الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صاحبه، فيقع المقبوض في أيديهما جميعاً، أو يصل إلى الموكل؛ لأن المقصود بالقبض قد حصل، فكأنهما قد قبضاه من ابتداء الأمر (1).
قبض الشيء معيبا ً:
لو أن الوكيل بقبض الدين قبضه، فوجده معيباً، فما كان للموكل رده فله رده، وأخذ بدله، لأنه قائم مقام الموكل، فهو يملك قبض حقه أصلاً ووصفاً، فكذا الوكيل (2).
ادعاء الوكالة عن الغائب في قبض الدين:
إذا ادعى إنسان أنه وكيل فلان الغائب في قبض دينه، فصدقه المدين، أمر بتسليم الدين إليه (3)؛ لأن تصديق المدين إياه معناه: أنه أقر بالدين على نفسه، ومن أقر على نفسه بشيء أمر بتسليمه إلى المقر له.
وحينئذ إذا حضر رب الدين الغائب، فصدق مدعي الوكالة بأنه وكيله، فبها ونعمت، وإن لم يصدقه، فهناك ثلاثة أوجه:
أحدها: إن صدق المدين مدعي الوكالة، ودفع الدين إليه، فإنه يدفع إلى الدائن دينه مرة أخرى؛ لأنه إذا أنكر الوكالة، لم يثبت للدائن استيفاء حقه، والقول في إنكار الوكالة قول رب الدين مع يمينه؛ لأن الدين كان ثابتاً، والمدين يدعي أمراً عارضاً وهو سقوط الدين بأدائه إلى الوكيل، ورب الدين ينكر الوكالة، ومن المعروف أن القول قول المنكر مع يمينه، وإذا لم يثبت الاستيفاء يفسد الأداء إلى مدعي الوكالة، وحينئذ يجب الدفع ثانية إلى رب الدين؛ لأن أداء الدين واجب على المدين، ثم يرجع المدين بما دفعه ثانياً على مدعي الوكالة إن كان المال باقياً في
(1) تكملة فتح القدير، المرجع السابق: ص 86 ومابعدها.
(2)
البدائع، المرجع السابق.
(3)
أي إلى مدعي الوكالة .....
يده؛ لأن غرض المدين من الدفع إلى الوكيل براءة ذمته من الدين، ولم تحصل تلك البراءة، فيحق للمدين أن ينقض قبض الوكيل. وإن كان ما دفعه إليه، ضاع في يده، لم يرجع المدين على الوكيل؛ لأن المدين بتصديق الوكيل اعترف أن الوكيل محقّ في القبض، والمحق في القبض لا رجوع عليه، ولأن المدين بتصديقه اعترف أنه مظلوم في أخذ الدين مرة ثانية، والمظلوم لا يظلم غيره.
ولكن إذا قال مدعي الوكالة: إني وكيل فلان الغائب بقبض الوديعة التي عندك، فصدقه الوديع، لم يؤمر بالتسليم إليه؛ لأنه أقر له بمال الغير، بخلاف الدين، لأن الدين حق شخصي ثابت في الذمة، فيلزم المدين إذا صدق المدعي بتسليمه الدين عملاً بإقراره، أما في حالة الوديعة فلا يلزم بتسليمها إلى مدعي الوكالة؛ لأن حق المودع فيها حق عيني، وهو الملكية المتعلقة بعينها، فلا يعمل بإقراره لمساسه بحق الغير. أما الدين فيقتصر أثر الإقرار فيه على المقر فينفذ.
والثاني: إن صدق المدين مدعي الوكالة وضمنه عند الدفع بأن يقول له: اضمن لي ما دفعته عن الدائن، حتى لو أخذ مني الدائن ماله آخذ منك ما دفعته إليك، فإن المدين يرجع على الوكيل حينئذ بما دفعه له أولاً؛ لأن الذي أخذه الدائن منه مرة ثانية ضامن له في زعم الوكيل والمدين؛ لأن الدائن في نظرهما يعتبر غاصباً فيما يقبضه ثانياً. وكأن هذا يعتبر كفالة من مدعي الوكالة كما لو قال:«أنا ضامن لك ما يقبضه منك فلان» ، وهذه الكفالة صحيحة؛ لأنها كالكفالة المضافة إلى وجوب شيء في المستقبل على المكفول عنه، أي بما يجب على إنسان في المستقبل.
والثالث: إذا كذب المدعي مدعي الوكالة، أو لم يصدق ولم يكذب ومع ذلك دفع الدين إليه على ادعائه، فإن رجع صاحب المال على المدين، رجع المدين على الوكيل، لأنه إذا كذبه، صار الوكيل في حقه، بمنزلة الغاصب، وللمغصوب