الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
به فحكمه حكم العروض. وأما الشافعية فقد أجازوا الشركة فيه؛ لأنهم عدوه من المثليات (1).
وأما
الفلوس
(2): فلا تجوز الشركة فيها في الرواية المشهورة عن أبي حنيفة وأبي يوسف، لأنها إذا كانت كاسدة فهي كالعروض، وإن كانت نافقة (أي رائجة) فهي ليست أثماناً مطلقة عندهما (أي لا تلازمها صفة الثمنية) لأنها تتعين بالتعيين في الجملة، وتصير مبيعاً باصطلاح العاقدين. وإذا لم تكن أثماناً مطلقة لاحتمالها التعيين بالجملة في عقود المعاوضات، لم تصلح رأس مال الشركة كسائر العروض. وهذا هو رأي الشافعية والحنابلة وابن القاسم من المالكية؛ لأنها تنفق مرة وتكسد مرة أخرى فأشبهت العروض.
وقال محمد: يصح أن تكون الفلوس الرائجة رأس مال الشركة؛ لأنها بحسب الأصل عنده تعتبر من الأثمان المطلقة، لأن الثمنية لازمة لها (3).
وأما
الشركة في المثليات التي ليست بأثمان مطلقة من المكيل والموزون والعددي المتقارب
كالجوز والبيض: فتصح الشركة فيها عند الشافعية والمالكية؛ لأن الشافعية جعلوا العدديات المتقاربة من المثليات فتصح الشركة فيها على الأظهر عندهم؛ ولأن المكيل أو الموزون إذا اختلط بجنسه ارتفع التمييز بينهما، فأشبه النقدين. وأما المالكية فأجازوا الشركة فيها بحسب قيمتها عند الخلط، لا قيمتها عند البيع، كما في العروض؛ لأن خلط الطعامين مثلاً يجعل من المتعذرفصلهما بخلاف العروض، فإنه يمكن تمييز كل عرض عن غيره (4).
(1) المراجع السابقة عند الحنفية.
(2)
الفلوس جمع فلس وهو قطعة مضروبة من النحاس كان يتعامل بها.
(3)
البدائع: 59/ 6، المغني: 15/ 5، المبسوط للسرخسي: 160/ 11، رد المحتار: 372/ 3، غاية المنتهى: 166/ 2.
(4)
مغني المحتاج: 213/ 2، الشرح الكبير: 349/ 3.
وقال الحنابلة: لا تجوز الشركة في ظاهر المذهب في المكيل والموزون والعدديات المتقاربة، كما لا تجوز في سائر العروض (1).
وقال الحنفية والشيعة الإمامية والزيدية: لا تجوز الشركة في المكيلات والموزونات والعدديات المتقاربة قبل الخلط؛ لأنها إنما تتعين بالتعيين إذا كانت عيناً، فكانت كالعروض، فهي ليست أثماناً مطلقة، مع العلم بأن شرط جواز الشركة أن يكون رأس المال مما لا يتعين بالتعيين، فلو قال شخص لغيره: بع حنطتك على أن يكون ثمنها بيننا لم يجز، وأما بعد الخلط: فإن كانت الشركة في جنسين مختلفين كالحنطة والأرز والشعير فلا تجوز، وإن كانت من جنس واحد فلاتصح أيضاً عند أبي يوسف، وإنما تصير شركة أملاك.
وقال أبو حنيفة ومحمد: تصح الشركة فيها بعد الخلط، فيكون مذهب الحنفية قريباً من مذهب الشافعية.
وتظهر فائدة الخلاف عند التساوي في المالين واشتراط التفاضل في الربح، بأن كان المكيل نصفين بين شريكين، ولكنهما شرطا أن يكون الربح أثلاثاً، فخلطاه، واشتريا به، فعلى قول أبي يوسف: يكون الربح بينهما على قدر المالين نصفين. وعلى قول محمد: يكون الربح بحسب ما شرطا.
وجه قول أبي يوسف: هو أنه متمشٍ مع الأصل الذي بنى عليه الحنفية عدم جوازالشركة في المكيلات والموزونات ونحوها قبل الخلط: وهو أنها ليست أثماناً مطلقة على كل حال، بل قد تكون تارة ثمناً، وتارة مبيعاً؛ لأنها تتعين بالتعيين في الجملة فكانت كالفلوس، وشرط جواز الشركة ألا يكون رأس المال مما يتعين بالتعيين.
(1) المغني: 13/ 5 وما بعدها.