الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكذا يسقط الخيار لو بقي صاحبه نائماً لآخر مدة الخيار، كما يسقط على الصحيح لو سكر وظل سكراناً حتى مضت مدة الخيار.
ولو ارتد من له الخيار في مدة الخيار، فقتل على الردة أو مات: لزم البيع. وكذا لو لحق بدار الحرب، وقضى القاضي بلحاقه؛ لأن الردة بمنزلة الموت بعد الالتحاق بدار الحرب.
فإن عاد المرتد إلى الإسلام في مدة الخيار، فهو على خياره.
كل ذلك إذا لم يتصرف المرتد بالخيار فسخاً أو إجازة، فإذا تصرف في مدة الخيار ينظر:
إن أجاز البيع جاز بالاتفاق، ولو فسخ يصبح حكم العقد موقوفاً عند أبي حنيفة: فإن عاد مسلماً نفذ، وإن مات أو قتل على الردة، بطل الفسخ.
وقال الصاحبان: تنفذ تصرفات المرتد حال ردته. ومنشأ الخلاف: هل تصرفات المرتد موقوفة أو نافذة؟
قال أبو حنيفة: هي موقوفة. وقال الصاحبان: هي نافذة، سواء أسلم أو مات أو قتل (1).
وقال الشافعية والحنابلة: لو جن صاحب الخيار أو أغمي عليه أو أصابه خرس فلم تفهم إشارته، ينتقل الخيار إلى وليه من حاكم أو غيره (2).
رابعاً - هلاك المبيع في مدة الخيار:
فيه تفصيل؛ لأن الهلاك إما أن يكون قبل القبض أو بعد القبض، والخيار إما للبائع، أو للمشتري (3).
(1) انظر التفصيل في فتح القدير: 395/ 4 ومابعدها.
(2)
مغني المحتاج: 45/ 2، غاية المنتهى: 33/ 2.
(3)
انظر المبسوط: 44/ 13، البدائع: 272/ 5، فتح القدير: 117/ 5.
آ - فإن هلك المبيع قبل القبض أي (في يد البائع) بطل البيع وسقط الخيار، سواء أكان الخيار للبائع أم للمشتري، أم لهما معاً، لأنه لو كان العقد باتاً لبطل البيع بسبب العجز عن التسليم، فيبطل إذا كان فيه خيار شرط من باب أولى.
ب ـ وإن هلك المبيع بعد القبض أي (في يد المشتري): فإن كان الخيار للبائع، فيبطل البيع أيضاً، ويسقط الخيار، ولكن يلزم المشتري القيمة إن لم يكن له مثل، والمثل إن كان له مثل.
وقال ابن أبي ليلى: إنه يهلك هلاك الأمانات؛ لأن الخيار منع انعقاد العقد بالنسبة لحكم العقد، فكان المبيع على حكم ملك البائع أمانة في يد المشتري، فيهلك هلاك الأمانات.
والصحيح قول عامة العلماء، لأن البيع وإن لم ينعقد بالنسبة لحكم العقد، لكن المبيع في قبض المشتري على حكم البيع، فلا يكون دون المقبوض على سوم الشراء (1) وهو مضمون بالقيمة أو بالمثل، سواء تعدى في القبض أو قصر في الحفظ، أو لم يحصل منه شيء من ذلك، فهذا أولى، لأن العقد موجود هنا، بخلاف المقبوض على سوم الشراء لم يوجد العقد بالنسبة إليه أصلاً.
وإن كان الخيار للمشتري فهلك المبيع بفعل المشتري أو البائع أو بآفة سماوية: لا يبطل البيع، ولكن يسقط الخيار، ويلزم البيع، ويهلك على المشتري بالثمن، لأن المشتري وإن لم يملك المبيع عند أبي حنيفة إلا أنه اعترض عليه في يده ما يمنع الرد وهو التعيب بعيب لم يكن عند البائع؛ لأن الهلاك في يده لا يخلو عادة عن
(1) وهو أن يسمي البائع أو المشتري ثمن شيء، ثم يقبضه المساوم على وجه الشراء، لينظر فيه أو ليريه غيره ويقول: إن رضيته أخذته بالثمن الذي اتفق عليه. فإذا ضاع أو هلك يضمن قيمته (رد المحتار: 52/ 4).
سبب له، وهذا السبب يكون عيباً، وتعيب المبيع في يد المشتري يمنع الرد، ويلزم البيع إذ لافائدة من بقاء الخيار، فيهلك بالثمن؛ لأن العقد قد انبرم.
وقال الشافعية كالحنفية فيما إذا حدث الهلاك بآفة سماوية قبل القبض: ينفسخ البيع ويسقط الخيار، كما ينفسخ العقد ويسقط الخيار إذا كان الهلاك بعد القبض ويضمن المشتري القيمة إذا كان الخيار للبائع.
فإن كان الخيار للمشتري فيقرر الشافعية أنه يضمن المبيع في هذه الحالة بقيمته، لأنه إن فسخ البيع تعذر رد العين، فوجب رد القيمة، وإن أمضى العقد فقد هلك من ملكه فيجب عليه قيمته (1).
وقال المالكية: إن هلك المبيع بيد البائع، فلا خلاف في ضمانه إياه وينفسخ البيع. وإن كان هلك بيد المشتري فالحكم كالحكم في الرهن والعارية:
إن كان المبيع مما يغاب عليه (أي يمكن إخفاؤه) كالحلي والثياب، فيضمن المشتري للبائع الأكثر من ثمنه الذي بيع به، أو القيمة؛ لأن من حق البائع إمضاء البيع إن كان الثمن أكثر، ورد البيع إن كانت القيمة أكثر، إلا إذا ثبت الهلاك ببينة فلا يضمن المشتري.
وإن كان المبيع مما لا يغاب عليه (أي لا يمكن إخفاؤه) كالدور والعقارات فالبائع يضمنه، بعد أن يحلف المشتري حيث اتهمه البائع: لقد ضاع وما فرَّط، إذا لم يظهر كذب المشتري (2).
(1) المهذب: 260/ 1.
(2)
بداية المجتهد: 208/ 2، حاشية الدسوقي: 104/ 3 ومابعدها.