينئذ يحق
(1) البدائع: 5 ص 135، بداية المجتهد: 2 ص 278، حاشية الدسوقي: 3 ص 5، المغني: 4 ص 246.
(2)
مغني المحتاج: 2 ص 7.
(3)
قال الشافعية (تحفة المحتاج وغيرها من شروح المنهاج): لا ينعقد بيع أربعة وهم: الصبي مميزاً أو غير مميز، والمجنون، والعبد ولو كان مكلفاً، والأعمى، ويقع بيعهم باطلاً.
للمستكره فسخ ما عقد أو إمضاؤه. ويثبت الملك للمشتري عند القبض كبقية العقود الفاسدة، ويلزم العقد بقبض المستكره الثمن، أو تسليم المبيع طوعاً، إلا أنه يخالف البيع الفاسد في صور منها: أنه يجوز بالإجازة القولية والفعلية، ويزول الفساد بخلاف غيره من البيوع الفاسدة لا تجوز، وإن أجيزت؛ لأن الفساد فيها لحق الشرع، والفساد هنا إنما كان صيانة لمصلحة خاصة لا لمصلحة شرعية عامة، وبه يشبه المكره البيع الموقوف، ومن هنا قالوا: إنه بيع فاسد موقوف.
لذا قال زفر: إن الإكراه يجعل العقد غير نافذ، فهو كعقد الفضولي صحيح موقوف بالنسبة إلى المستكره، فيتوقف على إجازته بعد زوال الإكراه؛ لأن الإكراه إنمايخل بحق المستكره ومصلحته، فيكفي لحمايته جعل العقد موقوف النفاذ على رضاه بعد زوال الإكراه، ورأي زفر أقوى دليلاً (1).
وقال الشافعية والحنابلة: يشترط أن يكون العاقد مختاراً طائعاً في بيع متاع نفسه، فلا ينعقد بيع المكره في ماله بغير حق، لقوله تعالى:{إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم} [النساء:92/ 4] ولقوله عليه الصلاة والسلام: «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» (2).
وأما الإكراه بحق فلا يمنع من انعقاد العقد، إقامة لرضا الشرع مقام رضاه،
(1) حاشية ابن عابدين: 4 ص 4، 5 ص 89 - 91، الأموال ونظرية العقد للدكتور يوسف موسى: ص398، مختصر الطحاوي: ص 408، المدخل الفقهي للأستاذ الزرقاء: ف 185 في الحاشية، الفرائد البهية في القواعد الفقهية للشيخ محمود حمزة: ص 324.
(2)
أخرجه الطبراني عن ثوبان بلفظ «إن الله تجاوز» قال النووي: حديث حسن، وتعقبه الهيثمي بأن فيه يزيد بن ربيعة الرحبي، وهو ضعيف، ورواه ابن ماجه وابن حبان، والدارقطني والطبراني والبيهقي والحاكم في المستدرك من حديث الأوزاعي، واختلف عليه: فقيل: عن ابن عساكر بلفظ «إن الله وضع» وللحاكم والدارقطني والطبراني: «تجاوز» (انظر التلخيص الحبير: 109/ 1، مجمع الزوائد: 250/ 6).