الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويكون للمضارب النفقة، سواء سافر بمال المضاربة وحده، أو بماله ومال المضاربة، أو بمال المضاربة لواحد أو لاثنين، إلا إذا سافر بماله ومال المضاربة أو بمالين لرجلين، كانت النفقة من المالين بالحصص؛ لأن السفر لأجل المالين، فتكون النفقة فيهما (1).
وأما
ما تحتسب النفقة منه:
فالنفقة تحتسب من الربح إن حدث ربح، فإن لم يحدث فهي من رأس المال؛ لأن النفقة جزء هالك من المال، والأصل أن الهلاك ينصرف إلى الربح.
ولو أقام المضارب في بلد من البلدان للبيع والشراء، ونوى الإقامة خمسة عشر يوماً، فنفقته من مال المضاربة، ما لم يتخذ من البلد داراً للتوطن. وقال المالكية: ما لم يتزوج.
وإذا رجع المضارب إلى بلده: فما فضل عنده من الكسوة والنفقة رده إلى مال المضاربة؛ لأن الإذن له بالنفقة كان لأجل السفر، فإذا انقطع السفر لم يبق الإذن، فيجب رد ما بقي إلى مال المضاربة.
وإذا أنفق المضارب من ماله على نفسه فيما يحق له أن ينفقه من مال المضاربة، فما أنفقه فهو دين في مال المضاربة، كالوصي إذا أنفق على الصغير من مال نفسه؛ لأن تدبير أمره مفوض إليه (2).
ثانياً ـ وأما الحق الثاني للمضارب فهو الربح المسمى:
يستحق المضارب بعمله في المضاربة الصحيحة الربح المسمى إن كان في المضاربة ربح، فإن لم يكن ربح فلا شيء للمضارب، لأنه عامل لنفسه فلا يستحق الأجر.
(1) البدائع: المصدر السابق.
(2)
البدائع، المصدر السابق: ص 107.
وإنما يظهر الربح بالقسمة، وشرط جواز القسمة قبض رأس المال، فلا تصح قسمة الربح قبل أخذ رأس المال من يد المضارب.
فلو دفع رجل إلى آخر ألف دينار مضاربة بالنصف، فربح ألفاً فاقتسما الربح، ورأس المال في يد المضارب لم يقبضه رب المال، فهلك (1) في يد المضارب بعد قسمة الربح، فلا تصح هذه القسمة، ويكون ما قبض رب المال محسوباً عليه من رأس ماله، وما قبضه المضارب دين عليه يرده إلى رب المال حتى يستوفي رأس ماله، فإن فضل ربح فهو بينهما.
والدليل على أن رب المال يأخذ رأس ماله قبل قسمة الربح: هو ما روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: «مثل المؤمن مثل التاجر لا يسلم له ربحه حتى يسلم له رأس ماله، كذلك المؤمن لا تسلم له نوافله حتى تسلم له عزائمه» (2) فدل الحديث على أن قسمة الربح قبل قبض رأس المال لا تصح؛ لأن الربح زيادة، والزيادة على الشيء لا تكون إلا بعد سلامة الأصل.
وإذا اختلف المضارب مع رب المال في رد المال، فقال المضارب: قد كنت دفعت إليك رأس مالك قبل قسمة الربح، وقال رب المال: لم أقبض رأس المال قبل القسمة، فالقول عند الحنفية والحنابلة قول رب المال، ويرد المضارب ما قبضه لنفسه لإتمام رأس المال. فإن بقي شيء بعدئذ مما قبضه المضارب كان بينهما نصفين. وإنما كان الحكم هو قبول قول رب المال؛ لأن المضارب في هذه الحالة مدعٍ، ورب المال منكر، والمضارب وإن كان أميناً لكن القول قول الأمين في إسقاط الضمان عن نفسه، لا في التسليم إلى غيره (3).
(1) أي رأس المال.
(2)
ذكره الكاساني في البدائع: 107/ 6، ولم أجده في كتب الحديث المشهورة.
(3)
البدائع: 107/ 6 ومابعدها، المبسوط: 20/ 22، 105، تبيين الحقائق: 68/ 5، رد المحتار: 511/ 4.