الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2ً - التراضي من المتبايعين والاختيار أو عدم الإكراه إلا بحق: وهو أن يأتي العاقد بالبيع اختياراً، لقوله تعالى:{إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم} [النساء:29/ 4] ولحديث «إنما البيع عن تراض» (1). فبيع التلجئة أو الأمانة: بأن يظهر العاقدان بيعاً لم يريداه باطناً، بل أظهراه خوفاً من ظالم ونحوه: باطل. وكذا بيع الهازل باطل؛ لأنه لم ترد حقيقته.
ويصح البيع في حالة الإكراه بحق كالذي يكره الحاكم على بيع ماله لوفاء دينه، أو على شراء ما يوفي ما عليه من دين؛ لأنه قول حمل عليه بحق، فصح. فأمثلة المكره بحق: راهن ومحتكر ومدين وممتنع.
ويكره الشراء من المضطر: وهو الذي يبيع ماله بأقل من ثمن مثله.
وأما
شروط الصيغة
فهي ثلاثة:
1ً - اتحاد المجلس: بأن يكون القبول في مجلس الإيجاب، فإذا قال البائع: بعتك، ثم تفرقا قبل القبول من المجلس، لم ينعقد البيع.
2ً - ألا يكون بين القبول والإيجاب فاصل يدل على الإعراض عن البيع عرفاً.
3ً - ألا يكون العقد مؤقتاً ولا معلقاً بغير مشيئة الله: مثل بعتك سنة أو بعت أو اشتريت إن رضي فلان.
وأما
شروط المعقود عليه
مبيعاً أو ثمناً فهي ستة شروط وهي:
1ً - أن يكون مالاً: وهو ما يباح الانتفاع به شرعاً مطلقاً في غير حاجة ولا ضرورة؛ لأن البيع مبادلة مال بمال، فلا يصح بيع ما لا نفع فيه أصلاً
(1) رواه ابن حبان، وقد سبق تخريجه مفصلاً.
كالحشرات، وما فيه منفعة محرَّمة كالخمر، وما فيه منفعة مباحة للحاجة كالكلب، وما فيه منفعة تباح للضرورة كالميتة حال الاضطرار أو المخمصة، والخمر لدفع لقمة غص بها.
ويصح بيع جلد ميتة دبغ وكان اقتناؤه بلا حاجة، ويجوز بيع بغل وحمار ودود قز ونحل منفرداً بشرط كونه مقدوراً عليه، أو مع كوَّارته إذا شوهد داخلاً فيها؛ لأن فيه منافع للناس، ويصح بيع ما يصاد عليه من الطيور، وديدان لصيد سمك، وسباع بهائم وجوارح طير للاصطياد، لا لغيره، ويصح بيع علق لمص دم.
ويصح بيع طير لقصد صوته كبلبل وهزار؛ لأن فيه نفعاً مباحاً، وكذا يصح بيع ببغاء وهي الدُّرة ونحوها كقُمري.
ويجوز إهداء الكلب المباح والإثابة عليه، لا على وجه البيع.
ولا يجوز بيع سموم قاتلة كسم الأفاعي، لخلوها من نفع مباح، وكذا لايجوز بيع سم الحشائش والنبات، إلا ما ينتفع به وأمكن التداوي بيسيره كالسقمونيا ونحوها.
ويحرم بيع المصحف لمسلم أو لكافر، لأن تعظيمه واجب، وفي بيعه ابتذال له وترك لتعظيمه، ولأن الكافر يمنع من استدامة ملك المصحف، فيمنع من ابتدائه.
ولا يصح بيع آلة لهو كمزمار وطنبور ونرد وشطرنج، ولا بيع حشرات كخنافس وفأر وحيات وعقارب وصراصر ونحوها، ولا بيع ميتة ولو لمضطر ولا بيع دم وخنزير وصنم.
