الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما لا يجوز للمضارب فعله:
ليس للمضارب في المضاربة المطلقة أن يفعل بعض الأفعال إلا بالنص عليها صراحة (1)، فليس له أن يستدين على مال المضاربة إلا بإذن صريح، ولو استدان لم يجز على رب المال، ويكون ديناً على المضارب في ماله؛ لأن الاستدانة إثبات زيادة في رأس المال من غير رضا رب المال، بل فيه إثبات زيادة ضمان على رب المال من غير رضاه؛ لأن ثمن المشترى مضمون على رب المال، فلو جوزنا الاستدانة على المضاربة لألزمناه زيادة ضمان لم يرض به، وهذا لا يجوز.
وإذا كانت الاستدانة لا تجوز، فلا يجوز الإقراض من رأس المال من باب أولى. وعدم جواز الاستدانة إلا بإذن صاحب المال هو مذهب الحنابلة والشافعية أيضاً.
وقال المالكية: لا يجوز للمضارب أن يشتري سلعاً بالدين وإن أذن له رب المال بالشراء، فإن فعل ضمن ما اشتراه، وكان الربح له وحده، ولا شيء منه لرب المال؛ لأنه عليه الصلاة والسلام نهى عن ربح ما لم يضمن، فكيف يأخذ رب المال ربح ما يضمنه العامل في ذمته؟!
ولا يجوز للمضارب أيضاً أن يشتري سلعاً للقراض بأكثر من مال المضاربة نقداً أو إلى أجل، للنهي عن ربح ما لم يضمن، وذلك لأن العامل يضمن ما زاد في ذمته.
فإن فعل كان ما يشتريه شركة بينه وبين رب المال بنسبة ما زاد على مال
(1) البدائع: 90/ 6 ومابعدها، تكملة فتح القدير: 80/ 7، المبسوط: 178/ 22، تبيين الحقائق: 69/ 5، الدر المختار: 507/ 4.
القراض. وهذا إذا لم يرض رب المال، فإذا رضي بالتصرف، كان ذلك من جملة القراض. ولا يجوز للمضارب أن يهب شيئاً كثيراً من مال القراض بغير ثواب (1).
وليس للمضارب أخذ المال على سبيل القرض ليسلمه إلى مدين في بلد آخر يريده المقرض؛ لأنه يكون محتملاً تبعة مخاطر الطريق، ولأن دافع المال (وهو المقرض) استفاد من هذه العملية، وقد ثبت النهي عن قرض جر نفعاً. وهذه هي المسألة المعروفة في الفقه بمسألة السفاتج (2).
وكذلك ليس للمضارب أن يدفع المال إلى غيره مضاربة، أو أن يشارك به، أو أن يخلطه بمال نفسه أو بمال غيره، إلا إذا قال له رب المال: اعمل برأيك، أو أذن له بالتصرف. أما المضاربة فلا تجوز لأنها مثل المضاربة الأولى، والشيء لا يستتبع مثله، فلا يستفاد بمطلق عقد المضاربة مثله، كما لا يملك الوكيل التوكيل بمطلق العقد. وأما الشركة فهي أولى ألا يملكها بمطلق العقد؛ لأنه أعم من المضاربة، والشيء لا يستتبع مثله فما فوقه أولى. وأما الخلط فلأنه يوجب في مال رب المال حقاً لغيره، فلا يجوز إلا بإذنه (3).
ما يجب على العامل المضارب: يجب على العامل القيام بأعمال المضاربة بحسب المعتاد من أمثاله، وبحسب عادة التجار فيما يتعاملون به، فإذا استأجر
(1) كشاف القناع: 256/ 4، مغني المحتاج: 216/ 2، الدردير: 528/ 3، بداية المجتهد: 239/ 2، القوانين الفقهية: ص 283، الخرشي: 211/ 6، 216، 226، ط ثانية.
(2)
السفاتج: جمع سفتجة بضم السين وفتح التاء، فارسي معرب: وهي سلف الخائف من غرر الطريق يعطى بموضع ويؤخذ حيث يكون متاع الآخر، فينتفع الدافع والقابض في ذلك (راجع القوانين الفقهية لابن جزي: ص 251، غاية المنتهى: 167/ 2).
(3)
البدائع: 95/ 6 ومابعدها، تكملة فتح القدير: 64/ 7، تبيين الحقائق: 58/ 5، الدر المختار بهامش رد المحتار: 507/ 4.