الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
7 - خيار تفرق الصفقة
(1):
هو الذي يثبت للمشتري بسبب تجزئة المبيع، فيكون له الخيار بين فسخ البيع واسترداد الثمن كله إن دفعه، أو أخذ باقي المبيع مع حسم ما يقابل العيب أو الهلاك من الثمن. وله صور متعددة.
فيثبت عند الحنفية بهلاك أو تعيب بعض المبيع بيد البائع قبل قبض المشتري، ومجمل حكم الهلاك: أنه إن كان بآفة سماوية أو بفعل البائع يبطل البيع، وإن كان بفعل أجنبي يتخير المشتري إن شاء فسخ البيع، وإن شاء أجاز، وضمَّن المستهلك.
وقال المالكية: يثبت هذا الخيار في حالة كون المبيع معيباً، أو استحقاق بعض مبيع متعدد اشتري صفقة واحدة، فإن كان وجه الصفقة نقضت، ولا يجوز له التمسك بالباقي، وإن كان غير وجهها، جاز التمسك به، وأخذ الباقي بالتقويم، لابنسبته من الثمن المسمى، فيقال: ما قيمة هذا الباقي؟ فإذا قيل: ثمانية، قيل: وماقيمة المستحق أو المتعيب؟ فإذا قيل: اثنان، رجع المشتري على بائعه بخمس الثمن الذي دفعه له.
وقال المالكية أيضاً: إذا اشتملت الصفقة على حلال وحرام كالعقد على سلعة، وخمر أو خنزير أو غير ذلك، فالصفقة كلها باطلة، ولو باع الرجل ملكه وملك غيره في صفقة واحدة، صح البيع فيهما، ولزمه في ملكه، وتوقف اللزوم في ملك غيره على إجازته.
وذكر الشافعية لتفريق الصفقة وتعددها ثلاثة أقسام:
(1) ابن عابدين: 47/ 4، الشرح الكبير مع الدسوقي: 469/ 3، القوانين الفقهية: ص 260، مغني المحتاج: 40/ 2، المهذب: 269/ 1، المغني: 238/ 4، كشاف القناع: 166/ 3 ومابعدها، 291.
الأول ـ إذا باع شخص في صفقة واحدة حلالاً وحراماً كشاة مذكاة وميتة، أو خل وخمر، أو شاة وخنزير، أو شيئاً له وشيئاً لغيره، أو شيئاً مشتركاً بغير إذن الشريك الآخر، صح البيع في الحلال المملوك له، وبطل في غيره في الأظهر، إعطاءً لكل منهما حكمه. ويكون الخيار للمشتري إن جهل الحال لضرر التبعيض بين أخذ حصة الحلال من الثمن المسمى باعتبار قيمة كل منهما أي من الحلال والحرام، أو أن يفسخ البيع. ولا خيار للبائع؛ لأنه المفرط في البيع ببيع ما لا يملكه، وبالطبع في ثمن ما لا يستحقه.
الثاني ـ إذا باع شخص متاعين مثلاً، فتلف أحدهما قبل قبضه، انفسخ البيع في التالف، ولم ينفسخ في الآخر على المذهب، بل يتخير المشتري بين الفسخ والإجازة، فإن أجاز أخذ الباقي بالحصة من المسمى باعتبار قيمته وقيمة التالف؛ لأن الثمن قد توزع عليهما في مبدأ البيع، فلا يتغير بهلاك أحدهما.
الثالث ـ لو جمع في صفقة عقدين مختلفي الحكم كإجارة وبيع، مثل: آجرتك داري شهراً، وبعتك ثوبي هذا بدينار، وكإجارة وسلم مثل: آجرتك داري شهراً وبعتك صاع قمح في ذمتي سلماً بكذا، صح العقدان في الأظهر، ويوزع المسمى على قيمة المعقود عليهما، أي قيمة المؤجر من حيث الأجرة، وقيمة المبيع أو المسلم فيه.
وتتعدد الصفقة بتفصيل الثمن من البائع: كبعتك ذا بكذا، وذا بكذا. وبتعدد البائع: كبعناك هذا بكذا، والمبيع مشترك بينهما.
وكذا بتعدد المشتري: كبعتكما هذا بكذا، في الأظهر.
والخلاصة: إن في تفريق الصفقة قولين عند الشافعية، أظهرهما ـ أن البيع يبطل فيما لا يجوز، ويصح فيما يجوز؛ لأنه ليس بطلانه فيهما لبطلانه في
أحدهما بأولى من تصحيحه فيهما، لصحته في أحدهما؛ فبطل حمل أحدهما على الآخر، وبقيا على حكمهما، فصح فيما يجوز، وبطل فيما لا يجوز. والقول الثاني أن الصفقة لا تفرق، فيبطل العقد فيهما.
وقال الحنابلة: معنى تفريق الصفقة: أي تفريق ما اشتراه في عقد واحد: وهو أن يجمع بين ما يصح بيعه وما لا يصح بيعه، صفقة واحدة بثمن واحد. ولهذا الجمع ثلاث صور:
إحداها ـ أن يبيع شخص معلوماً ومجهولاً تجهل قيمته أي يتعذر علمه، فلا مطمع في معرفته، مثل: بعتك هذه الفرس، وما في بطن هذه الفرس الأخرى بكذا، فلا يصح البيع فيهما؛ لأن المجهول لا يصح بيعه لجهالته، والمعلوم مجهول الثمن، ولا سبيل إلى معرفته؛ لأن معرفته إنما تكون بتقسيط الثمن عليهما، وحمل الفرس لا يمكن تقويمه، فيتعذر التقسيط.
الثانية ـ أن يبيع شخص مشاعاً بينه وبين غيره بغير إذن شريكه، فيصح البيع في نصيبه بقسطه، كما قال الشافعية في القسم الأول، وللمشتري الخيار بين الرد والإمساك إذا لم يكن عالماً بأن المبيع مشترك بينه وبين غيره؛ لأن الشركة عيب. فإن كان عالماً فلا خيار له ولا للبائع أيضاً. وللمشتري الأرش إن أمسك فيما ينقصه التفريق، كزوج خف.
الثالثة ـ أن يبيع رجل متاعه ومتاع غيره بغير إذنه صفقة واحدة، أو يبيع خلاً وخمراً صفقة واحدة، فيصح البيع في متاعه بقسطه دون متاع غيره، ويصح في الخل بقسطه من الثمن، فيوزع على قدر قيمة المبيعين ليعلم ما يخص كلاً منهما. ويقدر الخمر إذا بيع مع الخلّ خلاً، ليقسط الثمن عليهما، ولا خيار للبائع. وهذه الصور وما قبلها هي النوع الأول عند الشافعية.