الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سادساً - وأن يعين الأجل الذي يجب التسليم عنده، وأن يكون الأجل معلوماً محدداً، فلا يصح السلم مع جهالة الأجل أو من غير ذكر الأجل، مثل إلى قدوم فلان من سفره أو إلى الحصاد مثلاً.
سابعاً - وأن يعين موضع تسليم المسلم فيه إذا لم يصلح محل العقد للتسليم، أو كان يصلح ولكن يحتاج نقله إلى كلفة ونفقة.
المطلب الرابع ـ حكم السلم
مقتضى السلم: أنه يثبت الملك فيه لرب السلم، مؤجلاً، بمقابلة ثبوت الملك في رأس المال المعين أو الموصوف في الذمة للمسلم إليه.
وقد أجيز حكمه بطريق الرخصة دفعاً لحاجة الناس، ولكن بالشرائط المخصوصة التي ذكرت والتي هي غير مشروطة في عقد البيع.
المطلب الخامس ـ أوجه الاختلاف بين البيع والسلم
يترتب على الشروط الخاصة بعقد السلم أن يختلف السلم عن البيع من وجوه:
1 - استبدال رأس مال السلم والمسلم فيه في مجلس العقد:
وهو أن يأخذ برأس مال السلم شيئاً من غير جنسه. وفيه قال الحنفية: لايجوز الاستبدال برأس مال السلم قبل القبض. أما الثمن فيجوز استبداله إذا كان ديناً؛ لأن قبض رأس المال شرط في السلم، وبالاستبدال لايحصل القبض حقيقة؛ لأن المسلم إليه يقبض بدل رأس المال حينئذ، وبدل الشيء غيره. أما الثمن
في البيع فلا يشترط قبضه، والبدل يقوم مقامه معنى. وكذلك لايجوز الاستبدال ببدلي الصرف؛ لأن قبضهما شرط حقيقة.
وأما استبدال المسلم فيه: فلايجوز أيضاً قبل القبض كاستبدال المبيع المعين، لأن المسلم فيه مبيع منقول، وإن كان ديناً، وبيع المبيع المنقول قبل القبض لايجوز (1).
وإذا انفسخ عقد السلم أو تقايل العاقدان السلم: فلايجوز الاستبدال برأس مال السلم الموجود مع المسلم إليه، أي أنه لايجوز لرب السلم أن يشتري من المسلم إليه شيئاً برأس المال حتى يقبضه كله، وهذا قول علماء الحنفيةالثلاثة أخذاً بالاستحسان (2)، لقوله عليه الصلاة والسلام:«لاتأخذ إلا سلمك، أو رأس مالك» (3) أي عند الفسخ، ولأن الإقالة بيع جديد في حق شخص ثالث غير العاقدين، والثالث هنا هو الشرع. ويعتبر رأس المال: هو المبيع، وإذا ثبت تشابه رأس المال والمبيع، فالمبيع لايجوز التصرف فيه قبل القبض، فكذا ماأشبهه.
والقياس أن يجوز الاستبدال برأس المال بعد الإقالة أو بعد انفساخ السلم، سواء أكان رأس المال عيناً أم ديناً أي من النقود، وهو قول زفر لأن رأس المال بعد
(1) البدائع: 5 ص 203.
(2)
وذهب مالك إلى أنه لايجوز ذلك إذا كان المسلم فيه طعاماً، لنهي الرسول صلى الله عليه وسلم عن بيع الطعام قبل أن يستوفى (بداية المجتهد: 205/ 2) وأجاز الشافعي وفي قول عن أحمد هذا البيع، لأن صاحب المال قد ملك رأس ماله بالإقالة، وصار ديناً في ذمة المسلم إليه الذي برئ من تسليم المسلم فيه، فيجوز له أن يشتري به ماأحب ممن أحب (الأم: 117/ 3، المغني: 304/ 4).
(3)
نص الحديث كما رواه الدارقطني عن ابن عمر هو «من أسلف في شيء فلا يأخذ إلا ماأسلف أو رأس ماله» قال إبراهيم بن سعيد الجوهري: «فلا يأخذ إلا ماأسلم فيه أو رأس ماله» (انظر نيل الأوطار: 5ص227 ومابعدها، نصب الراية: 4ص51). وروى أبو داود في سننه «من أسلم في شيء فلا يصرفه إلى غيره» .
الإقالة صار ديناً في ذمة المسلم إليه، فكما جاز الاستبدال بسائر الديون جاز بهذا الدين، ويرد عليه بالحديث والمعقول السابقين (1).
واتفقوا على أن الاستبدال ببدلي الصرف بعد الإقالة قبل القبض جائز؛ لأن بدل الصرف لا يتعين بالتعيين، فلو تبايعا دراهم بدنانير، جاز استبدالها قبل القبض بأن يمسكا ما أشارا إليه في العقد، ويؤديا بدله قبيل الافتراق من مجلس الإقالة.
واتفقوا على أن قبض رأس المال بعد الإقالة في السلم في مجلس الإقالة: ليس بشرط لصحة الإقالة؛ لأن عقد الإقالة ليس في حكم إنشاء عقد السلم من كل وجه؛ لأن اشتراط القبض في عقد السلم في مجلس العقد كان للاحتراز عن بيع الكالئ بالكالئ (أي الدين بالدين) والمسلم فيه سقط بالإقالة، فلم يصبح لازماً على المسلم إليه، فلا يتحقق فيه بيع الدين بالدين، فلا يشترط القبض (2).
أما في الصرف فيشترط القبض لصحة الإقالة، لأنه إذا اعتبرنا الإقالة بيعاً جديداً، كما يقول أبو يوسف، فالتعليل ظاهر، وإذا اعتبرنا الإقالة فسخاً في حق العاقدين، كما يقول أبو حنيفة فهي في تقدير الشرع بيع، لأن أبا حنيفة يقول: هي بيع جديد في حق غير العاقدين، وإذا كانت الإقالة بيعاً فيجب قبض البدلين منعاً من الوقوع في محظور بيع الدين بالدين (3).
واتفقوا على أن السلم إذا كان فاسداً منذ نشأته، فلا بأس بالاستبدال فيه قبل القبض، إذ ليس له حكم السلم، فيجوز الاستبدال، كما في سائر الديون.
(1) فتح القدير مع العناية: 5 ص 346، رد المحتار: 4 ص 218 ومابعدها.
(2)
فتح القدير، المرجع السابق، رد المحتار: 4 ص 219.
(3)
البدائع: 5 ص 308، رد المحتار: 4 ص 219، 245.