الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جاز بيعه عندهم. وأما فقهاء المالكية والشافعية والمشهور عند الحنابلة: فلا يجيزون بيع النجاسات؛ لأن جواز البيع يتبع الطهارة، فكل ما كان طاهراً، أي مالاً يباح الانتفاع به شرعاً يجوز بيعه عندهم.
5 - بيع العربون:
في العربون ست لغات أفصحها فتح العين والراء، وضم العين وإسكان الراء. وعربان بالضم والإسكان، وهو أعجمي معرب، وأصله في اللغة: التسليف والتقديم.
وبيع العربون: هو أن يشتري الرجل شيئاً، فيدفع إلى البائع من ثمن المبيع درهماً، أو غيره مثلاً، على أنه إن نفذ البيع بينهما احتسب المدفوع من الثمن، وإن لم ينفذ، يجعل هبة من المشتري للبائع (1). فهو بيع يثبت فيه الخيار للمشتري: إن أمضى البيع كان العربون جزءاً من الثمن، وإن رد البيع فقد العربون، ومدة الخيار غير محددة بزمن، وأما البائع فإن البيع لازم له.
قال بعض الحنابلة (2): لابد أن تقيَّد فترة الانتظار بزمن محدد وإلا فإلى متى ينتظر البائع؟
واختلف فيه العلماء، فقال الجمهور: إنه بيع ممنوع غير صحيح، فاسد عند الحنفية، باطل عند غيرهم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع العربان (3) ولأنه من باب
(1) يلاحظ أن هذا البيع وإن كان فاسداً بحسب قواعد الحنفية، لأن الفساد يرجع للثمن، إلا أني ذكرته في أنواع البيع الباطل، لأن الغالب بقاؤه على الفساد فيصبح باطلاً، ولأن فيه غرراً.
(2)
غاية المنتهى: 2 ص 26.
(3)
هذا حديث منقطع رواه أحمد والنسائي وأبو داود وهو لمالك في الموطأ، وفيه راو لم يسم، وسمي في رواية، فإذا هو ضعيف، وفيه طرق لاتخلو عن مقال، وهو مروي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وفسر الإمام مالك بيع العربان، فقال:«هو أن يشتري الرجل العبد أو الأمة أو يكتري، ثم يقول للذي اشترى منه أو اكترى منه: أعطيتك ديناراً أو درهماً على أني إن أخذت السلعة فهو من ثمنها وإلا فهو لك» (انظر سبل السلام: 3 ص 17، نيل الأوطار: 5 ص 153، الموطأ: 2 ص 151).
الغرر والمخاطرة وأكل المال بغير عوض، ولأن فيه شرطين فاسدين:
أحدهما ـ شرط الهبة، والثاني ـ شرط الرد على تقدير ألا يرضى، ولأنه شرط للبائع شيئاً بغير عوض، فلم يصح، كما لو شرطه لأجنبي، ولأنه بمنزلة الخيار المجهول، فإنه اشترط أن يكون له رد المبيع من غير ذكر مدة، فلم يصح، كما لو قال: ولي الخيار متى شئت رددت السلعة ومعها درهماً. وهذا هو مقتضى القياس (1).
وقال أحمد بن حنبل: لا بأس به ودليله ما أخرجه عبد الرزاق في مصنفه من حديث زيد بن أسلم أنه «سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العربان في البيع فأحله» (2) وما روي فيه عن نافع بن عبد الحارث: «أنه اشترى لعمر دار السجن من صفوان بن أمية بأربعة آلاف درهم، فإن رضي عمر، كان البيع نافذاً، وإن لم يرض فلصفوان أربع مئة درهم» . وضعف أحمد الحديث المروي في بيع العربان، وقد أصبحت طريقة البيع بالعربون في عصرنا الحاضر أساساً للارتباط في التعامل التجاري الذي يتضمن التعهد بتعويض ضرر الغير عن التعطل والانتظار (3).
وفي تقديري أنه يصح ويحل بيع العربون وأخذه عملاً بالعرف؛ لأن الأحاديث الواردة في شأنه عند الفريقين لم تصح. وهذا هو قرار مجمع الفقه الإسلامي في دورته الثامنة في بروني في غرة المحرم 1414هـ.
(1) بداية المجتهد: 2ص161، الشرح الكبير للدردير: 3ص63، القوانين الفقهية: ص258، مغني المحتاج: 2ص39، نيل الأوطار: 5ص153، المنتقى على الموطأ: 4ص157، شرح المجموع للإمام النووي: 9ص368.
(2)
حديث مرسل وفي إسناده إبراهيم بن أبي يحيى وهو ضعيف (نيل الأوطار: 153/ 5).
(3)
المغني: 4 ص 232، انظر مصادر الحق للسنهوري: 2ص96 ومابعدها، المدخل الفقهي للأستاذ مصطفى الزرقاء: ف 234. وكذلك صحح الحنابلة الإجارة بالعربون (راجع غاية المنتهى: 2ص26).