الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والجبن والسَمْن وعصير الأشياء المختلفة، كلها أجناس مختلفة باختلاف أصولها. ودقيق الحنطة ودقيق الشعير جنسان، وكذا أنواع الزيوت من الزيتون والقطن، والأدهان من السمك والشَّيْرج والبزر ونحوها: أجناس مختلفة.
5 - مذهب الظاهرية:
قال الظاهرية وأبو بكر بن الطيب: الربا غير معلل، وهو مخصص بالمنصوص عليه فقط (1)، وذلك لأنهم ينكرون القياس، وقد بين الشارع أن الربا يجري في الأصناف الستة، فيبقى ما عداها على الأصل وهو الإباحة.
و
الخلاصة:
أن العلة في تحريم التفاضل في الطعام عند الحنفية والحنبلية الكيل والوزن، وعند مالك الاقتيات والادخار، وعند الشافعي: الطعمية.
وأما جواز الزيادة في غير النقدين والمطعومات عند المالكية والشافعية أو غير المكيل والموزون عند الحنفية والحنابلة فلأَنها لا تمس حياة الناس الضرورية، سواء في أقواتهم أم في نشاطهم الاقتصادي، إذ أن الطمع في الربح لا يؤدي إلى إلحاق الضرر الكبير بهم.
ترجيح:
قال ابن رشد المالكي: ولكن إذا تؤمل من طريق المعنى ظهر ـ والله أعلم ـ أن علة الحنفية أولى العلل وذلك أنه يظهر من الشرع أن المقصود بتحريم الربا: إنما هو لمكان الغبن الكثير الذي فيه، وأن العدل في المعاملات إنما هو مقاربة التساوي، ولذلك لما عسر إدراك التساوي في الأشياء المختلفة الذوات، جعل الدينار
(1) راجع المحلى لابن حزم: 468/ 8.
والدرهم لتقويمها (أعني تقديرها) ولما كانت الأشياء المختلفة الذوات (أعني غير الموزونة والمكيلة كالثياب): العدل فيها إنما هو في وجود النسبة أعني أن تكون نسبة قيمة أحد الشيئين إلى جنسه كنسبة قيمة الشيء الآخر إلى جنسه، فإذن اختلاف هذه المبيعات بعضها ببعض في العدد واجب في المعاملة العدلة، والعدل في المكيلات والموزونات إنما هو بوجود التساوي في الكيل أو الوزن (1). إلا أن هذا الرأي وسع كثيراً من نطاق دائرة الربا باجتهاد لا يؤيده العقل والنقل.
ورجح ابن القيم مذهب الإمام مالك في أن علة الربا هي القوت والادخار فيما يتعلق بغير النقدين. وأما النقدان فالعلة فيهما الثمنية كما قال الشافعية، إذ لو كان النحاس والحديد رِبَويين لم يجز بيعهما إلى أجل بدراهم نقداً، فإن ما يجري فيه الربا إذا اختلف جنسه جاز التفاضل فيه دون النَّساء أي التأخير.
وأيضاً فالتعليل بالوزن ليس فيه مناسبة، بخلاف التعليل بالثمنية، فإن الدراهم والدنانير أثمان المبيعات، والثمن هو المعيار الذي به يعرف تقويم الأموال، فيجب أن يكون محدوداً مضبوطاً لا يرتفع ولا ينخفض، حتى لا تفسد معاملات الناس، ويقع الاختلاف، ويشتد الضرر، فلا تكون الدراهم والدنانير مجالاً صالحاً للتجارة (2).
ورجح الأستاذ الدكتور عبد الرزاق السنهوري مذهب الشافعي في علة الربا، لأنه نظر إلى اعتبار اجتماعي اقتصادي، فنفذ بذلك إلى لب الموضوع ووقف عند المعنى البارز الذي ينبغي الوقوف عنده. أما اعتبار الحنفية فهو اعتبار منطقي أقرب إلى الشكل منه إلى الجوهر (3).
(1) بداية المجتهد: 131/ 2.
(2)
أعلام الموقعين: 137/ 2.
(3)
مصادر الحق: 184/ 3.