الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
و
الضابط في تقييد المضاربة عند الحنفية:
هو أن المضاربة تقبل التقييد المفيد ولو بعد العقد ما لم يصر المال عرضاً؛ لأنه إذا صار المال من العروض التجارية، لا يملك رب المال عزل المضارب، فلا يملك تخصيصه. أما التقييد بغير المفيد فلا يعتبر أصلاً كنهيه عن بيع المال حالاً (1).
ويرى الشافعية والمالكية: أن وظيفة المضارب هو التجارة في المال للاسترباح والتنمية، وهو بالبيع والشراء مما جرت العادة بأن يتولاه التجار. وعليه فكل شرط يحول دون عمله المعتاد المتعارف مفسد للقراض عندهم (2).
التقيد الطارئ على المضاربة المطلقة:
قال الحنفية: إذا كانت المضاربة مطلقة فخصصها رب المال بعد العقد:
فإن كان رأس المال بحاله نقداً أو اشترى به المضارب متاعاً ثم باعه وقبض ثمنه من النقود: فإن تخصيصه جائز، كما لو خصص المضاربة في الابتداء؛ لأن رب المال يملك التخصيص إذا كان فيه فائدة.
أما إذا كان مال المضاربة عروضاً فلا يصح تقييد رب المال للمضارب أو نهيه عن أمر حتى يصير رأس المال نقداً، مثل أن يقول له:(لا تبع بالنسيئة) لأن المضاربة تمت بالشراء.
3ً -
وأما حقوق المضارب:
التي يستحقها بعمله في مال المضاربة فهي شيئان: النفقة، والربح المسمى في العقد.
أولاً ـ أما النفقة من مال المضاربة:
فاختلف الفقهاء في وجوبها للمضارب
(1) الدر المختار: 508/ 4.
(2)
المراجع السابقة، الشركات في الفقه الإسلامي للأستاذ علي الخفيف: ص 74.
على أقوال ثلاثة، فقال الإمام الشافعي في الأظهر من قوليه: لا نفقة للمضارب على نفسه من مال المضاربة لا حضراً ولا سفراً إلا أن يأذن له رب المال؛ لأن للمضارب نصيباً من الربح، فلا يستحق شيئاً آخر، ويكون المأخوذ زيادة منفعة في المضاربة، ولأن النفقة قد تكون قدر الربح، فيؤدي أخذه إلى انفراده به، وقد تكون أكثر فيؤدي إلى أن يأخذ جزءاً من رأس المال، وهذا ينافي مقتضى العقد، فلو شرطت النفقة للمضارب في العقد فسد (1).
وقال قوم منهم إبراهيم النخعي والحسن البصري: له نفقته حضراً وسفراً (2).
وقال جمهور الفقهاء منهم أبو حنيفة ومالك والزيدية: للمضارب النفقة في السفر لا في الحضر من مال المضاربة من الربح إن وجد وإلا فمن رأس المال بما يحتاج إليه من طعام وكسوة (3)، إلا أن الإمام مالك قال: إذا كان المال يحمل ذلك. ولا نفقة له من مال المضاربة في حال الإقامة، وإنما في مال نفسه، إلا إذا كانت المضاربة تشغله عن الوجوه التي يقتات منها، فله حينئذ الإنفاق من مال المضاربة.
وأما الحنابلة فأجازوا اشتراط المضارب نفقة نفسه في الحضر أو في السفر (4)، أي أنهم في هذا كالشافعية لا يوجبون النفقة للمضارب في السفر أو الحضر إلا بالشرط.
(1) المهذب: 387/ 1، مغني المحتاج: 317/ 2.
(2)
بداية المجتهد: 238/ 2.
(3)
البداية، المرجع السابق، البدائع: 105/ 6، تكملة فتح القدير: 81/ 7، المبسوط: 63/ 22، مختصر الطحاوي: ص 125، الدردير: 530/ 3، المنتزع المختار: 333/ 5، القوانين الفقهية: ص 283، الخرشي: 217/ 6 ومابعدها، ط ثانية.
(4)
المغني: 64/ 5، كشاف القناع: 265/ 2.