الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالقدر المسمى من الثمن، فلا يلزم بدونه، ويثبت له الخيار، لوجود الخيانة، كما يثبت الخيار بعد تحقق سلامة المبيع عن العيب (1).
ويلاحظ أن المفتى به عند الحنفية رفقاً بالناس: هوأنه يجوز رد المبيع أو الثمن على صاحبه بالغبن الفاحش إذا كان هناك تغرير من أحد العاقدين للآخر أو من شخص آخر أجنبي عنهما كالدلال ونحوه.
والمراد بالغبن الفاحش: هومالا يدخل تحت تقويم المقومين كزيادة ثلاثة بالعشرة مثلاً، وأما ما دونها فهو غبن يسير لا رد فيه، كما أنه لا رد إذا لم يوجد التغرير (2).
الإشراك:
والإشراك حكمه حكم التولية فيما ذكر، ولكنه تولية بعض المبيع ببعض الثمن. وتفصيل الكلام في القدر الذي تثبت فيه الشركة يعرف في المطولات (3).
المواضعة:
والمواضعة كما عرفنا: هي بيع بمثل الثمن الأول مع نقصان معلوم منه، وتطبق عليها شروط المرابحة وأحكامها (4).
بيع المرابحة للآمر بالشراء:
تسير المصارف الإسلامية المعاصرة على معاملة معينة أطلق عليها (بيع المرابحة للآمر بالشراء) باعتبارها بديلاً شرعياً عما تقوم به البنوك الربوية. وصورتها أن يتقدم شخص إلى المصرف راغباً مثلاً بشراء سيارة ذات مواصفات معينة أو شراء أجهزة مخبر أو أجهزة طبية أو آلات معمل معين،
(1) المبسوط: 86/ 13، البدائع: 225/ 5 ومابعدها، فتح القدير: 256/ 5، الدر المختار: 163/ 4.
(2)
الدر المختار ورد المحتار: 166/ 4 ومابعدها.
(3)
البدائع: 226/ 5.
(4)
المصدر السابق: ص 228.
فيشتري المصرف تلك الأشياء، ثم يبيعها لراغبها بثمن معين مؤجل لأجل محدد، يكون أكثر من الثمن النقدي.
وتكون العملية مركبة من وعدين: وعد بالشراء من العميل الذي يطلق عليه: الآمر بالشراء، ووعد من المصرف بالبيع بطريق المرابحة، أي بزيادة ربح معين المقدار أو النسبة على الثمن الأول (1).
وهذه العملية جائزة بدليل ما قال الإمام الشافعي رحمه الله في كتابه الأم: «وإذا أرى الرجل الرجل السلعة، فقال: اشتر هذه وأربحك فيها كذا، فاشتراها الرجل، فالشراء جائز، والذي قال: أربحك فيها بالخيار، إن شاء أحدث فيها بيعاً، وإن شاء تركه» (2). فأصل العملية جائز كما صرح الشافعي بشرط تسلم المصرف الشيء المشترى، أما الإلزام بالوعد فيمكن تقليد مذهب آخر فيه وهو المذهب المالكي إن ترتب على الوعد الدخول في التزام مالي معين، وهو رأي ابن شبرمة الذي يقول: إن كل وعد بالتزام لا يحل حراماً ولا يحرم حلالاً، يكون وعداً ملزماً قضاء وديانة. ولا يعد هذا ممنوعاً، وليس من التلفيق المحظور؛ لأن المسألتين قضيتان منفصلتان، ولا مانع من تقليد كل إمام في مسألة تختلف عن مسألة أخرى يؤخذ فيها بقول إمام آخر.
وأجاز المالكية أيضاً هذا النوع من التعامل، جاء في كتبهم:«من البيع المكروه: أن يقول: أعندك كذا وكذا تبيعه مني بدين؟ فيقول: لا، فيقول: ابتع ذلك، وأنا أبتاعه منك بدين، وأربحك فيه، فيشتري ذلك، ثم يبيعه منه على ما تواعدا عليه» (3).
(1) بيع المرابحة للآمر بالشراء للدكتور يوسف القرضاوي: ص 36.
(2)
الأم: 33/ 3، ط بولاق سنة 1321هـ، مصورة في الدار المصرية للتأليف والترجمة.
(3)
مواهب الجليل للحطاب: 404/ 4، ط دار الفكر في بيروت، البيان والتحصيل لابن رشد: 86/ 7 - 89.
وأقر العملية مؤتمران للمصارف الإسلامية، جاء في مؤتمر المصرف الإسلامي الأول في دبي سنة 1399هـ ـ 1979م: إن مثل هذا الوعد ملزم للطرفين قضاء طبقاً لأحكام المذهب المالكي. وهو ملزم للطرفين ديانة طبقاً لأحكام المذاهب الأخرى. وما يلزم ديانة يمكن الإلزام به قضاء، إذا اقتضت المصلحة ذلك، وأمكن للقضاء التدخل فيه.
وجاء في مؤتمر المصرف الإسلامي الثاني في الكويت سنة 1403هـ ـ 1983: يقرر المؤتمر أن المواعدة على بيع المرابحة للآمر بالشراء، بعد تملك السلعة المشتراة، وحيازتها، ثم بيعها لمن أمر بشرائها بالربح المذكور في الموعد السابق، هو أمر جائز شرعاً، مادامت تقع على المصرف الإسلامي مسؤولية الهلاك قبل التسليم، وتبعة الرد فيما يستوجب الرد بعيب خفي، وجميع الضمانات كالتأمين. ومنع البيع قبل القبض هو رأي الجمهور، وأجاز المالكية بيع غير الطعام قبل قبضه.
وأما بالنسبة للوعد وكونه ملزماً للآمر أو المصرف أو كليهما، فإن الأخذ بالإلزام هو الأحفظ لمصلحة التعامل واستقرار المعاملات، وفيه مراعاة لمصلحة المصرف والعميل، وأن الأخذ بالإلزام أمر مقبول شرعاً.
وليس هذا التعامل من البيعتين في بيعة المنهي عنه؛ لأن النهي كما ذكر الشافعي وارد على حالة كون القبول لإحدى البيعتين مبهماً أو معلقاً أو مجهولاً، فإن عيّن المشتري إحدى البيعتين جاز، أو أن النهي وارد على حالة اشتراط بيعة أخرى، كأن يقول: بعتك منزلي على أن تبيعني فرسك.