الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال
أبو حنيفة والمالكية
(1): إذا اشتملت الصفقة على حلال وحرام، كالعقد على سلعة متقومة وخمر، أو خنزير، أو غيرهما، فالصفقة كلها باطلة. وقال الصاحبان: يصح العقد في الصحيح، ويفسد في الفاسد. ومنشأ الخلاف بين أبي حنيفة وصاحبيه هو: أن الصفقة إذا اشتملت على الصحيح والفاسد يتعدى الفساد إلى الكل عند أبي حنيفة. وأما عند الصاحبين فلا يتعدى الى الصحيح، وإنما يقتصر أثر الفساد على الفاسد.
ولو باع الرجل ملكه وملك غيره في صفقة واحدة، صح البيع فيهما، ويلزم البيع فيما يملكه المالك، ويتوقف اللزوم في ملك الغير على إجازته، وهذا باتفاق الحنفية والمالكية، لأنهم يصححون العقد الموقوف أو عقد الفضولي، كما سنعلم.
وقال
الشافعية والحنابلة
في الأرجح عندهم (2): تفريق الصفقة معناه: أن يبيع ما يجوز بيعه، وما لا يجوز بيعه صفقة واحدة بثمن واحد، وهو ثلاثة أقسام:
أحدها ـ أن يبيع معلوماً ومجهولاً بثمن واحد، لقوله: بعتك هذا الكتاب وكتاباً آخر، وهما ملك له بمئة ليرة مثلاً، لم يصح البيع فيهما؛ لأن المجهول لا يصح بيعه لجهالته، والمعلوم مجهول الثمن، ولا سبيل إلى معرفته، لأن معرفته إنما تكون بتقسيط الثمن عليهما، والمجهول لا يمكن تقويمه، فيتعذر التقسيط.
الثاني ـ أن يكون المبيعان مما ينقسم عليهما بالأجزاء، كشيء مشترك بين اثنين، فباعه كله أحدهما بغير إذن شريكه، وكشيئين من المثليات مثل قفيزين من صبرة واحدة باعهما من لا يملك إلا بعضهما، فالأصح أن يصح البيع فيما يملكه
(1) القوانين الفقهية: ص 260، البدائع: 217/ 5.
(2)
المجموع: 425/ 9 - 437، المهذب: 269/ 1، المغني: 236/ 4 وما بعدها، القواعد لابن رجب: ص 421، الأشباه والنظائر للسيوطي: ص 98، غاية المنتهى: 16/ 2.
بقسطه من الثمن، ويفسد فيما لا يملكه؛ لأن لكل واحد منهما حكماً مستقلاً حالة إفراده بالبيع، فإذا جمع مع غيره ثبت لكل واحد منهما حكمه الخاص به، كما لو باع رجل شقصاً (1) وسيفاً فإنه تثبت الشفعة في الشقص بلا خلاف، كما لو أفرده.
الثالث ـ أن يكون المبيعان معلومين مما لا ينقسم الثمن عليهما بالأجزاء، أي أن تشتمل الصفقة على حلال وحرام كخل وخمر وشاة وخنزير، وميتة وشاة مذكاة، ونحوهما من القيميات، فأصح القولين عند الشافعي وفي رواية عند الحنابلة عن أحمد أن البيع يصح في الحلال ويبطل في الحرام (2). وفي كيفية توزيع الثمن على المبيعين باعتبار الأجزاء، فيقدر الخمر خلاً، والخنزير شاة، والميتة مذكاة. وهذا ما قاله أنصار هذه الرواية الأولى عن أحمد.
ورجح ابن قدامة الحنبلي الرواية الثانية عن أحمد: وهو أنه يفسد البيع في المبيعين جميعاً.
فإن كانت الصفقة مشتملة على مال للبائع ومال لغيره لا ينقسم الثمن عليهما بالأجزاء، فالأصح عند الشافعية أيضاً أن البيع يصح فيما يملكه، ويبطل فيما لا يملكه، ويوزع الثمن بحسب القيمة لكل منهما، وعند الحنابلة: الأصح أنه يبطل البيع في المبيعين جميعاً.
وقال الحنابلة والشافعية فيما يتعلق بخيار تفرق الصفقة: متى صح البيع في بعض الصفقة: فإن كان المشتري عالماً بالحال كأن يعلم أن المبيع مما ينقسم الثمن عليه
(1) الشقص: الطائفة من الشيء، والمراد به هنا قطعة من أرض أو دار.
(2)
وهكذا يعرف المقصود من عبارة يتردد ذكرها عند الشافعية وهي «قولا تفريق الصفقة» الأشهر عند الشافعية: أنها تفرق الصفقة، فيبطل البيع فيما لا يجوز، ويصح فيما يجوز، لأنه ليس إبطاله فيهما بأولى من تصحيحه فيهما. والقول الثاني: أن الصفقة لا تفرق فيبطل العقد فيهما.