الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 - وأما إذا كان رأس المال دينا ً:
فقبضه المسلم إليه فوجده مشوباً، فإما أن يجده مشوباً في مجلس السلم أو بعد الافتراق:
أولاً: إن وجده مشوباً في مجلس السلم:
1 - إن وجد ذلك مستحقاً: فإن صحة القبض موقوفة على إجازة المستحق: إن أجاز جاز، وإن لم يجز بطل.
2 -
وإن وجده ستوقة أو رصاصاً: فلا يجوز العقد وإن قبل به، لأنه ليس من جنس حقه، إذ هو ليس من جنس الدراهم، فيكون استبدالاً برأس المال قبل القبض كما لو استبدل ثوباً من رب السلم مكان الدراهم، وهو لا يجوز كما عرفنا. وإن لم يقبل به، ورده وقبض شيئاً آخر مكانه جاز العقد لأنه لما رده، وانتقض قبضه، جعل كأن لم يكن، وكأنه أخر القبض إلى آخر المجلس.
3 -
وإذا وجده زيوفاً أو نبهرجة: فإن قبل به جاز العقد؛ لأن الزيوف من جنس حقه؛ لأنها دراهم، لكنها معيبة بالزيافة، وفوات صفة الجودة، فإن رضي بها فقد أبرأ رب السلم عن العيب ورضي بقبض حقه مع النقصان.
وإن ردها واستبدل شيئاً مكانها في مجلس العقد جاز، لأنه وجد مثل حقه في المجلس، فكان القبض متأخراً (1).
ثانياً: إن وجده مشوباً بعد الافتراق عن المجلس:
1 - إن وجده مستحقاً: فالقبض موقوف على إجازة المستحق إن أجاز جاز، وإن رد بطل السلم.
(1) البدائع: 204/ 5 ومابعدها.
2 -
وإن وجد رأس المال ستوقة أو رصاصاً: بطل السلم؛ لأن الستوقة ليست من جنس الدراهم، لأنها لا تروج في معاملات الناس، فلم تكن من جنس حقه أصلا ووصفاً، ويحصل الافتراق عن المجلس بدون قبض رأس المال، فيبطل السلم، ولا يعود جائزاً بالقبض بعد المجلس.
3 -
وإذا وجده زيوفاً أو نبهرجة: فإنها تجوز أي قبل المسلم إليه، فالسلم ماض على الصحة؛ لأن الزيوف من جنس حقه؛ لأنها دراهم، لكنها معيبة بالزيافة وفوات صفة الجودة، فإذا رضي بها، فقد رضي بقبض حقه مع النقصان.
وإن لم يتجوز به أي لم يقبلها وردها، فاتفق علماء الحنفية على أنه إن لم يستبدلها في مجلس الرد، بطل السلم بقدر ما رد.
وأما إذا استبدل مكانها جياداً في مجلس الرد: فالقياس أن يبطل السلم بقدره قل المردود أو كثر، وبه أخذ أبو حنيفة وزفر؛ لأن الزيوف من جنس حق المسلم إليه أصلاً لا وصفاً، ولهذا ثبت له حق الرد بفوات حقه في الوصف، فكان حقه في الأصل والوصف جميعاً، فإذا لم يتوافرا ولم يرض بما قبض، تبين أنه لم يقبض حقه، فيبطل السلم.
والاستحسان: ألا يبطل السلم وهو قول الصاحبين، لأن قبض الزيوف وقع صحيحاً، لأنه قبض جنس الحق، بدليل أنه لو تجوز بها جاز إلا أنه فاتته صفة الجودة بالزيافة، والمعيب لا يمنع صحة القبض، وقد أجيز استبداله في مجلس الرد، لأن للرد شبهاً بالعقد، فألحق مجلس الرد بمجلس العقد (1).
هذا إذا وجد المسلم إليه كل رأس المال زيوفاً أو نبهرجة: فإن وجد بعضه دون بعض، استحسن أبو حنيفة في حالة استبدال جياد مكانه في مجلس الرد: أنه إذا
(1) البدائع: 205/ 5.