الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحنفية. وقال الشافعية والحنابلة في أظهر الروايتين عندهم: ينظر إلى كل صنف على حدة وفي بستان واحد، فلا يصح بيع الرمان مثلاً إن بدا صلاح العنب، ولابيع عنب في بستان إن بدا الصلاح في بستان آخر، إذ أن الجنس الواحد لايتبع جنساً آخر، والبساتين تختلف في إبان نضوجها بحسب موقعها الجغرافي.
وقال المالكية: إن بدا الصلاح في صنف من أصناف الثمار، جا ز بيع جميع مافي البساتين المجاورة. ولايجوز بيع صنف لم يبد صلاحه ببدو صلاح صنف آخر.
وقال الظاهرية: إذا بدا الصلاح في صنف من أصناف الثمار في بستان واحد جاز بيع جميع أصناف الثمار الأخرى بشرط كون البيع صفقة واحدة ماعدا النخل والعنب، فلا يجوز بيع شيء من ثمارهما إلا بعد الإزهاء أو ظهور الطيب بالسواد أو بغيره، لورود نص خاص بهما (1).
بيع الثمار المتلاحقة الظهور أو المقاثي والمباطخ
(2):
إذا بيع ثمر أو زرع بعد بدو الصلاح ولو بعضه، وكان يغلب تلاحقه واختلاط حادثه بالموجود كتين، وقثاء، وموز، وورد، وبطيخ،،وباذنجان، وخيار، وقرع، فقال الحنفية في ظاهر الرواية والشافعية والحنابلة والظاهرية والزيدية والإباضية: يجوز بيع ماظهر منها من الخارج الأول. وأما بيع ماظهر وما لم يظهر، فلايجوز، لأن العقد اشتمل على معلوم ومجهول، قد لايخرجه الله تعالى من الشجرة. ولايصح أيضاً البيع، لعدم القدرة على تسليم المبيع، والحاجة تندفع ببيع أصوله، ولأن مالم يبد صلاحه يجوز إفراده بالبيع بخلاف مالم يخلق.
(1) المراجع السابقة، المحلى: 530/ 8 ومابعدها.
(2)
المقاثي جمع مقثاة: وهو موضع زراعة القثاء. والمطابخ ـ جمع مبطخة: وهو موضع زراعة البطيخ.
إلا أن الحنفية يقولون فيما لايجوز: إن البيع فاسد (1). وغيرهم يقولون: إنه باطل. وهناك قول ثان عند الحنفية بجواز هذا البيع؛ لأن الناس اعتادوا بيع الثمار على هذه الصفة، وفي نزع الناس عن عادتهم حرج وضيق. وقد رجح ابن عابدين هذ القول وأخذت به مجلة الأحكام الشرعية.
وقال المالكية وابن تيمية وابن القيم والشيعة الامامية وهو الراجح عند متأخري الحنفية: يصح البيع عملاً بحسن الظن بالله تعالى وبمسامحة الإنسان لأخيه بجزء من الثمن المقابل للذي يخرجه الله تعالى من الثمرة، ولجريان العرف وعادة الناس به، ولأن ذلك يشق تمييزه، فجعل مالم يظهر تبعاً لما ظهر، كما أن مالم يبد صلاحه تبع لما بدا (2). وإني أرجح هذا الرأي لمسايرته متطلبات الحياة الواقعية، واعتياد الناس لهذا البيع وحاجتهم إليه، وإلا أدى منعه إلى منازعات لاتنتهي.
(1) البدائع: 173/ 5 ومابعدها، تكملة المجموع: 359/ 11، مغني المحتاج: 92/ 2، المغني: 90/ 4، غاية المنتهى: 68/ 2، البحر الزخار: 317/ 3، شرح النيل: 72/ 4 ومابعدها، حاشية الشلبي على الزيلعي: 12/ 4، المحلى: 471/ 8، رد المحتار: 40/ 4، رسائل ابن عابدين: 139/ 2، قال ابن عابدين في حاشية رد المحتار (المكان المذكور): لايخفى تحقق الضرورة لهذا البيع في زماننا، ولاسيما في مثل دمشق الشام كثيرة الأشجار والثمار، وفي نزع الناس عن عادتهم حرج، ويلزم تحريم أكل الثمار في هذه البلدان، إذ لاتباع إلا كذلك، والنبي صلى الله عليه وسلم إنما رخص في السلم للضرورة مع أنه بيع المعدوم، فحيث تحققت الضرورة هنا أيضاً أمكن الحاقه بالسلم بطريق الدلالة، فلم يكن مصادماً للنص، فلذا جعلوه من الاستحسان، لأن القياس عدم الجواز، وظاهر كلام الفتح الميل إلى الجواز، ولذا أورد له الرواية عن محمد، بل تقدم أن الحلواني رواه عن أصحابنا، وماضاق الأمر إلا اتسع، ولايخفى أن هذا مسوغ للعدول عن ظاهر الرواية.
(2)
بداية المجتهد: 2ص156، بلغة السالك: 2ص79، المنتقى على الموطأ: 4ص219، القوانين الفقهية: ص 261، المختصر النافع: ص 154، أعلام الموقعين: 2ص12.