الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويمكن القول بأن تحريم ربا الفضل ليس لكونه مجرد وسيلة إلى ربا النسيئة، وإنما هو ربا حقيقي، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لبلال:«عين الربا» حينما باع صاعين من تمر رديء بصاع من تمر جيد هو التمر البرني؛ ولأنه يعتمد تارة على استغلال جهل الناس بأصناف الأنواع، وتارة يعتمد على استغلال حاجتهم إلى نوع معين.
ربا القرض:
الربا يجري في البيع كما تقدم في بحث الربا ـ ربا الفضل وربا النسيئة. ويجري أيضاً في القرض: بأن يقرض شخص آخر مبلغاً من المال على أن يرد له زيادة معينة أو يجري التعارف بالزيادة، أو يشترط عليه دفع فائدة شهرية أو سنوية على مبلغ القرض، كما يحدث الآن في التعامل مع البنوك الربوية ومع بعض التجار الذين يقومون بتشغيل بعض أموال الناس. وهذا كله حرام لقوله تعالى:{وأحل الله البيع، وحرم الربا} [البقرة:2/ 275] وقوله سبحانه: {وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تَظْلِمون ولا تُظْلَمون} [البقرة:2/ 279] أي لا تَظْلمون بأخذ زيادة على رأس المال، ولا تُظْلَمون بنقص شيء من رأس المال، بل لكم ما دفعتم من غير زيادة ولا نقصان. وقد جعل الله «أكل الربا» من السبع الموبقات (المهلكات) في حديث أبي هريرة عند البخاري ومسلم.
ويحرم الربا في أي مكان من العالم، في دار الإسلام ودار الحرب على السواء؛ لأن حرمة الربا عامة مطلقة، لا تخصيص فيها ولا تقييد.
ولكن نقل عن أبي حنيفة ومحمد: أنه يجوز أخذ مال الحربي بأي طريق لا خيانة فيه ولا غدر، ولو بالعقود الفاسدة كالربا؛ لأن ماله مباح مهدر كنفسه، أي غير معصوم، بل هو مباح في نفسه، وقد بذله الحربي في عقود الربا باختياره ورضاه، فزال المنع لزوال موجبه (1).
(1) شرح السير الكبير 223/ 3، 188/ 4، المبسوط: 95/ 10.
وقد انزلق بعض المسلمين فأودعوا أموالهم في ديار غير المسلمين واستباحوا أخذ الفوائد عنها، عملاً بهذا الرأي فيما زعموا، وهو فهم خطأ، وعمل باطل غير مشروع، وحرام؛ لأن الربا الذي قصد في هذا الرأي هو ربا العقود لا ربا البنوك والفوائد، ولأن المال في أصله مال الحربي، أما الأموال المودعة فهي أموال المسلمين، يتقوى بها غير المسلمين في تشغيل المصانع والمعامل، ولأن القول مخصوص بمال الحربي، والحربي: هو الذي بيننا وبين بلاده عداوة وحرب فعلية أو حكمية، ولا ينطبق هذا على غير اليهود وأمثالهم من غاصبي الأراضي الإسلامية، لوجود معاهدات سلمية بيننا وبين مختلف الدول المنضمة لميثاق الأمم المتحدة.
وإيداع المسلمين أموالهم في بلاد غير المسلمين غير جائز شرعاً؛ لأنهم يتقوون بتلك الأموال علينا، ويعطوننا جزءاً من الفوائد، بل إن أكثر تلك الأموال أصبحت مجمدة لا يفرج عنها ولا ترد لأصحابها الأصليين، مما يؤكد تحريم التعامل مع المصارف الأجنبية إلا لضرورة قصوى أو لأجل الاستيراد والتصدير.
وعلى هذا تكون فوائد هذه الأموال حراماً لا يجوز لأصحابها تملكها وضمها لأموالهم، لكن لا يصح إبقاؤها لهم حتى لا يتقووا بها علينا، ونعين الظالم على ظلمه، وإنما يجب أخذها وصرفها في المصالح العامة في البلاد الإسلامية كتعبيد الطرق وبناء المشافي والمدارس وغير ذلك من المرافق العامة، كما أفتى بذلك لجنة الفتوى بالأزهر في أواخر الستينات.