الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أنه لو لم يكن في البيع عيب، لما كان يسأل غيره في أخذه، وإنما غيره هو الذي يطلبه، كما هو المعروف في الأسواق، ثم إنه لو تأخر القبول عن الإيجاب لم يصح به البيع، فلم يصح إذا تقدم، ولأنه عقد خلا عن القبول، فلم ينعقد كما لو لم يطلب البيع أو الشراء.
الفرق بين البيع والزواج:
البيع بخلاف عقد النكاح، فإنه يصح بلفظ الاستدعاء، مثل أن يقول:(زوجني) لأنه في هذه الحالة يكون قوله: (زوجني) توكيلاً بالزواج، فإن زوجه امتثل أمره، ولبى طلبه فيكون المزّوج ولياً من طرف ووكيلاً من طرف، والشخص الواحد: يتولى طرفي عقد النكاح، بخلاف البيع، فإنه لا يجوز أن يتولى الواحد طرفي العقد في البيع إلا الأب يشتري مال ابنه لنفسه أو يبيع ماله منه، وكذلك الوصي عند أبي حنيفة إذا اشترى لليتيم من نفسه أو لنفسه منه.
وهناك فرق آخر بين البيع والنكاح: وهو أن لفظ الأمر للمساومة حقيقة، فلا تكون صيغته إيجاباً وقبولاً حقيقة، بل هي طلب الإيجاب والقبول، فلا بد للإيجاب والقبول من لفظ آخر يدل عليهما، ولا يمكن حمل هذه الصيغة على المساومة في النكاح؛ لأن المساومة لا توجد فيه عادة؛ لأنه مبني على مقدمة الخطبة، فتحمل هذه الصيغة على الإيجاب والقبول. أما البيع فلا يكون مسبوقاً بمثل ذلك، فكان الأمر فيه مساومة، عملاً بحقيقة لفظ الأمر، ولا يعدل عن الحقيقة إلى شيء آخر إلا بدليل، ولم يوجد في البيع، بخلاف النكاح كما تقدم.
والخلاصة: أن صيغة البيع عند الحنفية إما أن تكون بلفظين من غير نية، وذلك بصيغة الماضي، مثل بعت واشتريت، وهذه الصيغة وإن كانت للماضي وضعاً، لكنها جعلت إيجاباً للحال في عرف أهل اللغة والشرع، والعرف قاض على اللغة.
[التعليق]
الفرق بين البيع والنكاح انظر أيضاً:
5/ 3318
* أبو أكرم الحلبي
أو بلفظين مع النية للحال، وذلك بصيغة المضارع؛ لأن المضارع يحتمل الحال أو الاستقبال، فتكون النية لدفع المحتمل: وهو أن يراد الوعد بالبيع في المستقبل، فتكون نية الإيجاب للحال مانعة من إرادة المستقبل.
أو بثلاثة ألفاظ، وذلك بلفظ الاستفهام: بأن قال المشتري: (أتبيع مني هذا الشيء؟) أو بلفظ الأمر بأن قال البائع: (اشتر مني هذا الثوب) أو قال المشتري: (بع مني هذا الثوب) لا ينعقد في هذه الأمثلة ما لم ينضم إليها لفظ ثالث، فيقول المشتري في المثال الأول:(اشتريت) لأن لفظ الاستفهام لا يستعمل للحال حقيقة، ويقول البائع في المثال الثاني:(بعت) ويقول المشتري في المثال الثالث: (اشتريت).
وعلى هذا، لا يصح أصلاً البيع بلفظ الأمر مجرداً سواء نوى، أو لم ينو إلا إذا دل على الحال مثل:(خذه بكذا) كما لا يصح أصلاً بالمضارع المقترن بالسين أو سوف، مثل:(سأبيعك) لأن ذكر السين يناقض إرادة الحال (1).
وقال المالكية، والشافعية في الأظهر، والحنابلة: ينعقد العقد سواء أكان بيعاً أم نكاحاً بلفظ الاستدعاء مثل: «بعني» أو «اشتر مني» فيقول الآخر: «بعت» أو «اشتريت» لأن أساس العقد هو التراضي، ولفظ الإيجاب والقبول وجد منهما على وجه تحصل منه الدلالة على تراضيهما به عرفاً، فصح كما لو تقدم الإيجاب، وبه يحصل الغرض بكون المستدعي بائعاً أو مشترياً (2).
(1) البدائع: 5 ص 133 ومابعدها، فتح القدير مع العناية: 5 ص 75 ومابعدها، حاشية ابن عابدين: 4ص9 ومابعدها.
(2)
بداية المجتهد: 2 ص 168، حاشية الدسوقي: 3 ص 3، الميزان: 2 ص 63، مغني المحتاج: 2ص4، المغني: 3 ص 560، كشاف القناع: 136/ 3.