الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
منه حق الرجوع على الغاصب قطعاً. وإذا لم يصدقه ولم يكذبه في ادعاء الوكالة، فهو إنما دفع إليه على رجاء أن يجيزه صاحب المال، فإذا انقطع رجاؤه بسبب أخذ الدائن حقه منه، رجع المدين الغريم على الوكيل (1).
4 - الوكيل بالبيع:
الوكيل بالبيع إما أن يكون مطلق التصرف أو مقيد التصرف. فإن كان مقيد التصرف، فيراعى فيه القيد بالاتفاق، فإذا خالف قيده، لا ينفذ تصرفه على الموكل، ولكن يتوقف على إجازته إلا إذا كانت مخالفته إلى خير؛ لأنه محقق لمقصوده ضمناً. بيانه بالمثال: أن يقول الموكل: بع بستاني هذا بألف ليرة، فباعه بأقل من ألف، لا ينفذ لأنه خلاف إلى شر، وإن باعه بأكثر من ألف ليرة نفذ لأنه خلاف إلى خير. وإذا وكله بالبيع نقداً، فباع مؤجلاً لم ينفذ، بل يتوقف على إجازة الموكل. أما إذا وكله بالبيع مؤجلاً فباع نقداً نفذ.
وإذا وكله بالبيع في مكان معين لكون الثمن فيه أجود أو أكثر، لا يجوز له البيع في غيره عند الشافعية والحنابلة؛ لأنه قد يفوت غرضه. وكذا عند الحنفية إن أكده بالنفي، فقال له: لا تبعه إلا في سوق كذا.
وإذا وكله بالبيع في زمان معين، لزمه بيعه فيه؛ لأنه قد يحقق له مصلحة أو حاجة في ذلك الزمان بعينه.
وإذا وكله بالبيع من رجل بعينه، لا يجوز له أن يبيعه لغيره؛ لأنه قد يؤثر الموكل تمليك هذا الرجل دون غيره.
وإذا وكله بالبيع بمئة مثلاً، لا يجوز أن يبيع بأقل منها، لفوات المقدار المنصوص عليه، ومخالفته للإذن الصادر.
(1) تكملة فتح القدير مع العناية: 113/ 6 ومابعدها، البدائع: 26/ 6، مجمع الضمانات: ص 253، الكتاب مع اللباب: 152/ 2.
وإن كان الوكيل مطلق التصرف، فيعمل بمقتضى الإطلاق عند أبي حنيفة، فيجوز له أن يبيع بأي ثمن كان، قليلاً أو كثيراً، وإن كان بغبن فاحش، أو كان الثمن عيناً أو ديناً في الذمة. دليله: أن الأصل في اللفظ المطلق أن يجري على إطلاقه، ولا يجوز تقييده إلا بدليل كوجود تهمة، فيتناول كل ما يطلق عليه البيع، ولا يعتمد على العرف؛ لأن العرف متعارض، فإن البيع بغبن فاحش ليتوصل بثمن المبيع إلى شراء ما هو أربح منه متعارف أيضاً، فلا يجوز تقييد المطلق مع تعارض العرف.
وقال الصاحبان وبه أخذ الطحاوي وهو الراجح المفتى به عند الحنفية: لا يجوز للوكيل بالبيع مطلقاً أن يبيع إلا بالنقود الرائجة في البلد (أي الأثمان المطلق في اصطلاح الفقهاء) وبمثل القيمة، فلا يجوز البيع إلا بما يتغابن الناس فيه عادة، والمقدار الذي يتغابن الناس فيه عند الطحاوي كما ذكر محمد في الجامع الصغير: هو نصف العشر فأقل منه، ودليلهما: أن الوكالة بالبيع مطلقاً تنصرف إلى البيع المتعارف، والبيع بغير النقود أوبغبن فاحش ليس بمتعارف، وإنما المتعارف هو البيع بالنقود وبثمن المثل، فيتقيد الإطلاق بالعرف، كما في التوكيل بالشراء (1).
والصحيح في تقدير الغبن الذي يفصل بين الغبن اليسير والغبن الفاحش: هو ما روي عن محمد رحمه الله في النوادر: وهو أن كل غبن يدخل تحت تقويم المقومين، فهو يسير، وما لا يدخل تحت تقويم المقومين فهو فاحش (2).
(1) البدائع: 27/ 6، مختصر الطحاوي: ص 111، تكملة ابن عابدين: 383/ 7، تكملة فتح القدير: 70/ 6 وما بعدها، مجمع الضمانات: ص 249، مختصر خليل: ص 216 ومابعدها، المجموع: 563/ 13، المهذب: 353/ 1 وما بعدها، الكافي لابن قدامة: 254/ 2، طبع المكتب الإسلامي، كشاف القناع: 463/ 3 ومابعدها.
(2)
تكملة فتح القدير، المرجع السابق: ص 76 - 77، البدائع: 30/ 6، الدر المختار: 425/ 4.