الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كان قليلاً فرده واستبدل في المجلس، فالعقد ماض في الكل، وإن كان كثيراً بطل العقد بقدر المردود؛ لأن الزيافة في القليل مما لا يمكن التحرز عنه (1).
واختلفت الرواية عن أبي حنيفة في الحد الفاصل بين القليل والكثير والأصح منها: أن الثلث فصاعداً في حكم الكثير، وما دونه في حكم القليل (2).
هذا ما يتعلق بحكم رأس المال.
وأما حكم المسلم فيه فهو: إذا وجد رب السلم بالمسلم فيه عيباً، بعدما قبضه، فإن له خيار العيب إن شاء تجوز به، وإن شاء رده وأخذ المسلم فيه غير معيب؛ لأن حقه في السليم دون المعيب (3) ولكن خيار الرؤية وخيار الشرط لا يثبتان في السلم، كما سبق بيانه.
الافتراض الثاني ـ إذا كذب رب السلم المسلم إليه
، وأنكر أن تكون الدراهم التي جاء بها من دراهمه التي أعطاها، وادعى المسلم إليه أنها من دراهمه، فهذا لا يخلو من ستة أوجه:
إن كان المسلم إليه أقر بالقبض قبل النزاع، فقال: قبضت الجياد أو قبضت حقي أو قبضت رأس المال أو استوفيت الدراهم، أو قبضت الدراهم، أو قال:«قبضت» ولم يقل شيئاً آخر.
1 -
ففي الحالات الأربع الأولى: لا تسمع دعواه بعدئذ أنه وجده زيوفاً، ولم يكن له حق استحلاف رب السلم بالله (أنها ليست من الدراهم التي قبضها منه) لأنه بإقراره بقبض الجياد يصير متناقضاً في دعواه، والمناقضة تمنع صحة الدعوى، والحلف يكون في الدعوى الصحيحة.
(1) البدائع: 206/ 5.
(2)
تحفة الفقهاء: 27/ 2.
(3)
المرجع السابق.
2 -
وأما إذا قال المسلم إليه: (قبضت الدراهم) ثم قال: (هي زيوف) فالقياس أن يكون القول قول رب السلم: (أنها ليست من دراهمه) مع يمينه على قوله، وعلى المسلم إليه البينة أنها من الدراهم التي قبضها منه؛ لأن المسلم إليه يدعي أنها مقبوضة مع العيب، ورب السلم ينكر أنها مقبوضة، أو أنها التي قبضها منه، فيعتبر قول المنكر بيمينه.
وفي الاستحسان: القول قول المسلم إليه مع يمينه، وعلى رب السلم البينة أنه أعطاه الجياد؛ لأن رب السلم بإنكاره أنها ليست من دراهمه يدعي إيفاء حقه، وهو الجياد، والمسلم إليه بدعواه أن هذه الدراهم زيوف ينكر قبض حقه، فيكون القول قوله مع يمينه أنه لم يقبض حقه وعلى المدعي البينة أنه أوفاه حقه.
وهذا هو مقتضى القياس في الحالات الأربع الأولى، إلا أنه هناك سبق منه ما يناقض دعواه: وهو الإقرار بالجياد، وههنا لم يسبق منه شيء مناقض؛ لأن ذكر قبض الدراهم يقع على الزيوف، والجياد بخلاف الحالات الأولى.
3 -
وإذا قال المسلم إليه: (قبضت) لا غير، ثم قال:(وجدته زيافاً) يكون القول قوله، كما تقرر في الحالة السابقة.
إلا أن ههنا إذا قال: (وجده ستوقة أو رصاصا ً) فإنه يصدق، بخلاف ما إذا قال:(قبضت الدراهم) ثم قال: (وجدتها ستوقة أو رصاصاً) فإنه لا يقبل قوله، لأن في قوله:(قبضت) إقراراً بمطلق القبض والستوقة تقبض، فإذا قال:(ما قبضته ستوقة) لا يكون مناقضاً دعواه، وفي قوله:(قبضت الدراهم) يصير مناقضاً لقوله: (قبضت الستوقة والرصاص) لأنه خلاف جنس الدراهم (1).
(1) تحفة الفقهاء: 28/ 2 وما بعدها، وقد نقلنا ذلك منها دون تعديل لإيفائه بالغرض مع بساطة العبارة.