الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
5 - يزعم المبيحون بأن المصارف (البنوك) في العصر الحديث ضرورة اقتصادية لا يستغنى عنها
، وهذا أيضاً تمويه وخداع، فإن النظام الاشتراكي لا يقر نظام الفوائد المصرفية، كما أن نجاح المصارف الإسلامية التي زادت عن خمسين مؤسسة في عصرنا، في غضون ثلاث عشرة سنة فقط برهان واضح على إمكان قيام نظام اقتصادي خال من الفوائد البنكية أو المصارف الربوية. ولايصح القول أيضاً بأن فوائد المصارف مما تعارف عليها الناس، والعرف مصدر تشريعي؛ لأن هذا عرف فاسد مصادم للنصوص الشرعية.
6 - إن تسويغ (تبرير) الربا بالتضخم النقدي أي بجعل الفائدة تعويضاً عن القيمة المفقودة من النقد غير صحيح
، لأن الفائدة في الحقيقة هي سعر استعمال النقدية مع مرور الزمن، وليست تعويضاً عن فقد قيمة النقد، كما أن الربا من مسببات التضخم فعلاً، وليس نتيجة له، كما يقرر الاقتصاديون.
7 - إن من مظاهر انحطاط الفكر ودواهي العلم أن يقال: (إن الأوراق النقدية لا توزن، فلا تعتبر من الربويات، بل تأخذ حكم العروض التجارية)
، أو يقال: إن الأوراق النقدية كالفلوس لايجري فيها الربا. وهذا جهل واضح بحقيقة النقود، فإنها ثمن اصطلاحي للأشياء، سواء أكانت معادن أم أي شيء آخر، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:«لا تبيعوا الدينار بالدينارين» (نيل الأوطار: 303/ 5) والفلوس ليست لها قوة النقود ولا بديلاً عن النقود، وإنما هي كالسلع التجارية، فلا تقوَّم بها السلع والأعيان وإنما تقوَّم بالذهب والفضة، وكان سلخ وجود صفة الربا فيها لتفاهتها، كتفاهة بيع الحفنة بالحفنتين، والتفاحة بالتفاحتين، وإنما سمح بتداولها في الماضي لتسهيل شراء ما رخص ثمنه من الحاجيات.
8 - أن الفائدة البنكية المعطاة لصاحب المال، المحددة بمقدار معين حرام
،
لأنها قدر مقطوع لا زيادة فيها ولا نقص ولا تتأثر بحقيقة الأرباح، ولا تساهم في تحمل شيء من الخسارة إذا قيل: إنها عائد استثمار رأس المال المودع في المشروعات الاستثمارية من صناعة وتجارة وزراعة وغيرها.
وعلى هذا فلا يصح القول خلافاً لما جاء في مقال مجلة «العربي» السابق وغيره من الفتاوى الضالة بإباحة أرباح صناديق التوفير التي تعتمدها بعض الحكومات لتشجيع الناس على الادخار، ولا القول بإباحة أرباح شهادات الاستثمار المصرفية حيث يودع بعض الناس أموالهم، ويحصلون على شهادات أو صكوك بقيمتها، تحقق أرباحاً أو جوائز بعد فترة زمنية معينة؛ لأن هذه الصناديق والشهادات ما هي إلا قرض جر نفعاً، وليست عارية؛ لأنه يجب رد العين المعارة بذاتها، ولأن عارية النقود قرض، ولا وديعة، لأن الودائع لا يجوز للوديع تشغيلها، فإن استعملها ضمنها، وليست هي أيضاً من قبيل شركات المضاربة بتقديم رأس المال من جانب والعمل من جانب آخر؛ لأن المصارف تحدد نسبة معينة من الربح بمقدار نسبة رأس المال، لا بحسب نسبة الربح الفعلي، مما يجعل المعاملة ربا نسيئة، والمضارب في شركة المضاربة شريك لرب المال، والشريك لا يضمن إلا بالتعدي أو بالتقصير في العمل، مع أن رأس المال مضمون من قبل المصرف كالمقترض تماماً، فإنه ضامن بالشرط والتعهد والاتفاق لا تبرعاً لما يقترضه من مال. ثم إنه لا بد من الاشتراك في الربح دون تحديد نسبة مقطوعة، وتكون الخسارة على رب المال في المضاربة، ولا خسارة على أصحاب هذه الأموال، وقد يقرض المصرف بعض الأموال المودعة لديه، وليس هذا جائزاً في المضاربة. ولا يجوز تخصيص حظ معين، لأنه قد أجمع الفقهاء في الشركات وعقود استثمار الأراضي (المساقاة، والمزارعة، والمغارسة) على عدم جواز تخصيص مقدار مقطوع من الربح أو الغلة والناتج لوجود الغرر، أي احتمال وجود ربح أو عدم وجوده،