ولا يصح بيع سرجين نجس (زبل)، ولا بيع أدهان نجسة العين من شحوم الميتة وغيرها، لحديث البخاري ومسلم:«إن الله إذا حرم شيئاً حرم ثمنه» ولا يحل الانتفاع بالأدهان النجسة باستصباح ولا غيره، فقد حرمه النبي صلى الله عليه وسلم في حديث جابر المتفق عليه. ولا يصح بيع أدهان متنجسة كزيت لاقى نجاسة، ولو لكافر للحديث السابق:«إن الله تعالى إذا حرم شيئاً حرم ثمنه» ويجوز الاستصباح في الأدهان المتنجسة في غير مسجد؛ لأنه أمكن الانتفاع بها من غير ضرر.
ولا يصح بيع الحر، لحديث البخاري ومسلم:«ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة، ومنهم: ورجل باع حراً وأكل ثمنه» . ولا يصح بيع ما ليس بمملوك من المباحات من نحو كلأ وماء ومعدن قبل حيازتها وتملكها، لفقد الشرط الآتي:
2ً - أن يكون المبيع مملوكاً لبائعه ملكاً تاماً، لقوله صلى الله عليه وسلم لحكيم بن حزام:«لا تبع ما ليس عندك» (1)، فلا يصح تصرف فضولي مطلقاً ولو أجيز بعد.
ولا يصح بيع ما لا يملكه الإنسان كحر ومباح قبل حيازته، ولا بيع أرض موقوفة مما فتح عنوة ولم تقسم كمصر والشام، ويصح بيع إمام لها لمصلحة كوقفه وإقطاعه تمليكاً، أو غير إمام وحكم به من يرى صحته. ولا يصح بيع ولا إجارة رباع مكة والحرم: وهي المنازل، وكذا بقاع المناسك كالمسعى والمرمى والموقف ونحوها، لأنها كالمساجد لعموم نفعها، ولأن مكة فتحت عنوة. ولا يصح بيع ما ليس مملوكاً ملكاً تاماً كالمبيع وقت الخيار.
3ً - أن يكون المبيع مقدوراً على تسليمه حال العقد: لأن ما لا يقدر على تسليمه شبيه بالمعدوم، والمعدوم لا يصح بيعه، فكذا ما أشبهه.
(1) رواه ابن ماجه والترمذي وصححه
فلا يصح بيع نصف معين من نحو إناء وسيف وحيوان، ودين لغير مدين، ولا آبق وشارد ولو لقادر على تحصيلهما. لحديث «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شراء العبد وهو آبق» (1) ولا يصح بيع سمك بماء إلا مرئياً بمحجوز يسهل أخذه منه، ولا يصح بيع طائر يصعب أخذه، أو في الهواء وألف الرجوع إلا في مكان مغلق؛ لأنه غير مقدور على تسليمه.
ولا يصح بيع مغصوب إلا لغاصبه أو قادر على أخذه، وله الفسخ إن عجز.
4ً - أن يكون المبيع معلوماً للبائع والمشتري برؤية تحصل بها معرفته، عند العقد أو قبله بزمن لا يتغير فيه المبيع يقيناً أو ظاهراً.
ويصح بيع الأعمى وشراؤه بما يمكنه معرفة ما يبيعه أو يشتريه بغير حاسة البصر كشم ولمس وذوق، لحصول العلم بحقيقة المبيع. ويصح بيع قفيز من صُبرة (كومة طعام وغيره).
ولا يصح بيع الأُنموذج: وهو ما يدل على صفة الشيء، كأن يريه صاعاً مثلاً من صبرة، ويبيعه الصبرة على أنها من جنسه، لعدم رؤية المبيع وقت العقد.
ولا يصح بيع حَمْل ببطن وهو بيع المضامين، ولا بيع لبن بضرع، ونوى بتمر، وصوف على ظهر إلا تبعاً، كبعتك هذه البهيمة وحملها، أو بعتك الأرض وما فيها من بذر.
ولا يصح بيع عَسْب فحل، أو نتاج نتاج، أو ما تحمل هذه الشجرة أو الدابة، ولا مسك في فأرته (صوانه)، ولفت وبصل ونحوه قبل قلعه، ولا ثوب مطوي، أو نسج بعضه على أن ينسج بقيته.
(1) رواه أحمد عن أبي سعيد.