الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوديعة: وكذلك تجوز المضاربة عند الحنفية والشافعية والحنابلة إذا كان في يد شخص وديعة، فقال له
المودع:
ضارب بها؛ لأن الوديعة ملك رب المال، فجاز أن يضاربه عليها، كما لو كانت حاضرة، فقال:(قارضتك على هذا الألف) وأشار إليه في زاوية البيت.
والفرق بين هذه الحالة والدين: أن عين المال في حالة الدين لا يصير ملكاً للدائن إلا بقبضه.
وقال المالكية: المرهون أو الوديعة لا يجوز أن يكون أحدهما رأس مال القراض؛ لأنه شبيه بالدين.
المغصوب:
والمضاربة تجوز أيضاً فيما إذا كان المال مغصوباً، فضارب به الغاصب؛ لأنه مال لرب المال يباح له بيعه من غاصبه ومن يقدر على أخذه منه، فأشبه الوديعة (1).
رابعاً ـ أن يكون رأس المال مسلَّماً إلى العامل:
ليتمكن من العمل فيه، ولأن رأس المال أمانة في يده، فلا يصح إلا بالتسليم وهو التخلية كالوديعة، ولا تصح المضاربة مع بقاء يد رب المال على المال، لعدم تحقق التسليم مع بقاء يده. ويترتب عليه أنه لو شرط بقاء يد المالك على المال فسدت المضاربة، إذ لا بد من استقلال العامل بالتصرف والعمل بمقتضى طبيعة التجارة وظروفها التي يتعذر فيها الاشتراك في العمل الذي يحتاج إنجازه لسرعة واهتبال الفرصة المواتية. فإن استعان العامل بصاحب المال في العمل، دون اشتراط، جاز ذلك، لأن الاستعانة به لا تخرج المال من العامل.
وهذا الشرط محل اتفاق بين الجمهور (أبي حنيفة وأصحابه ومالك والشافعي
(1) انظر البدائع: 83/ 6، المغني: 68/ 5 ومابعدها، المهذب: 385/ 1، مغني المحتاج: 310/ 2.
والأوزاعي وأبي ثور وابن المنذر). وأما الحنابلة فقد أجازوا اشتراط بقاء يد المالك على المال.
وأجاز المالكية للعامل أن يشترط عمل رب المال مجاناً أن يعمل معه في مال القراض، أو يشترط تقديم دابة رب المال حيث كان المال كثيراً. كما أجازوا أيضاً لمريد القراض أن يدفع مالين متعاقبين، أي واحداً بعد واحد لعامل واحد، إذا شرطا خلط المالين عند دفع الثاني؛ لأنه يرجع حينئذ إلى أجر واحد معلوم.
وفي هذا الشرط تختلف المضاربة عن شركات الأموال، فإنها تصح مع بقاء يد رب المال على ماله. والفرق هو أن المضاربة انعقدت على رأس مال من أحد الجانبين، وعلى العمل من الجانب الآخر، ولا يتحقق العمل إلا بعد خروج المال من يد صاحبه ليتمكن من التصرف فيه. أما الشركة فإنها انعقدت على العمل من الجانبين، فإذا شرط زوال يد رب المال عن العمل، فيكون هذا الشرط مناقضاً لمقتضى العقد، كما لو شرط في المضاربة عمل رب المال، فإن المضاربة تفسد، سواء عمل رب المال مع المضارب، أم لم يعمل؛ لأن شرط عمله معه معناه اشتراط بقاء يده على المال، وهذا شرط فاسد، لأنه يمنع المضارب من التمكن من التصرف، فلا يتحقق المقصود من العقد (1).
وهذا الشرط مطلوب، سواء أكان المالك عاقداً أم غير عاقد، فلا بد من زوال يد رب المال عن ماله لتصح المضاربة.
ويترتب عليه أن الأب أوا لوصي إذا ضارب في مال الصغير، وشرط عمل
(1) يلاحظ أن الخلاف في هذا الشرط إذا كان عمل رب المال مشترطاً في العقد. أما إذا عمل متبرعاً من غير شرط، كأن استعان به المضارب فلا يؤثر ذلك في صحة المضاربة اتفاقاً (الشركات للأستاذ الخفيف: ص 70).